مغادرة الطائرة الإغاثية العاشرة لمساعدة الشعب اللبناني    أمطار رعدية متوقعة مصحوبة بزخات من البرد ورياح نشطة على جنوب وغرب المملكة    أمير القصيم يدشّن مشروع "وقف الوالدين" الخيري في البدائع    الأحوال المدنية تشارك في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى الصحة العالمي 2024    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الريان    «الزعيم» يضرب العين بخماسية.. والأهلي يعود من قطر بنقاط الريان    كيف تثبت الجريمة قانونيا بمقطع فيديو؟    نيوم يتغلّب على الصفا بثلاثية ويعزز صدارته لدوري يلو    وزير الدفاع يبحث مع نظيره البريطاني المستجدات    المملكة تدين قصف الاحتلال منازل في بلدة بيت لاهيا    الهلال يتغلّب على العين بخماسية في النخبة الآسيوية    الجدعان يترأس وفد المملكة في اجتماعات النقد والبنك الدوليين ووزراء مالية ال20    الجبير يمثل المملكة في حفل تنصيب رئيس إندونيسيا    سعود ينتظر الظهور الثالث مع روما في «الدوري الأوروبي»    النصر يصطدم باستقلال طهران    رئيس أرامكو يدعو لوضع خطة محدثة لتحوّل الطاقة تراعي احتياجات الدول    السجل العقاري يتيح الاطلاع على صكوك الملكية في «توكلنا»    سعود بن نايف يستقبل الشدي المتنازل عن قاتل ابنه    شُخصت به في أوج عطائها.. مديرة مدرسة تتحدى المرض وتحصد جائزة «التميز»    هيئة الأفلام: ملتقى النقد السينمائي في الأحساء    5 مخاطر مؤكدة للمشروبات الغازية    75% نمو طلبات التركز الاقتصادي    سمو وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان المستجدات والتنسيق المشترك    استثمر في الصحة    المملكة تدين قصف منازل شمال قطاع غزة    مُلّاك الإبل والمهتمون: مزاد نجران للإبل يُعزز الموروث الثقافي    لبنان في قلب الملك سلمان    المؤرخون العرب ونصرة الجغرافيا العربية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة لمساعدة الشعب اللبناني    "غير الربحي" تقنيات وقصص نجاح    بأمر خادم الحرمين الشريفين.. ترقية وتعيين (50) قاضياً بديوان المظالم    ملتقى التميز المدرسي.. قفزة نوعية في قطاع التعليم !    اغتنام الفرص في زمن الكساد الاقتصادي    لكل زمن هيافته    جامعة الأميرة نورة تُطلق الملتقى السعودي الأول للدراسات العليا    31 مليار دولار إيرادات القطاع الزراعي    كن ممتناً    "التخصصي" يطلق وحدة السكتة الدماغية المتنقلة لتسريع تقديم العلاج للمرضى    منصة "أبشر" تستعرض خدمتي تسجيل المواليد والوثائق الرقمية    آليات وقف الحرب تفشل بين إسرائيل والجماعات المسلحة    الحرف الهندية تروي حكاياتها من قلب الرياض    لو علمتم ما ينتظركم يا أصحاب البثوث    "الأفلام" تقيم ملتقى النقد السينمائي في الأحساء    ختام مسابقة القرآن والسنة في إثيوبيا    الاحتلال يقصف فروع «القرض الحسن».. ويفجر منازل في بلدات لبنانية    المملكة تسجل ارتفاعاً نوعياً في نتائج الدراسة الدولية    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة الملك فيصل    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير أوزبكستان لدى المملكة    مستشفى صحة الافتراضي يحصل على شهادة غينيس كأكبر مستشفى افتراضي    الأمير سعود بن مشعل يطّلع على وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد قاعدة الملك فهد الجوية المعين حديثًا    تست4    "الوقاية من سرطان الثدي".. مبادرة أكاديمية إبداع في صامطة    القبض على مواطنَيْن بجدة لترويجهما 4 كيلوجرامات من الحشيش    الرقابي يرفع شكره للقيادة لإقامة مسابقة حفظ القرآن في موريتانيا    الخيانة بئست البطانة    السعال المزمن قد يكون وراثياً    مسابقة خادم الحرمين لحفظ القرآن في موريتانيا تنظم حفلها الختامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم لماذا ولمن !
نشر في الحياة يوم 06 - 01 - 2000

فليس من الضروري ان يعرف ابناء الشعب جميعاً مقداراً متوسطاً من الطبيعة والرياضة والكيمياء وعلوم الحياة، وليس من الضروري ان يعرف ابناء الشعب جميعاً مقداراً متوسطاً من تاريخ اوروبا وأميركا، وليس من الضروري ان يعرف ابناء الشعب جميعاً لغة اجنبية او لغتين اجنبيتين، بل تستطيع كثرة الشعب ان تعيش عيشتها الهادئة اليومية بغير هذه الألوان من العلم. وإذن فطبيعة هذا التعليم العام مخالفة لطبيعة ذلك التعليم الأولى الالزامي الذي يجب ان يشارك فيه المصريون جميعاً.
وهذا التعليم العام يهيئ الطلاب لتعليم آخر أرقى منه، هو التعليم الجامعي او التعليم الفني العالي. فهو اذن ينتهي بهم الى غاية مخالفة للغاية التي يقصد اليها التعليم الأولى. وينشأ عن امتياز هذا التعليم في طبيعته وفي غايته ان تتكلف الدولة له جهوداً اشق وأعنف، ونفقات اكثر وأضخم مما تتكلف للتعليم الأولى. فتهيئة المعلم للتعليم العام أدق، وأشد تعقيداً، وأكثر نفقة، من تهيئة المعلم للتعليم الأولى. وإنشاء المدرسة العامة اعسر من انشاء المدرسة الأولية، فهي تحتاج الى المعامل المختلفة، وهي تحتاج الى عدد من المعلمين لا تحتاج الى مثله المدرسة الأولية. وعمل هؤلاء المعلمين فيها اشق وأدق، كما ان اعدادهم لهذا العمل جهوداً طويلة شاقة، وبذلت الدولة في اعدادهم له جهوداً ليست اقل منها مشقة ودقة. وهم قد انفقوا في هذا الاستعداد مالاً كثيراً، وأنفقت الدولة في هذا الاعداد مالاً كثيراً ايضاً.
فواضح جداً ان ميزانية الدولة لا تستطيع ان تنهض وحدها بنفقات هذا التعليم العام، وان الأسر التي ترسل ابناءها اليه لا بد من ان تحتمل شيئاً من هذا النفقات.
وإذن فلن يكون هذا التعليم العام الزامياً لأنه لا يتجه، ولا يستطيع ان يتجه، ولا ينبغي ان يتجه، الى ابناء الشعب جميعاً. وما دام هذا التعليم ليس الزامياً فلن يقدم الى التلاميذ مجاناً.
وإذن فسيكون مقصوراً على الذين يستطيعون ان يؤدوا اجره من ابناء الشعب، اي على ابناء الطبقات الوسطى والطبقات الغنية. ولن تكون الديموقراطية منصفة ولا ملائمة بين ما تستطيع وبين ما يجب عليها، ان مشت مع هذا المنطق الدقيق الى أبعد آماده، فلم تقدم هذا التعليم الا للقادرين على ان يؤدوا اجره. ذلك ان هناك منطقاً آخر ليس أقل دقة ولا صدقاً من هذا المنطق الذي عرضناه. فمن حق الفقراء ان يتعلموا، ومن حقهم ان يطمعوا في اكثر مما يعطيهم التعليم الأولى، ومن حقهم ان يطمحوا الى التعليم العام والى التعليم العالي.
ذلك حقهم من جهة، وفيه مصلحة الأمة من جهة اخرى، وفيه تحقيق الديموقراطية نفسها من جهة ثالثة. فحرمان الفقراء لأنهم فقراء ان يتعلموا، وان يرقوا، وان يصلحوا احوالهم، وأن يطمحوا الى الكمال، تقرير لنظام الطبقات، وإيمان بسلطان المال، وعبادة لهذا السلطان، وفناء فيه. وليس هذا كله من الديموقراطية الصحية في شيء.
فلا بد اذن من ان تحل هذه المشكلة حلاً معقولاً يلائم طاقة الدولة، ويلائم حق الفقراء في الرقي. وهذا الحل هو الذي وجدته الديموقراطية المعتدلة منذ زمن بعيد، وهو ان تأخذ من القادرين أجر هذا التعليم، وأن تحط ثقله عن العاجزين عن أدائه.
طه حسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.