} في محاولة لفك الحصار غير المعلن عن مينسك نظمت في بيلاروس روسيا البيضاء انتخابات برلمانية. وأخفقت محاولة المعارضة الموالية للغرب دعوة المواطنين الى مقاطعتها، فيما وصفتها لجنة "الترويكا" البرلمانية الأوروبية أنها "ليست متماشية مع المعايير الدولية"، واعترفت موسكو بنتائجها. منذ تولي الكسندر لوكاشنكو رئاسة بيلاروس، فرضت الولاياتالمتحدة وأوروبا "حصاراً" على هذه الجمهورية السلافية، اشتدت قسوته بعدما طرح الرئيس مشروعاً لدستور جديد كان في الواقع نسخة من الدستور الروسي. إلا أن واشنطن التي أيدت الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسن في سعيه لفرض "الديموقراطية" في بلاده، عبر انتزاع صلاحيات مطلقة، لم توافق على أن يتمتع لوكاشنكو بمثلها. بل ان الغرب الذي لم يمانع في قصف البرلمان الروسي تمهيداً لاقرار الدستور، اعتبر طرح القانون الأساسي على الاستفتاء في بيلاروس "انتهاكاً لحقوق الانسان". وحصل مشروع الدستور على غالبية ساحقة كما صوت للوكاشنكو أكثر من 80 في المئة من الناخبين في دورتين رئاسيتين. ولم تعترف الولاياتالمتحدة وأوروبا بالبرلمان الذي شكل بعد اقرار الدستور الجديد ومنعت بيلاروس من تبوء مقعدها في الهياكل الأوروبية وفرضت عقوبات قاسية عليها بينها منع الاتصالات الجوية بينها وبين العالم الخارجي. وحينما أعلن عن تنظيم انتخابات في 15 تشرين الأول اكتوبر الماضي، أكدت المعارضة نيتها المشاركة و"اكتساح" الهيئة الاشتراعية، إلا أنها قبل الانتخابات بفترة ضئيلة دعت الى المقاطعة، فيما أصر عدد من قادة الأحزاب المعارضة المعتدلة على التنافس. واعلنت لجنة الاقتراع المركزية ان ما يربو على 60 في المئة من الناخبين المسجلين أدلوا بأصواتهم، فيما ذكر المقاطعون ان النسبة لم تتعد 45 في المئة وطالبوا باعتبار الانتخابات لاغية. وتم انتخاب 43 نائباً منهم 20 من اعضاء البرلمان السابق وعدد كبير من مؤيدي لوكاشنكو، ما اعتبر تأييداً لسياسة رئيس الدولة. وستجرى جولة ثانية لانتخاب 53 نائباً في الدوائر التي لم يحصل فيها أي من المرشحين على نسبة ال50 في المئة المطلوبة للتأهيل من الجولة الأولى. وستجرى انتخابات جديدة في 14 دائرة لم يكتمل فيها نصاب المقترعين ومنها ثلاث دوائر في العاصمة مينسك، حيث تنافس عدد من اقطاب المعارضة. واستناداً الى تقرير أعدته لجنة حقوق الانسان لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أصدرت "الترويكا" البرلمانية الأوروبية بياناً اعتبرت فيه الانتخابات "غير متماشية مع القواعد الدولية المتبعة". وذكرت انها ستوصي بارجاء النظر في عودة بيلاروس الى مقاعدها في الهياكل الأوروبية. إلا أن سبعة من أصل 17 عضواً في اللجنة الأوروبية تحفظوا عن هذا القرار. وذكر برلمانيون بلجيكيون وايطاليون ان "الشفافية والشرعية" كانتا مضمونتين. ورأى محللون ان الموقف الأوروبي لا يستند الى نزاهة أو عدم نزاهة الانتخابات بل انه محكوم بعوامل سياسية، وتريد الولاياتالمتحدة وعدد من حليفاتها في أوروبا الضغط على لوكاشنكو لكي يوافق على اعتماد "خصخصة" مماثلة لما جرى في روسيا وليبرالية كاملة في الاقتصاد والكف عن اتباع سياسة "المناكفة" للغرب. ويذكر ان لوكاشنكو يقيم علاقات قوية مع عدد من الدول العربية ومنها بلدان خليجية اضافة الى ان بيلاروس تتعامل بنشاط مع العراق. وحظيت الانتخابات باستحسان روسيا التي وقعت وحليفتها السلافية معاهدة لانشاء دولة موحدة، وأجرى الرئيس فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً مع نظيره البيلاروسي وسيستقبله يوم الخميس المقبل لبحث الجهود التي ستبذل ل"فك الحصار" عن مينسك.