مع دخول حرب القدس شهرها الثاني امس، بدا ان المواجهات الدموية انحسرت، لكن بياناً لحركة "فتح" دعا الى تصعيد الانتفاضة، فيما كان متوقعاً ان يلتقي رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك مجدداً زعيم ليكود ارييل شارون لاستكمال المشاورات في شأن تشكيل "حكومة طوارئ". ونقلت وكالة "رويترز" عن النائب مائير شتريت من ليكود قوله ان الهوة بين الرجلين تتقلص و"اتفقا على أربع من ست نقاط". في الوقت ذاته، اتهم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير السيد محمود عباس أبو مازن حكومة باراك بالتعاطي مع عملية السلام "كعملية مساومة تجارية"، واكد في حديث الى "الحياة" ان جميع المعتقلين من "حماس" الذين اطلقوا بسبب القصف الاسرائيلي عادوا الى السجن، فيما اكد وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث ل"الحياة" ان الرئيس ياسر عرفات لن يشارك في اي قمة مع باراك في واشنطن. وكشف ان القيادة الفلسطينية سترجئ اعلان الدولة في 15 تشرين الثاني نوفمبر المقبل و"ستعلنها قبل 24 ساعة فقط من قيامها". وقال "أبو مازن" في حديث الى "الحياة" نصه في ص 5 في موسكو، حيث التقى وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف، انه لا يستبعد تلبية الفلسطينيين دعوة الرئيس الاميركي بيل كلينتون الى اجتماع في واشنطن. واستدرك ان الدعوة "لم يحدد موعدها وظرفها، وسمعنا انها لن تنفذ الا عندما تهدأ الاحوال" بين الفلسطينيين والاسرائيليين. وأضاف ان القمة ربما عقدت الاسبوع المقبل "ولكن حتى هذا الموعد سيكون صعباً، اذ ان القمة الاسلامية ستعقد في 12 تشرين الثاني نوفمبر ثم تجرى الانتخابات الرئاسية الاميركية". وذكر "أبو مازن" ان الفلسطينيين قالوا في قمة شرم الشيخ ان "الاحتكاك والاصطدام والمواجهة يمكن ان تنتهي اذا عادت القوات الاسرائيلية الى المواقع التي كانت فيها قبل 28 ايلول سبتمبر ورفعت الحصارات الداخلية والخارجية". وسئل هل هناك اي تنسيق أمني، ميداني على الاقل، مع الاسرائيليين فقال: "مثل هذا التنسيق متوقف، لكن ذلك لا يعني ان الأمور فالتة، فنحن نتحمل مسؤوليتنا سواء وجد التنسيق أم غاب". ورداً على سؤال عن اطلاق سجناء "حماس" أوضح ان السلطة الفلسطينية اضطرت الى اطلاقهم من سجن تعرض للقصف "وعندما انتهى القصف عادوا جميعاً من دون استثناء الى السجن". وعن القمة العربية التي عقدت في القاهرة، قال "أبو مازن" ان العرب "قدموا لنا الدعم السياسي الكامل وشكلوا لجنة متابعة وفتحوا صندوقين للقدس والشهداء ... ونحن ممتنون للقادة العرب". وهل يرى ان ما يجري من مواجهات هو انفجار الغام كانت مزروعة في اتفاقات اوسلو، أجاب: "ما عملناه كان بداية جيدة والمشكلة ليست في اتفاقات اوسلو بل في تطبيقها وفي النظرة الاسرائيلية اليها". واشار الى ان رئيسي الوزراء الاسرائيليين السابق والحالي ضيعا ثلاث سنوات ثم سنة ونصف سنة من مدة تنفيذ الاتفاقات، مشدداً على ان "حكومة باراك تقوم بمحاولات لتعطيل عملية السلام التي ينظرون اليها كعملية مساومة تجارية وليس على انها عملية استراتيجية". لا قمة ثلاثية في أبوظبي قال الدكتور نبيل شعث في حديث الى "الحياة" ان الرئيس ياسر عرفات سيذهب الى واشنطن اذا دعاه الرئيس كلينتون "لكنه لن يشارك في أية قمة ثلاثية تجمعه مع باراك". وتابع شعث الذي سلم الى الشيخ خليفة بن زايد ولي عهد أبوظبي رسالة من القيادة الفلسطينية: "لن نقبل بغير دولة مستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلت في 5 حزيران يونيو 1967". ونبه الى ان القيادة الفلسطينية سترجئ اعلان الدولة في 15 تشرين الثاني و"ستعلن الدولة قبل 24 ساعة فقط من قيامها، لعدم اعطاء اسرائيل موعداً جديداً يمكنها استغلاله". واعتبر شعث الذي سينتقل من أبوظبي الى الرياض للقاء ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ان "السعودية والامارات تشكلان الانطلاقة لتنفيذ قرارات القمة العربية" الأخيرة. حكومة الطوارئ وعلى صعيد المشاورات الجارية لتشكيل "حكومة طوارئ" في اسرائيل اجمع المعلقون السياسيون في الدولة العبرية على ان باراك وشارون اللذين يريان في رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو خصمهما الأول، يعملان لتحقيق اتفاق بينهما لتشكيل تلك الحكومة كي يتجنبا نهاية حياتهما السياسية. واظهر استطلاع للرأي اجري لحساب صحيفة "معاريف" انه لو اجريت انتخابات اليوم لفاز نتانياهو ب47 في المئة من اصوات الناخبين في مقابل 30 في المئة لباراك. ودل استطلاع آخر ل"ايديعوت احرونوت" على ان الفارق بينهما سيكون 12 في المئة لمصلحة نتانياهو. واعرب النائب الليكودي مئير شتريت بعد لقائه نائب رئيس الحكومة بنيامين بن اليعازر أول من امس عن اعتقاده أن باراك وشارون قادران على تقليص هوة الخلاف بينهما لتشكيل حكومة "وحدة وطنية"، فيما رأى احد المعلقين ان باراك لا يستعجل الاتفاق بعدما طمأنه زعيم حركة "شاس" ايلي ييشاي الى ان حزبه 17 نائباً سيمنحه "شبكة أمان" ولن يصوت الى جانب ليكود على مشروع قانون لتقديم موعد الانتخابات العامة. ليل القصف ميدانياً، انحسرت المواجهات نسبياً في الأراضي الفلسطينية بعد ليلة ساخنة قصفت اسرائيل خلالها بلدة بيت جالا ومدينة اريحا بقذائف طائرات هليكوبتر ودبابات. وانشغل الفلسطينيون أمس بدفن شهدائهم وسط هتافات تدعو "حزب الله" الى "تفجير تل ابيب". واندلعت مواجهات محدودة في قطاع غزة حيث اصيب 34 فلسطينيا بالرصاص، اصابات ثلاثة منهم خطرة. ولوحظ ان الفلسطينيين فتحوا جبهة جديدة في المواجهات في قطاع غزة هي معبر كارني. وكان متظاهرون احرقوا دبابة اسرائيلية مساء اول من امس بعد قذفها بقنبلة حارقة. ودعت حركة "فتح" الى "مواصلة الانتفاضة وتصعيدها وتعزيز الوحدة الداخلية ورفع درجة الاستعداد الوطني". واضافت في بيان: "يجب ان تكون فتح في طليعة الشعب في مواجهاته ضد الاحتلال الاسرائيلي". كذلك دعا الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله الفلسطينيين الى استخدام السلاح في مواجهة اسرائيل، مشدداً على "ان اهم نوع من العمليات في مواجهة الصهاينة هو العمل الاستشهادي". وقال: "لا يجوز ان يبقى السلاح المتاح للفلسطيني هو الحجر".