لأننا نحب اطفالنا. نحب كل اطفال العالم. لا نميّز في الحب بين طفل أسود، اسمر، أبيض او أشقر. ولا نسأل حين تخطفنا الابتسامة البريئة لطفل مشاغب، يتسلق كتف أبيه عن الهوية التي يحملها. يسبقنا القلب قي القرار. يطير نحو الطفل. يعانقه كما تعانق الفراشة الضوء. فنرى في عينيه طفلنا الذي نعشق. ونستعيد في ضحكته رنين الضحكة الأولى. فيرسم الفرح حولنا باقات ورود بالوان قوس قزح. نتجرأ ونلمس اصابعه ليسري في عروقنا دفء الحياة. ويضمرنا الحب. يلوّن عيوننا. يأسرنا حتى اصغر خليّة فينا. ونعترف أنه الهدية الاثمن، والحب الاكبر، والأمل الذي يضيء لنا الطريق. ولأننا نحب اطفالنا جداً. نحب لأجلهم الحياة. ونرسمها شمساً وقمراً. وسماء صافية بلا غيوم. ونرفض جداً ان تعبث بها ريح. او تتسلل اليها غيمة. ونغضب جداً من ذرة الغبار حين تجرّح ريف العين وتنتزع منها الدمعة. وككل الآباء والامهات في العالم. لا ننام حزناً، قلقاً، وخوفاً. كلّما أرّق السهر عيونهم الصغيرة. ابكاها الوجع، أو احزنتها صدمة الأكتشاف. وككل اطفال العالم. اطفالنا رائعون جداً. ويستحقون الحياة. ولأننا نحبهم جداً. نحب لاجلهم اطفال العالم كيفما كانوا. واينما كانوا. ولا نجرؤ ان نرشقهم بوردة. ونعجب جداً، ونسأل ولا نفهم، كيف يغسل دم اطفالنا وجه العالم ولا يثور او يغضب. غسل دم سارة ومحمد وجوه الآباء والامهات في العام! ومحمد طفل رائع جداً ككل اطفال العالم. وسارة الطفلة الاجمل بين اطفال العالم. محمد وسارة حلم وطن اغتيل على عتبة الصباح. سقط الحلم مضرجاً بدمائهما الوردية الزاهية. وبقيت صرخة الوجع سكيناً مغروزة في صدر الأب، قلب الأم، وفي كفّ مرسوم عليها وجهاً سارة ومحمد ووجوه حلوة كثيرة لأطفال من فلسطين! وبقي السؤال معلّقاً على الشفاه بلا جواب! ومع هذا فنحن نحب اطفال العالم لأننا نحب اطفالنا جداً، ونرفض ان يرشقهم احد ولو بوردة. * كاتبة فلسطينية.