أولت اسرائيل، بأعلى مستوياتها الرسمية والشعبية، اهتماماً بالغاً بالأحداث التي تشهدها مدنها منذ السبت الماضي، خصوصاً اعتداءات متطرفين يهود على مواطنين عرب وعلى بلدات عربية ومقدسات اسلامية وممتلكات لمواطنين عرب في البلدات اليهودية. وتوجه رئيس الدولة موشيه كتساف، أمس، بنداء الى جميع المواطنين اليهود والعرب ل "الكف عن اعمال العنف" فيما قال بيان صادر عن رئيس الحكومة ايهود باراك انه "يرى بخطورة بالغة اعمال الشغب التي يقوم بها مواطنون يهود" داعياً اياهم الى "احترام الأقليات في الدولة والحفاظ على النسيج الاجتماعي القائم بين الشعبين". ولم تتردد صحيفة "معاريف" في وصف ما يحصل داخل اسرائيل ب"حرب أهلية"، وهو عنوان رفضه مسؤولون حكوميون وفي مقدمهم الوزير متان فلنائي الذي كلف برئاسة "طاقم الطوارئ لتهدئة الأوضاع بين اليهود والعرب". فقال ان "مثل هذا العنوان يثير المشاعر ومن شأنه أن يؤدي الى تصعيد". وكان فلنائي امضى يوم أمس في مدينة الناصرة واجتمع الى ممثلي قيادة المواطنين العرب واستمع الى احتجاجاتهم شديدة اللهجة على تصرفات الشرطة وقمعها للتظاهرات واطلاق الرصاص على المتظاهرين وقتل 13 منهم. وترددت معلومات مفادها ان مصادر أمنية رفيعة المستوى اطلعت رئيس الحكومة على خطورة الوضع داخل اسرائيل وحذرت من أن "الأسوأ في انتظارنا"، فيما عبر المدير العام للشرطة يهودا ويلك عن خشيته من أن تؤدي المواجهات الى فوضى عارمة داخل مدن اسرائيل. وقالت مصادر صحافية ان باراك اعتبر، بعد سماعه تقارير اجهزة الأمن، وضع مشكلة عرب اسرائيل في أولوياته "للحيلولة دون حصول حريق هائل داخل الدولة". واعلن ويلك امس اف ب اعتقال قرابة 600 شخص هم 200 يهودي و 400 عربي في اعقاب اعمال العنف، وقال في مؤتمر صحافي: "بدأنا اتخاذ اجراءات قضائية بحق نحو مئة شخص". واضاف: "قمنا في اطار عمليات التدريب، بسيناريوات عدة لمواجهة اعمال الشغب" موضحاً "ان اثنين من رجال الشرطة قتلا واصيب 200 آخرون بجروح، بينهم 150 شرطيا اصيبوا بالحجارة والزجاجات او بالرصاص في عكا والناصرة والقدس وخصوصاً في احياء غيلو ونيفي ياكوف". وقال أن الشرطة "حاولت تفادي الاحتكاكات لكنها لم تتمكن من التدخل في كل القرى العربية التي تشهد اعمال شغب وقد صدرت الاستفزازات من الجانبين اليهودي والعربي". ورداً على سؤال حول معاملة الشرطة الاسرائيلية للعرب والاسرائيليين بطريقة مختلفة، قال ويلك: "لست على رأس شرطة يهودية ولكن على رأس شرطة تواجه كل الاعمال المخلة بالنظام بطريقة واحدة، سواء صدرت من العرب او من اليهود". واكد ان عدداً من العرب الاسرائيليين الذين قتلوا في الناصرة اصيبوا بالرصاص، ولكنه لم يؤكد ان مطلق النار يهودي. وللمرة الاولى منذ اندلاع المواجهات كف مسؤولون في اسرائيل عن تحميل مسؤولية الأحداث للمواطنين العرب وحدهم، إذ سمعت أصوات تطالب بضرورة تشكيل لجنة تحقيق رسمية في تصرفات الشرطة، وأصوات أخرى تطالب بإقالة ضابط لواء الشمال في شرطة اسرائيل، اليك رون، الذي يتهمه المواطنون العرب بالعنصرية وبأنه وراء العدد المذهل من الشهداء والجرحى والمعتقلين العرب. وتبنت لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب هذين المطلبين، في اجتماعها الطارئ ليل الاثنين. كما طالبت اللجنة بإعفاء وزير الأمن الداخلي شلومو بن عامي من منصبه "بسبب فشله في تطويق الأحداث". وقررت اللجنة أيضاً التوجه الى الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان بطلب لقائه اضافة الى مطلبها بتشكيل لجنة تحقيق دولية. ويعكف مسؤولو اللجنة على اعداد مذكرة دولية توثق الأحداث والاعتداءات على المواطنين العرب. وكان عدد من الوزراء اجروا اتصالات مكثفة مع قيادة لجنة المتابعة لتثنيها عن اتخاذ "قرارات متطرفة"، حسب تعبيرهم، مثل اعلان اضراب عام في المدن والقرى العربية.