بعد أقل من عام على فوزه بالانتخابات الفيديرالية، مني الحزب الديموقراطي الاجتماعي الحاكم في المانيا بالتحالف مع الخضر وزعيمه المستشار غيرهارد شرودر بهزيمة قاسية في الانتخابات المحلية التي جرت اول من امس الأحد في مقاطعتي براننبورغ وسارلاند. ففي الأولى شرق البلاد، فقد الحزب غالبيته الساحقة بعدما خسر أكثر من 14 في المئة من أصوات الناخبين اذ حصل على أقل من 40 في المئة منها في مقابل اكثر من 54 في المئة خلال الانتخابات السابقة عام 1994. وعلى عكس ذلك تمكن الحزب الديموقراطي المسيحي المحافظ وهو حزب المعارضة الرئيسي من رفع نسبة ناخبيه الى اكثر من 26 في المئة بدلاً من نحو 19 في المئة سابقاً. وكذلك الأمر بالنسبة الى الديموقراطيين الاشتراكيين الشيوعيين سابقا الذين فاق نصيبهم 23 في المئة من الأصوات في مقابل نحو 19 في المئة في المرة الماضية. وتمثلت مفاجأة انتخابات المقاطعة بحصول اتحاد الشعب الألماني وهو حزب يميني متطرف على 2،5 في المئة من أصوات الناخبين ليتمكن بذلك من دخول برلمان المقاطعة في مدينة بوتسدام للمرة الأولى. أما الخضر والليبراليون فلن يتمكنوا من دخوله لعدم حصولهم على الحد الأدنى المطلوب لذلك، أي نسبة 5 في المئة. وبهذه النتيجة يصبح خيار الاجتماعيين الوحيد للحكم اما التحالف مع المسيحيين المحافظين او مع الاشتراكيين الشيوعيين سابقاً. وفي مقاطعة سارلاند المعروفة بأنها الحصن التقليدي لحزب شرودر، خسر الحزب الغالبية البرلمانية المحلية تاركاً الساحة لمنافسه الرئيسي الحزب الديموقراطي المسيحي، بعد أربعة عشر عاماً على حكمه المقاطعة بدون انقطاع. وفاز الديموقراطيون المسيحيون بفارق ضئيل تمثل بحصولهم على 45.5 في المئة من أصوات الناخبين في مقابل 4،44 في المئة للحزب الاجتماعي. وهنا لم يتمكن لا الخضر ولا الحزب الليبرالي ايضاً من الحصول على نسبة الحد الأدنى لدخول البرلمان. وبذلك سيتمكن الحزب المسيحي من حكم سارلاند بمفرده ولو بفارق صوت واحد. وفي اول تعليق له على نتائج الانتخابات، عبر المستشار غيرهارد شرودر عن خيبة أمله معتبراً ان الاصلاحات الاقتصادية التي تنوي حكومته تطبيقها كانت وراء ذلك. وخص بالذكر منها برنامج التوفير او التقشف الرامي الى تقليص الانفاق الحكومي بنحو 30 بليون مارك. وبالرغم من ذلك أكد شرودر على تمسكه بالإصلاح لأنه لا يوجد بديل له على حد تعبيره. وستكون لخسارة الحزب الديموقراطي الاجتماعي في انتخابات المقاطعتين نتائج سلبية على مشاريع حكومة شرودر في المستقبل. وسيتمثل ذلك في صعوبة تمرير الاصلاحات التي تحتاج الى غالبية أصوات مجلس الاتحاد او مجلس الشيوخ البوندسرات البالغة 69 صوتاً والموزعة على المقاطعات الألمانية حسب ثقلها الديموغرافي او السكاني. ووفقاً للتوزيع الجديد لم يعد لتلك التي يحكمها حزب المستشار سوى 26 صوتاً في مقابل 24 للمحكومة من قبل الحزب الديموقراطي المسيحي. وهناك 15 صوتاً تخص الولايات المحكومة من قبل تحالفات رئيسية تضم الحزب الحاكم. اما الأصوات الأربعة المتبقية فسيتقرر مصيرها على ضوء التحالف القادم في مقاطعة براننبورغ. وإزاء المؤشرات التي تدل على تراجع شعبية شرودر وحزبه، يخشى مؤيدوه من خسارته للانتخابات المقبلة أواخر الأسبوع الحالي في مقاطعة نوردهاين - ويستفاليا. وفي حلا تم ذلك سيصبح بمقدور المعارضة ايقاف المشاريع التي تحتاج لموافقة مجلس الشيوخ عليها. وعندها لن يتمكن المستشار من تحقيق الكثير من طموحاته الإصلاحية خلال السنوات الثلاث المتبقية من حكمه.