ميشيغان، لندن - أب، "الحياة" - إن مضَت السيارة الهجينية خطوة جدّية نحو التسويق مع موديلَي تويوتا "بريوس" Prius وهوندا "إنسايت" Insight، لا يعني الأمر بعد أن هذا النوع من السيارات سيجتاح الأسواق غداً أو بعد غد. لذلك، لا تهمل سيارتك البنزينية بعد. فبعد وضوح فشل فكرة السيارة الكهربائية البحتة بسبب ثقل بطارياتها النفيسة والقصيرة الخدمة قياساً بساعات شحنها يومياً، لا شك في أن مفهوم السيارة الهجينية المعتمدة على محرّك وقودي صغير بنزيني أو ديزل يؤازره آخر كهربائي للتلبية عند الإنطلاق أو التجاوز، يمثل فكرة واعدة جداً وقابلة للإنتشار خلال نحو خمس سنوات، على الأقل في إنتظار هبوط كلفة تقنية خلايا الوقود الى أسعار قابلة للتسويق الواسع النطاق. لكن إبتكار سيارة تتسع لشخصين مثل "إنسايت" أو لأربعة بريوس مع مساحة محدودة جداً لمواضع الأمتعة شيء، وإعداد أخرى تتسع لخمسة ركاب مع أمتعتهم، كأي سيارة عائلية من حجم فورد "توروس" أو شيفروليه "ماليبو" شيء آخر. ذاك هو الرأي الذي ستعبّر عنه جنرال موتورز وفورد في معرض ديترويت الذي سيُقام من 15 الجاري الى 23 منه، من خلال نموذجَي جنرال موتورز "بريسيبت" Precept وفورد "بروديجي" Prodigy الهجينيين. في المقابل، إن كان موديلا تويوتا وهوندا نزلا الى الأسواق اليابانية والأميركية، وقريباً الأوروبية، لا يزال نموذجا الصانعين الأميركيين... نموذجيين، بمعنى ضرورة إنتظار بضع سنوات قبل رؤيتهما على الطرقات. فورد "بروديجي" بادرت فورد أولاً الى الكشف عن نموذجها "بروديجي" أواخر الأسبوع الماضي، بالنص والصورة، علماً بأن فورد طرحت مفهوم "بروديجي" أكثر من مرّة حتى الآن. ولم تمضِ أيام قليلة على إطلاق صورة "بروديجي" حتى أطلّت أخبار نموذج جنرال موتورز "بريسيبت"، لا سيما أن الموديلَين يعتمدان المفهوم الهجيني ذاته، ولو من زاوية خاصة بكل منهما. فالنموذجان يمثلان في النتيجة مساهمة الصانعين الأميركيين، مع مجموعة ديملركرايسلر الألمانية-الأميركية، في برنامج "الشراكة لجيل جديد من السيارات" PNGV, Partnership for a New Generation of Vehicles راجع الإطار الخاص به. أهم ميزات السيارات الهجينية إكتفاؤها بكمية متواضعة من الوقود، لنقل وزن يتطلّب ثلاثة أضعاف تلك الكمية في محرّك وقودي عادي، أي من دون مساعدة كهربائية. لذلك يكتفي نموذج فورد بليتر واحد من الوقود ديزل لتخطي 7.29 كلم 70 ميلاً بالغالون الأميركي، أو ما يوازي 595 كلم بصفيحة العشرين ليتراً 36.3 ليتر لكل مئة كلم. ومع أن النموذج لا يزال دون هدف الإكتفاء بليتر وقود واحد لتخطي 34 كلم 80 ميلاً بالغالون الأميركي، وفقاً للتحدي الذي أطلقته الإدارة الأميركي أمام صانعي السيارات منذ العام 1993، والذي يبدو أن "بريسيبت" يحققه حسب الأرقام الأولية، يمثّل "بروديجي" قفزة مرحلية مهمة. وكانت فورد كشفت نظامها الهجيني الكهربائي/الوقودي ديزل في معرض ديترويت السابق في كانون الثاني يناير الماضي، وركّزت آنذاك على جوانب المحرّكين والعلبة ضمن المفهوم الذي يسميه الصانع الأميركي "إل إس آر"، أو "محدودية حاجة التخزين" للطاقة LSR, Low Storage Requirement بينما سيسلّط المعرض المقبل الضوء أيضاً على الصيغة الهيكلية والتصميمية. على أهميتها، قد لا تكون أرقام الإستهلاك أهم ما في "بروديجي"، لأن خفض كمية الوقود المستهلكة رهن بحجم السيارة المعنية وبكفاءاتها الوظيفية، وإلا فمن السهل التباري بخفض الإستهلاك أكثر في سيارة خفيفة وصغيرة جداً حتى لا تتسع لأكثر من راكب واحد مع محفظته. لذلك تبرز أهمية "بروديجي" في كونه نموذجاً بحجم سيارة عائلية متوسطة الحجم وتتسع حتى خمسة ركاب مع أمتعتهم... وخصوصاً، من دون التنازل عن مستويات الحماية المتوافرة في سيارة من هذا الحجم. وبما أن النموذج لا يتنازل بالحجم أو بالمتانة، تركّزت أبحاث خفض الوزن والإستهلاك على بدائل التصميم والمواد والطاقة. * التصميم: لتحسين الإنسيابية وخفض مقاومة الهواء لتقدّم السيارة، أزيلت المرآتان الخارجيتان وحلّت محلهما عدستا كاميرا تنقلان الصورة من جانبَي السيارة الى شاشة داخلية، كما إعتُمدَ نظام تعديل لإرتفاع الهيكل لخفضه مع تزايد السرعة تحسيناً للإنسيابية، وصفائح سفلية تخفف إمكانات تلاعب الهواء تحت الأرضية، وفتحات أمامية لا تُدخل الهواء إلا عند حاجة المحرّك للتبريد. ويتمتّع "بروديجي" بمعدلة إنسيابية عامة تبلغ 199.0 مقارنة بنحو 26.0 الى 28.0 في سيارة من نوع موازٍ وجيّدة الإنسيابية، علماً بأن هبوط رقم المعادلة العامة يشير الى تحسّن الإنسيابية وليس العكس. * المواد المستخدمة: لجأ مهندسو فورد الى الألومينيوم لصناعة الهيكلية والألواح، مع إستخدام معادن أخرى كالماغنيزيوم والتيتانيوم، ما خفّض وزن "بروديجي" الى 1082 كلغ، وهو رقم يجاري معدّلات أوزان سيارات متوسطة-صغيرة الحجم قطاع فولكسفاغن "غولف" ورينو "ميغان" وفورد "فوكوس"، ويقل نحو 450 كلغ عن معدّل وزن سيارة مماثلة الحجم لكن بهيكلية وألواح فولاذية. * الطاقة: يعتمد "بروديجي" نظامَ "إل إس آر"، وهو كناية عن مجموعة مؤلّفة من: - محرّك ديزل تستغل محرّكات الديزل طاقة الوقود بنسبة تزيد نحو 35 في المئة عن إستغلال المحرّكات البنزينية للطاقة المختزنة في وقودها مصنوع من الألومينيوم ومجهّز بتقنية البخ المباشر إتسعت صيغة 1999 ل2.1 ليتر في أربع أسطوانات، مع قوة 74 حصاناً/4100 د.د.، - علبة أوتوماتيكية قابلة للتشغيل اليدوي، - محرّك كهربائي قوته 33 حصاناً، مع نظام تحويل للحرارة الناشئة عن الكبح، الى طاقة كهربائية مخزّنة في البطاريات. وعند وقوف السيارة في الإزدحامات مثلاً، يتوقف المحرّكان حتى يضغط السائق على دوّاسة الوقود من جديد، فينطلق المحرّك الكهربائي أولاً ثم يُشغّل محرّك الديزل خلال 2.0 ثانية، فيدعم كل منهما الآخر بقوته الإضافية لزيادة فاعلية الإنطلاق أو التلبية عند التجاوز مثلاً. وهو مبدأ شبيه بتقنية الدعم الكهربائي التي تعتمدها هوندا في سيارتها الهجينية "إنسايت" وتسميها "الدعم المتكامل للمحرّك" Integrated Motor Assist, IMA، بينما تسمي تويوتا نظامها الهجيني في "بريوس" ب"نظام تويوتا الهجيني" Toyota Hybrid System, THS. جنرال موتورز "بريسيبت" لم تسخُ جنرال موتورز بالمعلومات الأولية عن نموذجها "بريسيبت"، تاركة التفاصيل لأيام المعرض. ما يُعرَف عن نموذج الصانع الأول عالمياً هو إعتماده محرّك ديزل بثلاث أسطوانات قوته 54 حصاناً إنتاج إيسوزو التي تملك جنرال موتورز 49 في المئة منها، مع محرّك كهربائي مساعد، ونظام تحويل لبعض الحرارة الناشئة عن الكبح، الى طاقة كهربائية مخزّنة. ومثل نموذج فورد، يستعيض "بريسيبت" عن المرآتين الخارجيتين بعدستَي فيديو، مع وسائل تحكّم إلكتروني تحل محل مقابض فتح الأبواب من الخارج. وبفضل إعتماد الألومينيوم ومعادن أخرى خفيفة، أمكن خفض وزن "بريسيبت" نحو 200 كلغ عن وزن سيارة شيفروليه "ماليبو" موازية الحجم، ليسير نحو 34 كلم بليتر الديزل الواحد 80 ميلاً بالغالون الأميركي. ويوضح الصانعان الأميركيان في المقابل أن النموذجين قابلان للإنتقال الى حيّز الإنتاج التسويقي خلال مدة تراوح بين خمسة وعشرة أعوام. * الصور من فوق: بعض النماذج التي ستُعرض في ديترويت و/أو معارض أميركية أخرى : فورد "بروديجي"، بونتياك "بيرانا" معرض شيكاغو، بويك "لاكروس"، أوبل "سي في سي"، ثم يميناً ساترن "سي في 1" لوس أنجليس وشيفروليه "ترافرس" شيكاغو. حكومة تستثمر في الأبحاث } يشكل كل من "بريسيبت" و"بروديجي" جزءاً من مشاركة جنرال موتورز وفورد موتور كومباني وديملركرايسلر في برنامج "الشراكة لجيل جديد من السيارات" PNGV, Partnership for a New Generation of Vehicles، وهو برنامج مشترك بين الحكومة الأميركية والصانعين الثلاثة ومجلس الأبحاث الأميركي لصناعة السيارات USCAR, United States Council for Automotive Research، وعدد من مورّدي القطع والأنظمة والجامعات والمختبرات. تأسس البرنامج في 29 أيلول سبتمبر 1993 لأهداف رئيسية ثلاثة، أولها تحسين تنافسية الصناعة الأميركية بتشجيع أبحاث خفض الوقت والكلفة المطلوبَين لتصميم السيارات، وثانياً لتطبيق الإبتكارات في السيارات المسوّقة كلّما سمحت الجدوى الإقتصادية بذلك، وثالثاً لتطوير سيارة تستهلك ثُلث ما تستهلكه سيارة صالون حالية متوسطة الحجم، من دون التنازل عن المقوّمات العملية والأدائية والوقائية والتسعيرية. وبلغت إستثمارات الحكومة الأميركية في البرنامج السنة الماضية نحو ربع بليون دولار، في مقابل نحو بليون دولار أنفقتها مجموعات جنرال موتورز وفورد وديملركرايسلر مجتمعة.