جاكارتا - أ ف ب، رويترز، د ب ا - أكد الناطق باسم الجيش الاندونيسي الجنرال سودراجات امس الثلثاء اعلان "حال طوارئ عسكرية" في تيمور الشرقية. ولكنه رفض تأكيد ان ذلك يرقى الى الاحكام العرفية. وجاء ذلك في وقت ساد غموض في طبيعة هذا الاجراء بعدما اعلن وزير الاعلام الجنرال يونس يوسفيه ان "مجلس الوزراء رفض طلب وزير الدفاع والقائد الاعلى الجنرال ويرانتو الخاص بفرض حالة طوارئ في تيمور الشرقية". وتزامن ذلك مع اعلان قائد احدى الميليشيات الموالية لاندونيسيا التي تبث الرعب في تيمور الشرقية ان رجاله مستعدون "لاحراق كل شيء"، في حال لم يتم تنظيم استفتاء جديد حول مستقبل المستعمرة البرتغالية السابقة. وقال هيرمينو دا سيلفا دا كوستا: "علينا العمل سوياً. لكن اذا لم يمكن تحقيق ذلك او لم تعاود المجموعة الدولية اجراء التصويت فاننا مستعدون لتدمير كل شيء". واكد دا كوستا ان عدد عناصر الميليشيات سيرتفع بشكل كبير خلال الايام المقبلة. وقال: "كان لدينا 25 الف رجل امس الاثنين ... وخلال يومين او ثلاثة ايام سيكون لدينا 100 الف رجل". واضاف: "انها ليست حرب بين اندونيسيا وتيمور الشرقية وانما حرب بين الحكم الذاتي والاستقلال". واوضح انه يعاون جاو تافاريس الذي يقود قوات الميليشيات المناهضة للاستقلال. وبدا ان الجهود الاندونيسية تكثفت في نشر سفن تابعة لسلاح البحرية وطائرات نقل عسكرية "للمساعدة في اجلاء النازحين"، ما يسهم في افراغ الاقليم من سكانه الاصليين. تهجير بالقوة واكد رئيس بعثة الاممالمتحدة في تيمور الشرقية ايان مارتن في ديلي ان التيموريين "لا يفرون بل يهجرون بالقوة". وذكرت مصادر متطابقة من بينها مصادر قريبة من الاممالمتحدة ان السلطات الاندونيسية تعتزم نقل ما بين مئتي الف و300 الف شخص بالقوة. وقد يكون هدف ما يعتبره عدد كبير من المحللين السياسيين عملية تطهير عرقي وسياسي واسع النطاق، جعل نتائج الاستفتاء الذي نظمته الاممالمتحدة واختارت فيه غالبية سكان المقاطعة الاستقلال، لاغية فعليا. وتفيد كل الشهادات المتوفرة من الاممالمتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر والكنيسة الكاثوليكية والصحافيين والمقاومة في تيمور الشرقية ان العسكريين الاندونيسيين والميليشيات التابعة لهم، يقومون منذ 48 ساعة بافراغ ديلي من سكانها وفرزهم ثم نقلهم في شاحنات تحت تهديدالسلاح. وقال المحللون ان النطاق الواسع للعملية وطابعها التنظيمي يشيران الى انها مخططة ومقررة منذ فترة طويلة. ويؤكد هؤلاء المحللون، ومن بينهم ديبلوماسيون غربيون، ان الوسائل اللوجستية والمالية الكبيرة المستخدمة لا يمكن تعبئتها من دون موافقة السلطات العليا في الدولة، العسكرية منها والمدنية. واعلن مندوب اللجنة الدولية للصليب الاحمر في تيمور الشرقية بعد مغادرته الى داروين شمال استراليا امس، ان حوالي ستين الفا من سكان المقاطعة تم تجميعهم في مراكز الشرطة في ديلي لطردهم من تيمور الشرقية. وقال مندوب اللجنة في تيمور الشرقية جان لوك ميتزكر: "عندما غادرنا ديلي كان تم تجميع ما بين خمسين وستين الف شخص سيطردون بالقوة من تيمور الشرقية الى الشطر الاندونيسي من تيمور" في مراكز الشرطة. واضاف ان "الميليشيات والشرطة والجيش، اشتركوا في اقتياد هؤلاء الاشخاص الى مراكز الشرطة وسيتم نقلهم في قوافل الى اتانبورا" في تيمور الغربية التي تخضع للسيادة الاندونيسية. وشكك وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر بقرار تطبيق الاحكام العرفية في الاقليم قائلا أنه "ليس أمامنا سوى أن ننتظر لنرى الفرق الذي سيحدثه تطبيق تلك الاحكام". وقال أن هناك "ما بين 15 و20 ألف جندي من الشرطة المسلحة الاندونيسية في تيمور الشرقية غير أن الاقليم في حالة من الفوضى الدموية". من جهة اخرى، ذكرت صحافية هولندية في ديلي ان مقر بعثة الاممالمتحدة في تيمور الشرقية تعرض لهجوم صباح امس في باوكاو التي تبعد 115 كيلومترا الى الشرق من ديلي، مما اضطر الاممالمتحدة الى اجلاء موظفيها. واضافت تجيتسكي لينغسما التي لجأت الى مقر بعثة المنظمة الدولية في ديلي ان طائرتين تنتظران في مطار باوكاو لنقل الموظفين الاجانب الى استراليا. يذكر ان باوكاو، ثاني مدن تيمور الشرقية، بقيت هادئة نسبيا حتى صباح امس. وكان اسقف ديلي كارلوس فيليبي بيلو نقل اليها بالطائرة اول من امس بعد ان تعرض مقر اقامته في ديلي لهجوم. وافاد مراسل إذاعة "إيه.بي.سي" الاسترالية من موقع المجمع المحاصر التابع للامم المتحدة والذي يضم غالبية الاجانب المتبقين في ديلي، أن الميليشيات واصلت أعمال العنف والقتل وإطلاق نيران الاسلحة الالية في الشوارع التي خلت من المارة، بينما تصاعدت أعمدة الدخان من المنازل التابعة للمؤيدين للاستقلال بعد إضرام النار فيها. وكان من المقرر أن تبدأ قوة حفظ سلام دولية في الوصول إلى تيمور الشرقية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل حينما تتحول تيمور الشرقية إلى منطقة تحت وصاية الاممالمتحدة تمهيدا لاعلانها دولة مستقلة. وتصر إندونيسيا، التي قامت بغزو تيمور الشرقية عام 1975، على ألا يتم نشر قوات أجنبية على أرض تيمور الشرقية إلا بعد أن يقوم البرلمان الاندونيسي بإلغاء المرسوم الصادر عام 1976 والذي تم بمقتضاه ضم تيمور الشرقية إلى إندونيسيا لتكون الاقليم السابع والعشرين في الاتحاد الاندونيسي.