احتاج تعبيد الطريق امام القمة الافرو - اوروبية المقررة في القاهرة الى حل وفاقي طاول ابعاد "الجمهورية الصحراوية" في مقابل دعوة يوجهها البلد المضيف الى المغرب الذي علق عضويته في منظمة الوحدة الافريقية منذ حوالي 15 عاماً، فيما لا يزال الجدل قائما"حول دور القمة الافرو - اوروبية وآلياتها وامكان تحويلها الى اطار جديد للحوار بين الافارقة والاوروبيين يوازي المنظومة الاورو - متوسطية. اهمية الحل الوفاقي انه كان مرضياً لأكثر من طرف. فالرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي يرأس الوحدة الافريقية يستطيع ان يطمئن الى انه قاد المنظمة الى ضفاف اول حوار بهذا المستوى مع بلدان الاتحاد الاوروبي الاقرب جغرافياً الى القارة الافريقية، في وقت تشتد المنافسة مع واشنطن على مواقع النفوذ الجديدة. والمغرب المرتبط باتفاق شراكة سياسية و اقتصادية مع اوروبا لا يبدو انه يمانع في مشاركة كان يتوق اليها بصرف النظر عن الطابع الذي ترتديه، كونه جمد التزاماته مع المنظمة الافريقية، لكنه عزز علاقاته والدول الافريقية. في حين ان جبهة "بوليساريو" سعت من خلال الانسحاب من المشاركة الى الظهور بكونها تفضل مصالح القارة الافريقية على حساب مكسب سياسي كان تعول عليه لاستمالة الجانب الاوروبي في صراعها مع المغرب. منطوق الحل الوفاقي - من دون البحث في خلفياته ومضاعفاته - انه ازال عقبة من طريق الحوار الافريقي - الاوروبي، والحال ذاتها يمكن ان تنسحب على مجالات الحوار الافريقي - العربي الذي تعثر بفعل وضع "الجمهورية الصحراوية"، فيما يبدو الاتحاد المغاربي بدوره اسير مقاربات متباينة حيال التعاطي مع المشكلة الصحراوية، حتى وان اقرت العواصم الخمس بأن هناك صعوبات من نوع آخر. ما يعني ان في وسعه الاستناد الى روح ذلك الحل الوفاقي. بيد ان ما يمكن استخلاصه هو ان خلافات بلدان الشمال الافريقي هي التي كانت تقف حاجزاً امام تفعيل هذه العلاقات، ان على صعيد الحوار الافريقي - الاوروبي ، او الحوار العربي - الافريقي ، او في نطاق المنظومة المغاربية التي تجمع هذه البلدان، وما فعله الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة هو انه استخدم نفوذه رئيساً للمنظمة الافريقية لينظر بعيداً، بهدف تجاوز الاكراهات الاقليمية، نحو الحصول على موقع يرضي طموحات المنظمة في الساحة الدولية ، بعد ان تراجع دورها كثيراً، ولم يكن في وسع اي رئيس افريقي آخر للمنظمة ان يفعل نفس الشيء. نظراً الى نوعية علاقة بلاده والملف الصحراوي. بل ان تزايد المنافسة الليبية في الساحة الافريقية ربما كان في مقدم الاسباب التي جعلته يختار هذا التوجه الذي صاغته اعتبارات داخلية واقليمية، واذا امكن للمنظمة القارية ان تستعيد بعض عافيتها في فترة رئاسة الجزائر، فإن ذلك سيحقق نوعاً من المصالحة مع تاريخ المنظمة التي كانت تستند الى ادوار اساسية للبلدان العربية ذات الانتساب الافريقي، مصر و الجزائر والمغرب. ابعد من اعداد الاجواء لعقد القمة الافرو - اوروبية ، انها قد تقلب معادلات سابقة، عندما كان الطرف الاوروبي يلوح بإمكان التدخل عسكرياً في الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، كونها مرتبطة بالامن الاوروبي، او في بلدان افريقية تعاني من تزايد الصراعات العرقية والحروب الاهلية وتدفق اللاجئين. واذا لم يكن للحل الوفاقي من محاسن غير هذا التطور، فإن ذلك يفيد في امكان تحويل الحل المرحلي الى منظور جديد في العلاقات، يبدأ من المصالحة بين بلدان الشمال الافريقي ويمتد شمالاً وجنوباً نحو محاور اخرى.