يتوقف بنا الانجليزي جون فيلبي أثناء توغله في الربع الخالي عند طائر الرخ العربي الذي يتردد اسمه في الملاحم العربية ..ذلك الطائر العملاق الشبيه بالنعام الذي انقرض منذ مئات السنين ولم يبق اثرا الا قشور البيض في صحراء الربع الخالي والتي التقطها الرحالة ليحملها معه إلى مختبرات انجلترا مشيرا إلى ان النعام العربي اختفى حينها من الربع الخالي ولم يبق منه الا القليل في شمال الجزيرة وقبل ذلك دون لنا مشاجرة طريفة بين اثنين من أعضاء رحلته فالح العرجاني والدليل سالم.. (الطربيل) الذي قال عنه : بعد ذلك وجدت في روحه البدائية الفظّة رفيقا جذابا لتلبية فضولي . لقد كان أكبر الرفاق سنا وله خبرة طويلة في الصحراء، عرك حياتها وعرف مسالكها. كما لم يكن ولعا بالنساء ولكن كان أكولا نهما كرفاقه . (نعم والله) قال فالح العرجاني الذي ركب معنا وبعض الآخرين ونحن نتناقش في هذه الامور المهمة، انه ما نسميه من نوع (الطرابيل) الذي ليس لديه قدرة على النساء. سألته هل هذا صحيح يا سالم ..؟؟ فأجاب بكل وقار : أبو جعشه يتحدث في الهواء وعقله في بطنه أو ما تحته . ولكنني لست كما كنت ولكن الله كريم . فقد كان مثل الآخرين في تطفله وأكله الكثير وهذا عزاء وسلوى لمن في سنه الكبير . جاء حميد بأول مفاجأة سارة في يومنا الاول، اذ عثر على شظايا بيض نعام على الرمال، واتفق الجميع أن البيضة وضعت وفقست في موضعها الطبيعي، ولكن كان ذلك بالتأكيد من فترة طويلة لأنه يعتقد بأن النعام قد انقرض نهائيا من هذا المكان . قال علي لم أر نعاما أبداً لكن والدي وهو طاعن في السن كان يصطادها في هذه الصحراء، وقد يكون ذلك منذ اربعين سنة وقد عثرنا في اماكن عديدة في الصحراء على شظايا من قشرة تفقيس حديث وأخرى صقلتها الرياح والرمال ربما تمثل بقايا من عصور ما قبل التاريخ، لأن الدكتور (لو) من المتحف البريطاني قد اكتشف بين المجموعة التي احضرتها معي شظية يعزوها ليس للنعام العادي انما إلى سليل قديم يقال له (السامورنيس) أو طائر الرخ نفسه الذي يرد ذكره في الملاحم العربية . ووجدنا في وسط الصحراء لا حقا قشرة أخرى مهشمة ولكنها مكتملة . فمن الذي يستطيع أن يجزم بأن النعام لا يزال يعيش في معازل بعيدة في هذه الصحراء، قد لا يوجد دليل على ذلك، اذ لا يوجد النعام الآن الا في شمال شبه الجزيرة العربية فقط حيث ما زال يصارع من أجل الحياة ضد تفوق البيئة والانسان معاً كانت الارانب اضافة لذيذة لقائمة طعام الافطار وقدمت كحساء كان رفاقي يغمسون التمر فيه ويلتهمونه وكان الجلد من نصيبي . ولكن رفاقي لم يكونوا راضين عن حساسيتي الشديدة تجاه ما قدموه من أكل اذ رفضت أكل لحم الارانب وأحشائها. وقال أحدهم ربما يرى أكل الارنب حراما كبعض العرب وقال آخر لا .. ربما ترك لنا اللحم لنشبع ولكن كان علي أن أشاركهم في أكل الارانب تحت وطأة الجوع بعد اسابيع قليلة لاحقة.