للمرة الثالثة، صار عسكر اكايف رئىساً لجمهورية قرغيزيا الواقعة في شمال شرقي آسيا الوسطى. وأعلن امس ان 74 في المئة من الناخبين "جددوا البيعة" للرئىس الذي تعلم لغة بلاده حديثاً فيما طعن قادة المعارضة بالنتائج. واعترفت النيابة العامة ان قسائم اقتراع لمصلحة اكايف وضعت في الصناديق، قبل بدء الانتخابات. ولم يكن يساور احداً الشك في ان اكايف سيتفوق على منافسيه الستة، خصوصاً بعدما منعت لجنة الانتخابات المركزية تسجيل ستة مرشحين آخرين شطبت اسماء عدد منهم لأنهم "لا يحسنون" اللغة القرغيزية. وكان ادخل بند في هذا الشأن الى الدستور باصرار المعارضة. واضطر اكايف الذي كان امضى غالبية حياته في روسيا الى الانكباب اخيراً على دراسة القرغيزية وتقديم امتحان الى لجنة شكلت لاختبار المرشحين. وبحسب ارقام اعلنت رسمياً، حصل اكايف على 5،74 من الاصوات، متقدماً بأشواط على منافسيه الذين حصل اوفرهم حظاً على 13 في المئة. الا ان النيابة العامة بدأت تحقيقاً اثبت ان رئىس لجنة الاقتراع في واحدة من الدوائر في العاصمة بيشكيك وضع 668 قسيمة لمصلحة المرشح الاقوى. وقال انه فعل ذلك بعد تلقيه تهديدات موجهة له شخصياً ولأفراد عائلته. واعلن وفد منظمة الامن والتعاون في اوروبا ان الانتخابات "لا تتجاوب مع الالتزامات بالاقتراع الديموقراطي" وأشار اعضاء الوفد الى ضغوط مورست على الناخبين والى تدخل السلطات التنفيذية في اعمال اللجان الانتخابية وانحياز وسائل الاعلام لواحد من المرشحين. وكل هذه من "مواصفات" الانتخابات في جميع جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، الا انها تتخذ طابعاً واضحاً، ان لم يكن "فاضحاً" في عدد من جمهوريات آسيا الوسطى حيث ظل الرؤساء "ثابتين" منذ العهد السوفياتي. ويقتدي اكايف بجاره الرئىس الكازاخي نور سلطان تزاربايف الذي يتمتع بهيبة واسعة، لكن معارضيه يتحدثون عن اسلوب الحكم الفردي في كازاخستان. وتوقفت العلاقة بين الرجلين بعدما تزوج ابن اكايف من ابنة نزار بايق، فقام تحالف عائلي سياسي مهم في المنطقة. وكان اكايف، وهو عالم معروف في الرياضيات والآلات الحاسبة، دأب منذ توليه الرئاسة لأول مرة عام 1991 على اتباع سياسة "التقرب من القوي". وعلى رغم انه لم يقطع العلاقات مع موسكو لكنه بدأ يتقرب الى الغرب خصوصاً وانه كان بحاجة الى حقن مالية. فجمهورية قرغيزيا يسكنها 8،4 مليون نسمة يتوزعون على 5،198 ألف كيلومتر مربع غالبيتها من الاراضي البور. وتوجد فيها كميات محدودة من الثروات الطبيعية أهمها الذهب الا ان مردوده غالباً ما كان "يتسرب" من دون ان يسهم في رفع المستوى المتدني جداً للمعيشة في قرغيزيا. وتمكن اكايف من الجلوس على "الكرسي الغربي" من دون ان يضيع "الكرسي الروسي". وانتمى الى اتحاد جمركي خماسي يضم روسيا وقرغيزيا وكازاخستان وبيلاروسيا وطاجكستان. وعقد اخيراً سلسلة تحالفات مهمة مع موسكو بعدما واجه تحركاً لقوى اسلامية في المناطق الجنوبية التي تسكنها غالبية اوزبكية. وعلى رغم اعتراض الاوروبيين فإن علاقات الغرب مع بيشكيك لن تتأثر كثيراً لسبب "تافه" مثل لا ديموقراطية الانتخابات.