جاءت مشاهد مقتل الجنديين الاسرائيليين على أيدي متظاهرين فلسطينيين في رام الله، والهجوم على المدمرة الأميركية في مرفأ عدن، لينسفا بداية التعاطف الذي بدأ يتولد في الشارع الأميركي نتيجة المشاهد التي بثتها وسائل الاعلام على مدى اسبوعين للقوات الاسرائيلية وهي تطلق النار على مواطنين فلسطينيين عزل. وكانت ذروة التأييد للمتظاهرين الفلسطينيين حين عرضت شاشات التلفزيون مشاهد الطفل محمد درة وهو يقتل الى جانب والده برصاص الجيش الاسرائيلي، وهي المشاهد التي احرجت مؤيدي اسرائيل فبدوا اعتذاريين اثناء محاولاتهم القاء اللوم على السلطة الفلسطينية. وتُوج هذا الشعور المتزايد بمعاناة الشعب الفلسطيني في أوساط الرأي العام الأميركي، حين امتنعت الولاياتالمتحدة عن التصويت ولم تستعمل حق النقض الفيتو ضد قرار مجلس الأمن الذي انتقد اسرائيل لافراطها في استعمال السلاح، مبررة ذلك بمصالحها في المنطقة. وأوحت تعليقات المسؤولين الاميركيين والمعلقين السياسيين التي رافقت الأحداث الأخيرة، ان الأوساط الأميركية بدأت تأخذ في الاعتبار ردود فعل الرأي العام العربي. لكن هذه الانجازات سرعان ما أصيبت بنكسة قد تعيد الجهود العربية لكسب التعاطف الى نقطة الانطلاق، بعدما تصدرت الصفحات الأولى وشاشات التلفزيون صور متظاهرين فلسطينيين وهم يضربون جنديين اسرائيليين حتى الموت. واستمرت محطات التلفزة ببث مشاهد القاء جثة جندي اسرائيلي من النافذة والشاب الفلسطيني الذي يتباهى بيديه الملطختين بدماء الجندي الاسرائيلي. واعطت هذه المشاهد نوعاً من الراحة لمؤيدي اسرائيل الذين عادوا ليصوروا العرب كمجموعة بربرية واسرائيل كضحية. وزاد الأمر سوءاً الهجوم الذي تعرضت له المدمرة الأميركية في ميناء عدن وأدى الى مقتل 17 بحاراً أميركياً. وسارع المراقبون والمحللون الى ربط الحادث بما يحصل في أراضي السلطة الفلسطينية وداخل اسرائيل، وتأثير ذلك على المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العالم العربي. واستغل الاسرائيليون ومؤيدوهم في الولاياتالمتحدة هذا الهجوم ليظهروا للرأي العام الأميركي ان اسرائيل والولاياتالمتحدة تتعرضان لحملة واحدة من العرب والمتطرفين الاسلاميين. ومع هذا التراجع في التعاطف والتأييد للفلسطينيين، استمرت المنظمات العربية الأميركية والاسلامية بالدعوة الى التظاهر في الولايات الأميركية، وتحديداً في واشنطن، حيث نظم امس عدد من هذه المنظمات تظاهرات احتجاج امام وزارة الخارجية الأميركية والسفارة الاسرائيلية، كما انطلقت تظاهرات بعد صلاة الجمعة تندد بالعنف الاسرائيلي والدعم الأميركي للدولة اليهودية. ونظمت المنظمات اليهودية تظاهرات مضادة للتعبير عن تضامن الطائفة اليهودية مع اسرائيل.