كانت مجموعة من الأرانب تحيا حياةً سعيدةً بالقرب من غابةٍ جميلةٍ تخلو من الأخطار. وفي صباح أحد الأيّام، أفاقت الأرانب من نومها، وتأهّبت للبحث عن طعامٍ، ولكنَّ الأرنب ذا الفراء الأبيض صاح: "لن أشتغل، فالشمس حارّةٌ، وسيُؤذي نورها فرائي الأبيض، وسيُشوِّه جماله". وكانت تلك الأرانب رماديَّة الّلونِ عدا أرنبٍ واحدٍ كان أبيض الفراء، متعجرفاً، مُعجباً بنفسه. قال أرنب من الأرانب: "ولكنَّك ظللت طوال أسابيع تأكل من الطّعام الذي نتعب في جمعه من دون أن تشتغل". قال الأرنب الأبيض: "ما هذا الكلام الغريب؟! من واجب الأرانب كافّة أن تفخر بي بدلاً من توجيه التّوبيخ إليَّ". ابتعدت الأرانب الرَّماديّة عن الأرنب الأبيض، وتشاورت، واتّخذت قراراً اعتقدت أنّه سيؤَدّب ذلك الأرنب الأحمق الطّائش الذي يظنّ أنّ فراءه الأبيض يمنحه الحقّ في أن يأكل ولا يشتغل، ثمّ ذهبت إلى الغابة، وبدأت التّفتيش عن طعام. عادت الأرانب من الغابة حالمةً ما عثرت عليه من طعام. ولمّا أراد الأرنب الأبيض أن يُشارك الأرانب طعامها، رفضت قائلةً: "من لا يشتغل لا يأكل". غضب الأرنب الأبيض، وأعلن أنّه سيهجر رفاقه الأرانب، وسيقصد قريةً قريبةً لا بُدَّ من أنّ أهلها سيُقدِّرون فراءه الأبيض، قصاحت الأرانب بخوفٍ: "ولكنَّ أهل القرية مغرمون بصيد الأرانب". قال الأرنب الأبيض: "أنت مخطئة، وسيبلغكنَّ غداً أنَّ أهل القرية اختاروني ملكاً عليهم. هجر الأرنب الأبيض رفاقه الأرانب، وسار نحو القرية، ولم يكفَّ في أثناء سيره عن لوم رفاقه واتّهامهم بالحسد. وعندما بلغ الأرنب الأبيض القرية، وشاهده أهلها، سارعوا إلى مطاردته، فبادر إلى الهرب والركض بسرعةٍ، وعاد إلى الغابة حيث رفاقه الأرانب. قالت الأرانب الرّماديّة للأرنب الأبيض: "هل صرت ملكاً على القرية وجئت لتتباهى علينا؟!". قال الأرنب الأبيض: "لقد جئت لأشتغل كما تشتغلون، واقتنعت أنّ العمل أفضل من أن أصبح طعاماً لأهل القرية". وفي صباح اليوم التّالي: كان الأرنب الأبيض أوّل من قصد الغابة باحثاً عن طعام.