عند النهر العابر من قلب الحياة كان يجلس يجمع الماء بين يديه ليشرب منه وبعد أن يروي أعماقه، يمسح على وجهه بعطر كان يتعلق بصدره، هناك بقي يبتسم للأنهار المتدافعة من الحياة فيما بقي يهمس للصفاء بمعزوفة المرأة تلك السرمدية التي لا تستطيع الحواس الخمسة أن تلمسها.. في عينيه لمحت هدوءاً ممتداً، وبين أصابع عمره قرر أن يشبع قلبه بحب «الله» الذي طهره من الشياطين التي تستحم بالمستنقعات فلا تشبع من ذلك الزيف.. مؤلم هو الجرح عندما تكون الروح بشفافية الماء يكتب فيتحول إلى طائر فر من الغموض إلى ذاكرة لاتشبع من لغة الحب، بتلك الحرية كان يتجول في أرض شاسعة من الصمت ولكن ليس بنصف أمل بل بكل امتلاء الدنيا التي خبرها منذ الطفولة.. حينما كانت أمه تودعه كل صباح بعد أن تهديه حرز الحب ليطرد عنه السواد.. منذ تلك اللحظة فهم بأن النمرود الذي يخشى الموت على يد الشجاع قد يموت من جناح ذبابة.. وبأن مقاعد الحياة تختصر في مقعد واحد ولكنه واسع ومتعدد المساند، ثم تعلم كيف يضحك من قلبه ليمحو السواد وكيف يضحك عليه ليهرب من هزائمه.. نعشق لأننا نحب الحياة ونكره النوم في العتمة هنا حدثته عن الآلام التي تغزوا الروح لتتلفها كما تتلف أفعى عش الطيور، جئت له بالعشق الذي يدخل في قلبه «الندية» فيفشل ويموت لأن أحدهم لم ير من كل ذلك سوى «الأنا» الطاغية.. فقال لي «أبو الريش» ذلك الحب لا يمكن أن يعيش لأنه لايلون الفراشات « .. أسأله « هل يعود المحبوب عن قراره في الحب « .. فينظر إلى تلك التجربة المؤلمة ليصر بقوله « ماعاش رأس لو رجع في كلامه « ينظر إلى السماء ليهمس « الجروح تكون أكثر وجعا حينما تكون الروح بشفافية الماء.. ونحن من نصنع الصقور والنعام وعلينا فقط أن ننظف الوعاء.. الروائي والشاعر والإعلامي الإماراتي «علي أو الريش».. يدخل المكشوف «ليخرج من الأسئلة بسلام كبير لايمكن أن تزعزعه الشكوك .. يقول لي «عشت حياتي وأنا حر ولم أحب يوما أن أعيش في عتمة العشق.. فإشعال الشموع كان دائما مصيري» وفي قلبي خلق الحب الذي يبرق كالماسة الثمينة التي يزينها الإثار والصفاء والوئام.. يصمت قليلاً.. ليتفرس بالمكشوف ثم يقول لها «لم أعد أتعب.. فذلك الشاعر الذي اعتاد على الخربشة.. كبر.. فنسي».. ما أصعب المقاعد عندما تمنع الهواء وتغتال الفرح المطلوب جروح غامضة: * نمرر أصابعنا على ندبات القلب.. نعرف الوجع جرحاً جرحاً.. نسمع في الصمت كل الضجيج وعند التجارب والقصص كم تعلقنا بالأمل والأحلام.. هل تعرفت على أوجاع وجروح قلبك بعد طول هذه التجربة في الحياة ؟ أين تجد الأحلام ؟ - لا يوجد في القلب مكان لجرح واضح الملامح والمعالم، وإنما ما يستقر في تلك الضفة الغائرة في الصدر منطقة سائلة بلا تضاريس، ما يجعل الألم أشبه بكائن أسطوري نعرفه ولا نعرف تاريخ حدوثه، أو مكان حدوثه وحقيقة الأحلام، مثل بقعة زئبقية في قاع وعاء أملس، كلما حاولت الإمساك بأطرافه الشفافة، كلما ارتجفت الذاكرة مذعورة من هول التراكم الغامض.. أنا هنا في غابة الأحلام، كطائر نسى الجناحين، في معطف ريح عاتية. تركت قلبي والحبيبة في معيريض « واتجهت إلى مدينة الحسناوات فراشات معيريض: * مازالت رائحة خطوات الطفل "علي أبو الريش" عالقة بتراب "معيريض" مازال ذلك الطفل يركض هناك فيما بقيت تلك القرية تخيط له ثياب الأحلام كلما نام فوق كتفيها.. خرج " علي " ليكبر وتكبر معه الحكايات.. أخبرني.. ماذا تركت في " معيرض " التي ولدت فيها؟ هل مازلت تحتفظ بكل ماتعلمته فيها؟ أم أن تجربتك في القاهرة غيرت من تلك القناعات ؟ - في معيريض تركت قلبي والحبيبة، صارت الذاكرة، كما قال الفيلسوف "مونتيني" نحتضن كل شيء ولا نمسك إلا الهواء.. ومع ذلك إلا أنني كما نفضت معطف الذاكرة، كلما رفرفت معيريض بأجنحة الفراشات التي كانت ترتاد مضجعي ساعة احتيال الليل على جفني واغتياله، ابتسامة الطفولة، بنصل النداء الداخلي واحتدام الفكرة الجهنمية القائلة " الأفكار المسبقة مفسدة للعقل " فولتير. نضحك لنغسل سجادة القلب ونطهرها من السعار أما القاهرة فكانت مثل أهرامها، تختزل الزمان بتمثال نفرتيتي، وصعود خوفو على مدارج التاريخ لكي يرفع النشيد عاليا من أجل الذين أصمهم ضجيج المدينة المكتنزة بنسائها الوارفات حسنا، الباسقات حسنات، السامقات كأشجار النخيل، الحانيات كنيل مصر العظيم .. تمرد: * في تعريفك المضاف إلى اسمك في التوتير كتبت ( الآخرون هم الجحيم .. ولكننا لا نستطيع أن نعيش خارج هذا الجحيم "من حبي إلى الله" لم يدع مجالا في قلبي لكره الشيطان ).. متى يصبح الآخرون هم الجحيم؟ ألا تحقد على الشيطان حتى حينما يفسد بينك وبين من أحببت ؟ - شكرا لسارتر العظيم فجحيمه الذي أشعله في مواقد الوجودية كان مبعث انتباه في فكر من عرفوا الحياة أنها جحيم لذيذ ونعيم يذهب بالمخيلة إلى أبعد من الجحيم، ويسرج خيول المحبة باتجاه عالم لابد من أنه مخاتل ومقاتل ومتأصل بالخديعة، منذ أن سقطت التفاحة من يدي آدم ومنذ أن أنجبت حواء الحرقة البشرية فلا نحن أسياد ولا نحن عبيد، بل نحن ما بين البين نتساقط رطبا جنياً، في الكذبة، ونصير في المعنى مثل حكاية بوذي غرق في "النير فانا" حتى النخاع ثم صار يجمع حطب النار لأجل أن يشعل نورانيته في دياجير الفكر الضائعة في بساتين اللهو البشرية، وعبثيه البحث عن ذات ٍلا تبدو إلا مثل الشمعة تذوب في النار لكي تسيل بقاياها في سطوح الوعي الوعرة.. ولا يمكن أن نرجم الشيطان لكونه أوقعنا في الخطيئة إذ لم تكن الخطيئة إلا سعياً مبرمجاً من قبل ذات رأت في اللذة عنوانا ًللخطيئة، ولمست في الخطيئة مداراً يؤدي إلى استمرار الصراع، ولولا الصراع، لما اكتشفت البشرية، معنى للحياة، فالشيطان لا يغسل ملابسه في وعاء القلب بقدر ما يحاول أن يستحم في مستنقعات، نحن فتحنا مجاريها لكي نؤكد وجودنا وتمردنا على قوانين سنت بقصد صياغة الكون على يد خالق أبدي ومخلوق يؤجل أبديته إلى نهاية محتومة. نحن من نسعى إلى الجروح ونحن من نخيط قماشها الخدعة الكبرى: * ما أكثر الأشباح التي تحيط بنا. تسرق منا الأشياء.. أو أنصاف الأمل ثم تلوذ بالفرار.. هل ألتقيت ببعض الأشباح تلك التي تسرق "أنصاف " الأشياء؟ كيف تكمل أنصاف الأشياء التي تضيع منك ؟ - يقول الفيلسوف الإغريقي بروتاغوراس: " الإنسان مقياس كل شي" ولا أدري كيف يمكن أن يكون للأمل نصف أو ربع، إذا كان الواقع ينصف رغيف الحياة قسمين متساويين، فنحن أما أن نعيش الأمل أو لا نعيشه، ما دامت اللحظة هي كل الزمان وكل المكان أما ما عدا ذلك فهو مجرد خدعة بصرية يقع في براثنها الإنسان حتى الموت وكما تقول الحكمة البوذية: أن مأساة البشرية تقع بين فكي حزن الماضي وقلق المستقبل. ولا حرية لكائن ما دام أقتطف من مثلث الرعب " الحب، التعلق، الحرية " ضلعيه الأخطر على حياته فأنه في ذلك يفقد حريته ثم يخسر حياته. وأنا لا أفكر في الأنصاف، بقدر ما أفكر بالكل وكل الحياة هي كل الحرية وليس الأمل، ومن يسقط في شراك الماضي أو المستقبل فإنه ينحر الحرية من الوريد إلى الوريد. من يتنازل عن هذا المثلث فإنه يفقد حريته ويخسر حياته حرقة الجروح: * كتب محمد حسن علوان ( ولكني أؤمن أن الطعنة الواحدة أشد إيلاما من الطعنتين.. والجرح يكون أكثر وجعا عندما تكون بقية الجسم سليمة. وأنا أردت أن أشتت أفكاري بين عدة أحزان حتى لا ينفرد بي حزن واحد.. فيقتلني).. متى يكون الجرح في الروح مؤلما ولايمكن أن نتخطاه بسهوله مهما تقادمت عليه السنوات ؟ من الذي سدد لقلبك الطعنات فقتلك ؟ أمازلت تنزف ؟ - يكون الجرح مؤلماً عندما تكون الروح بشفافية الماء، وحرقة النار، فهذا الجسد لا قيمة له إلا أنه فقط مقبرة مؤقته للروح كما قال أفلاطون. علي أبو الريش يتسلم جائزة أفضل رواية اماراتية عام 2013 من سمو الدكتور سلط نحن الذين نسعى إلى الجروح، نحن الذين نخيط قماشتها، ونحن الذين نلون ثوبها، لأن الحياة بلا ألم، تعني أنها بلا أسئلة، ومشكلتنا في هذا العالم المسكون بالإجابات الجاهزة أننا أوقفنا السؤال منذ أن اعتنقنا فكرة التابوهات، واختزلنا الزمن بنعم ولا، ولا وسيط بينهما، الأمر الذي أسقط الألم في قاع صفصفا، واغتال السؤال الذي منه بدأت الحكاية، وفتحت الرواية، نوافذها لطيور الحياة كي تجعل من التغريد إلياذة هوميروس، التي أسست للحلم الإنساني قائمة الأسئلة المسكونة بالألم، المنشغلة بالفتوحات الأبدية، ولا جرح أعظم من سؤال يصطدم بجدر الواقع، ولا ألم يقض المضجع أكثر من وعي يسلط أشعته في عمق ظلام فلا يجد سواء فكرة شائهة تخوض غمار معاركها وبدون جدوى، تحاول أن تلتقط شيئاً من التماثل مع الواقع، بيد أنه يصد ويرد، ويرتعد ويبتعد إلى حيث المخيلة الكاذبة. حمدان بن زايد يكرم أبو الريش الصقور والنعام: * هناك من البشر من يحب أن يرافق الشخصيات التي تشبه "النعام" فيما يفضل البعض أن يرافق "الصقور".. حينما تلتقي "النعام" في الحياة.. ماذا تفعل لهم ؟ أتحب مرافقة الصقور ؟ - نحن الذين نصنع الصقور، كما يصنع المشركون أصنامهم، ونحن الذين نصنع النعام كما يصنع الأطفال الدمى، فأنا لا أحب هذا ولا ذاك، لأنني أعيش في الأنا وعاء ينظف قاعه بماء الأنهار الجارية. النوم في العتمة: * كتبت ( المرأة لا تكون شهية إلا عندما تكون عاشقة. والعشق هو السائل السحري الذي يرغم المرأة على تسليم روحها لمن تحب) .. متى يسلم الرجل قلبه للمرأة ؟ ومتى يصبح الرجل شهيا؟ - نعشق لأننا نحب الحياة، ومن لا يعشق فهو كاره عدمي، مثل خنفساء عندما تريد أن تموت تختبئ في مكان قصي، وتولي النمل ظهرها ليأكلوا منه حتى تموت، فالعشق ديدن الزمن، وناموسه وقاموسه، وفانوسه، وناقوسه، ولا يطفئ الشموع إلا من يحب النوم في العتمة، وشمعة الحياة المضيئة هو العشق، ولكن ولأننا في مجتمعات ٍذكورية فجه يأبى الرجل أن يقول إنه عاشق، وبذلك يؤيد نعمة السماء ويدفنها في قبر الكذبة المتخيلة. الذين لا يعشقون مثل "أشجار الغاف" تنمو بلا ثمر ولا تأكل أوراقها الشوكية إلا النوق الجائعة. هزاع مع والده علي أبو الريش مجرى الماء: * الفرص في الحياة كالمقاعد المجاورة للطريق.. نمشي بخطوات واسعة حتى ندرك "مقعدا" نضع أعيننا عليه، فيسبقنا إليه بعض المارة ليجلسوا عليه.. هل يوجد "مقعد" في طريقك تمنيت كثيرا أن يكون لك ولكن القدر لم يلعب لعبته معك لتحصل عليه؟ أتبحث عن "الفرص"؟ أم هي من تبحث عنك؟ - ما دمت أمشي فلا يهم أي المقاعد أجلس عليها، فالحياة كرسي كبير متعدد المساند، المهم في الأمر أن لا يتوقف الحلم عند لحظة مفزعة وتنكسر أحدى أقدام الكرسي الكبير، المهم أن لا تبدو الحياة مجرد مقعد وحسب، وإنما هي مجرى للماء، نرشف من قناتة كيف نشاء، وعند أي مصب. فمقاعد الحياة نحن الذين نصنعها ونلونها، ولا لون أبشع من اللون الأسود، عندما يشعر الإنسان أنه يجري وراء قطار قد فات أوان توقفه، وما أفضع من أن يشعر الإنسان أنه يهيم في غابة وحوشها أناس، يخشى مخالبهم كلما أرخى الظلام سدوله. علي أبو الريش نحن بحاجة إلى قلوب أكبر من المقاعد، نحن بحاجة إلى وعي بأهمية الفراغات مابين مقعد وآخر، نحن بحاجة إلى عالم يتحرر من تحديد المواقع، نحن بحاجة إلى عالم يصبو إلى واحة معشوشبة بالإرادة. وما أصعب المقاعد عندما تكون مقننة بقوالب أسطورية، تمنع دخول الهواء إلى الصدور، وتغتال الفرح المطلوب. الندية في الحب: * غنى حسين الجسمي ( أبشرك قلبي نسى طعم الآلام.. نموت لكن ماتموت الكرامة.. دامك نويت الصد فالوعد قدام.. من يومنا حتى تقوم القيامة.. ياللي تقول في غيبتك حدي أيام.. ويرد قلبي يشتكي من غرامه.. بهديك للهجران عام ورا عام.. لا عاش راسي لو رجع في كلامه ).. هل يمكن أن يتخلص العاشق من استسلامه أمام محبوبه ويثأر لكرامته حينما يجد بأن ذلك المحبوب قرر الصد والغدر؟ هل عشت يوما "حب" أهديته للهجران؟ - في الحب سلام ووئام، وليس صداما واحتداما، لذا لا يستطيع المحب أن يكون نداً لمحبوبه، وإنما هما أنا واحدة تتداخل فيها روحان لأجل صياغة عالم ملون بألوان أجنحة الفراشات، فقد تتعثر هذه الفراشات بفعل فاعل، لكنها لا تستطيع أن تعيش بلا رائحة الزهور، ورحيقها. في أحد اللقاءات الأنا والزجاج: * هل من الممكن أن يفسد التحدي والمكابرة العشق الذي نحمله بقلوبنا؟ لمن تقول "ماعاش راسي لو رجع في كلامه"؟ - الأنا المتضخمة تفسد الحياة، كما تهشم زجاجة الفكرة، فإذا كان العقل مستبداً فالصحوة مستحيلة، وإذا غاب الوعي وقعت عجلة الحياة في غيبوبة الجهل، وما الحياة إلا عجلة لابد لها من الحركة كي تحفظ توازنها ولا تقع. نحن نحب لأننا نريد أن نعيش، ومتى ما كابرنا كرهنا، ومتى ما كرهنا ذهبنا بالحياة إلى قبور الفناء، وأقول لكل محب ما عاش رأسٌ لو رجع في كلامه ولو أصبح الحب مجرد تجربة فيزيائية فاشلة، أو محاولة للعيش بدون هواء. فالذين يحبون لا يكابرون، بل يتفانون ويأثرون الآخر لأنه لا حياة بدون هذا الأوكسجين الحي. تكريم في اثنينية الخوجه كائن أسطوري: * كتبت في ثنائية مجبل بن شهوان ( يا أنثى من نوع سرمدي لا تلمسه الحواس الخمس. لكنها تظل قوة، عنيفة، وخفيفة. تلهج بالحب، ليس هو حب كما ينتاب رجلا ويغرقه في الشجون والمجون .. إنما هو تدفق يملأ الكيان بحريق ورائحة خائفة ).. هل يوجد - حقا - امرأة سرمدية لا تلمسها الحواس الخمس؟ أين هي تلك المرأة؟ وهل يوجد رجل يستحق أن تلهج المرأة بالحب من أجله حتى الموت؟ - الحب ليس امرأة، تسكن غرفة مغلقة يحيط بها ظلامٌ دامس، فتلمسها اليد ليحترق الداخل جراء التلامس الجسدي، الحب ليس رجلاً يحيق بالمعاني السامية ويسوطها سوط عذاب، الحب هو ذلك الكائن الأسطوري ينبعث من كون أنثاهُ نجمةٌ غائصة ٌفي أتون الوجد، وذكورته غافيه عند شغاف السماوات، نحن الذين نصنع هذا المخلوق الرهيب، ونشكلة، ونضع ثمرات الحياة على أشجاره، لتصبح الحياة حقلاً زاهيا ًبالألوان مضمخاً بالعطر. فعندما يجسد الحب يفقد معناه، ويذهب مع الجسد الفاني، إلى حيث تقبر الأجساد في مدافن العدم. الحب معنى وصورة لذلك الانعكاس المذهل، وما من شي أجمل من خيال ٍيصيغ الجوهر بمعرفة العقل، وحضور القلب، وسطوع الروح، كقنديلٍ يسلط أضواءه على الكون، فتنجلي المعاني الجميلة كواقع ٍمزخرف بالجمال. أمي والعطر: * كتب زاهي وهبي ( ساكنة العتبة أمي.. رافقتني إلى الباب. عد باكرا.. قالت.. علقت في زندي شمسا وأحد عشر كوكبا. صديقة الرقيات. مسحت جبيني بزيت رائحتها. ضئيلة القامة.. عباءتها غابة. عصفورة حنان).. مالذي علقته "أمك" بداخل قلبك ومازلت تحمله بروحك لها؟ ما هو أهم شيئا قالته يوما لك؟ - أمي.. في الصباح أهدتني زجاجة عطر قالت لي لا تضعها في جيب معطفك، بل ضعها طوقا ًفي عنقك، فهي حرزك، وهي رائحة الملائكة تطرد شياطين الزلل، وقبل ذلك في المساء كان قد حكت لي قصة النمرود الذي حلم بمقتلة على يد ذكر ٍمن بني قومة، فما كان منه إلا أن أمر بقتل كل الأجنة الذكور لينجو هو من الموت، ولكن الموت كان الأقوى من الجبروت البشري، فجاء على جناح ذبابة، ليفتك بهذا النمرود، فأنا أحببت أمي كما كرهت كل نمرود. ضحك الهزائم: * في الضحك نعود أطفالا.. نضحك حينما نحب أن نراقص الحياة فوق المنطقة الساحرة.. نضحك حينما نفرح. ونضحك - أيضا - حينما نتألم نفعل ذلك لنبقى على خط موازي للحياة.. حينما تحب أن تضحك من قلبك أين تذهب؟ وحينما تحب أن تضحك على قلبك.. ماذا تفعل ؟ - ما الضحك إلا خدعة بصرية نحن الذين نصنعها عندما نكون بحاجة إلى الضحك، لنغسل سجادة القلب من غبار أو نطهرها من سعار، فإذا شئنا ضحكنا من قلبنا لنمحو البقعة السوداء وإذا شئنا كذلك ضحكنا على قلبنا لنهرب من سلطة الاكتئاب وننتصر على هزائمنا. المنطقة الملتهبة: * علي أبو الريش.. روائي وشاعر وإعلامي.. في أي هذه الأماكن تحب أن تكمل بقية حياتك؟ حينما تلتقي بالشاعر "علي أبو الريش" هل تلمح في عينيه " عتب " المحب الذي غاب ؟ - سأجد نفسي في ثيمة كل رواية أكتبها، أجد نفسي في المنطقة الملتهبة في الرواية، فأطارد شخوصها لعلي أجد نمروداً فأهزمه، لعلي أعثر على زجاجة العطر التي نفذ سائلها السحري، من أثر السجود على سجادة الدهشة وما سببته لي من حرقات ٍلا تجلى ولا تبلى أما الشاعر الطفل، فقد كبر ونسى خربشات الطفولة في دفتر الذاكرة التي ماعادت تجد معنى للعتب، فالأشياء تتسلل من بين أصابعنا كالأمنيات الضائعة في غابة التوحش. سرية السر: * ماهو السر الذي لم تلقه يوماً لأحد ؟ - السر الذي لم أقله يوماً لأحد هو السر