على أبواب الانتخابات الرئاسية في اليمن، والتي ستبدأ يوم 23 ايلول سبتمبر الجاري، ارتأت "الحياة" ان تستطلع آراء نخبة من الكتاب اليمنيين، ذوي الولاءات السياسية المحددة، والذين يمثلون ألوان الطيف السياسي اليمني. وبما ان انتخابات الرئاسة ليست مسألة شخصية بقدر ما هي مسألة سياسية عامة، وبما انها تثير سلسلة من الأسئلة والقضايا، فقد كان توجهنا ان نطرح على الكتاب المعنيين سؤالاً مركزياً يمس جوهر الحياة السياسية اليمنية، ليطل كل منهم على انتخابات الرئاسة، من خلاله، وبما يعمق مناقشة القضايا، ويطلع القارئ على التوجهات الحقيقية للحوار الدائر في اليمن. وكان سؤال "الحياة": وأنهم على أبواب الانتخابات الرئاسية، ما هي المشكلة الأساسية في اليمن من وجهة نظركم، هل هي الديموقراطية، أم الوحدة الوطنية، أم التنمية الاقتصادية، وكيف يكون العمل لتحقيق أولويات المستقبل؟ وقد تجاوب مع دعوة "الحياة" كتاب يمنيون بارزون، سننشر مداخلاتهم بالتوالي. في غضون النصف الأخير من القرن الجاري شهد العالم تحولات كلية ونوعية وعاشت البشرية حقبة تاريخية حافلة بالصراع الذي ساد مختلف الميادين واحتشدت فيه مجمل الوسائل التي أبدعها الإنسان تحقيقاً لذاته وتقريراً لمصالحه واستجابة لرغباته ونزواته. وأمكن تحويل مكونات الحياة ومقوماتها لصالح معادلات القوة والنفوذ. فسقطت الايديولوجيا وغيبت العقائد وخفت بريق المذاهب السياسية القومية والأممية واختفى التوازن القطبي وغدا العالم من هدبه حتى أخمص القدم منغمساً في معمعة أخرى تمثل فصلاً جديداً من فصول التاريخ الإنساني المعاصر. ومثل حال بلدان عديدة كانت اليمن حاضرة الصراع وضحيته، إذ شهدت معتركات التيار القومي المتأثر بحركات التحرر التي امتدت رقعتها على نطاق واسع وشكلت من غاندي في الهند إلى عبدالناصر في مصر حركة دولية نادت بالحياد وعدم الانحياز وحملت على عاتقها عبء الخلاص من فكاك الاستعمار. غير أن هذا التيار القومي الذي حرك مشاعر الانتماء العروبي ودك الكثير من العروش المندثرة والممالك المندرسة واجه انتكاسات مريعة وصدمات متوالية، إذ دمر المشروع الوحدوي بين مصر وسورية، وسرعان ما توالت رياح النكبة مجسدة بهزيمة حزيران يونيو 1967 وما تلاها من اخفاقات ساهمت في تقويض المشروع القومي. وحينئذ تحولت الأمة العربية إلى فريسة تتجاذبها أعاصير الصراع وزوابع الحرب الباردة وتداعيات التغريب. وحينها غدت اليمن في مقدم الدول المطوقة بالمخاطر من كل حدب وصوب. فالثورة اليمنية الوليدة 26 أيلول سبتمبر و14 تشرين الأول اكتوبر 1963 انقسمت على نفسها والشعب الذي تمنى من الثورة فرصة لإستعادة وحدته سيما وقد ولى الاستعمار البريطاني واطيح بالحكم الإمامي وجد نفسه يتجرع مرارة الخيبة الناجمة عن انقسام الوطن على ذاته وبقاء الأوضاع الشطرية كما هي عليه، ناهيك عن تفاني نظامي الحكم لما كان يسمى بجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية بتبادل الاتهامات وإسقاط نعت الرجعية على الشمال والالحادية الماركسية على الجنوب بينما الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يتسم بها كلا النظامين لم تكن تتجاوز مدار التخلف كسمة مشتركة للتعبير عن ما يحدث في المحافظات الجنوبية من شطط في تبني الماركسية اللينينية وما تعيشه صنعاء من اضطراب رؤية وديماغوجية حكم، وعلى نطاق المواجهة بين نظامي الحكم في كل من صنعاء وعدن نكبت اليمن بحربين ضاريتين ناهيك عن سلسلة من المناوشات وارتالاً من الضحايا الذين سقطوا بفعل تبني الحزب الاشتراكي للعنف الثوري المسلح وسيلة لإسقاط نظام الحكم في صنعاء. وفي تلكم الاثناء، انتقلت أطراف الحركة الوطنية من موقعها في تأصيل خط الثورة والحفاظ على أهدافها إلى نفق الخصومة حين غدا العنف لغة سائدة ونهجاً مشاعاً فاندلعت أحداث آب اغسطس في صنعاء قاصمة ظهر بعير شارد ودخلت المحافظات الجنوبية دورات عنف أخرى بين رفاق الدرب الواحد الذين يقتتلون على وهج النجمة الحمراء فاطيح بالرئيس قحطان الشعبي وتلاه سالمين وجاء الدور على عبدالفتاح وعلى ذمته لاذ علي ناصر محمد فراراً بجلده في أحداث 13 كانون الثاني يناير 1986. ولسنا بصدد التفصيل الممل، ولكننا ارتأينا ضرورة أن يكون الحديث عن الانتخابات الرئاسية اليمنية مستنداً على خلفية تاريخية تجعلنا نقدر ما إذا كانت هذه الانتخابات امتداداً لمشاكل ماضوية أم أنها تنطوي على دلالات ذات صلة بمفاهيم العصر وتحدياته ومنطق الحياة وأطوار تقلبها من حال لآخر. وفي واقع الحال، فإن الانتخابات الرئاسية التي تتهيأ اليمن لخوضها تكتسب أهمية استثنائية تعزى لعوامل في طليعته ان هذه الانتخابات التنافسية الحرة تعد سابقة في تاريخ النظام الجمهوري الذي كان حتى وقت قريب يعتمد على شرعيتين لا علاقة لهما بالديموقراطية، وأعني بذلك الشرعية الثورية والوطنية. هذا من ناحية، ويقابلها ان الانتخابات الرئاسية تشكل ملمحاً مهماً وانطلاقة ايجابية تؤهل اليمن للوقوف على مشارف القرن الواحد والعشرين، وهو ما يعكس أهمية واستمرارية الدور الذي لعبته اليمن في بناء الحضارات الإنسانية وقدرتها على الانبعاث من سباتها القديم لتعيد إلى ذاكرة المجتمع الإنساني ترانيم أول تجربة شوروية كانت مثار تناول بين السماء والأرض منذ آلاف القرون "قالت ياأيها الملأ افتوني في أمري، ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون"، صدق الله العظيم. أما على صعيد العلاقة بين الانتخابات الرئاسية وتنمية التقاليد الديموقراطية الحديثة، فإن الانتخابات المزمع اجراؤها في أيلول سبتمبر الجاري ستجرى على قاعدة الإقرار المطلق بمبدأ التداول السلمي للسلطة ونجاح مبادرة الرئيس علي عبدالله صالح في إحداث تعديلات دستورية تحدد الفترة الزمنية لشغل منصب رئيس الجمهورية بدورتين انتخابيتين، وهو النص الذي لا وجود له في مختلف الدساتير العربية ويتميز به دستور الجمهورية اليمنية. وكما هو معلوم، فإن الاهتمام بالانتخابات الرئاسية اليمنية على المستويين الداخلي والخارجي - الخاص والعام - يعكس مدى الأهمية المرتبطة بالمؤسسة الرئاسية بوصفها همزة الوصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، كما أنها المعني الأول بإتخاذ القرارات المصيرية للشعب والسيادية للوطن. أما كيف أعد لهذه الانتخابات وما هي طبيعة المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تجرى فيه عملية تنظيمها حتى تغدو تعبيراً حقيقياً عن توجهات الناخبين ورأيهم في المرشح موضع الثقة، وماهية الوعي السياسي والديموقراطي الذي يجعل البرامج الانتخابية تحتل الأولوية في التنافس، وأين تكمن الحقيقة في ما يروى عن هذه الانتخابات سواء من قبل مؤسسات النظام السياسي أو أحزاب المعارضة، فضلاً عن طائفة متفرقة من الأسئلة التي تشغل بال المهتمين بالشأن اليمني ويعتبر الحديث بصددها ذو شجون. وبواقع الحال، ومن غير أدنى اعتبار لاشكالات طفيفة في الواقع وسلبيات ثنائية مردها حداثة التجربة، إلا أن ما يجري في اليمن يعتبر حالة متقدمة لنموذج يحاول تحذير خصائصه ليمثل خطوة ايجابية نحو العصر واستجابة واعية لدواعي التطور التي يشهدها العالم. غير ان الجوانب الايجابية في التجربة الديموقراطية اليمنية لا تنفي مطلقاً وجود مخاوف حقيقية تهددها وتنطوي مؤشراتها الأولية على أدلة تؤكد قابلية بعض الأحزاب اليمنية للتراجع عن الخيار الديموقراطي والمساومة عليه في أي فرصة تصبح الصفقات فيها وحسابات الربح والخسارة أولى من صندوق الانتخابات وأكثر حرمة من الدستور. المعلوم ان هذه المؤشرات، أو بالأصح، احتمالات التراجع عن الديموقراطية شهدت تواتراً خطيراً منذ أزمة 1994 وما تخللها من ارتداد عن الشرعية الدستورية وإقرار لوثيقة عهد تعطل الدستور. وجاءت الانتخابات البرلمانية في 27 نيسان ابريل 1997 مشيرة لوجود قوى سياسية فاعلة تتعمد إلحاق الضرر الفادح بالتجربة الديموقراطية وتتخذ من شرعية وجودها في إطار التعددية الحزبية وسيلة لتقويض العملية الديموقراطية برمتها. حدث هذا عندما قرر الحزب الاشتراكي ومجموعة أحزاب يمنية أخرى مقاطعة الانتخابات من دون أن يكون لديها من الأسباب والمصوغات القانونية ما يحول دون مشاركتها، وحينها بدا واضحاً أن أهم الأحزاب اليمنية المعارضة تريد الوصول إلى السلطة عن طريق السلطة نفسها، وهي على استعداد لتقليص مطامعها في الوصول إلى سدة الحكم في حال القبول بإجراء مصالحة وطنية تسمح للمعارضين المشاركة في تشكيل حكومة تضمن لهم حصة من مصالح مبتغاة ومكاسب مأمولة. ومما يثير الغرابة، ان يقرر حزب ما مقاطعة انتخابات برلمانية ويستغني عن وسيلته السلمية الوحيدة في معترك التنافس على السلطة، كما يقرر فهمه لنتائج العملية الانتخابية سلفاً، معفياً نفسه من ممارسة الحق في التنافس وإقناع الجمهور وكسب تعاطف الناخبين ومراقبة الخروقات ميدانياً والعمل على مواجهتها عبر القضاء - هذا الحزب أو الأحزاب - المعارضة التي تنتهج اسلوباً كهذا وتحصر دورها على اصدار بيانات الشجب والتنديد كيف يكون بوسعنا الاطمئنان على التجربة الديموقراطية من حساباتها الآنية المحدودة. إن لكل شيء منطقه، ولكل حدث أسبابه، وكذلك فإن لكل مقدمة نتيجتها ولهذا كان قرار جزء من أحزاب المعارضة اليمنية مقاطعة انتخابات نيسان 1997 مقدمة أدت بدورها لاخفاق هذه الأحزاب في الحصول على التزكية التي ينص عليها الدستور ويوجب على المرشح لرئاسة الجمهورية حيازتها. كان بمقدور تلك الأحزاب أن تشرط مشاركتها في الانتخابات الرئاسية باصلاحات دستورية تعالج النص المتصل بالتزكية البرلمانية للمرشح وكان لديها من الحجج المنطقية ما يضطر السلطة إلى الاذعان لمطالبها لكنها دفعت بمرشحها الأمين العام للحزب الاشتراكي صالح عباد مقبل لتقديم ملف ترشيحه إلى البرلمان معولة على وعود خارجية بالضغط على قيادة المؤتمر الشعبي العام حزب الرئيس لتوفير التزكية المطلوبة من بين أعضائه في مجلس النواب. ترى كيف ينسجم مثل هذا الموقف ومصلحة المعارضة من وجود ديموقراطية عملية قائمة على تنافس حزبي حقيقي لا يجعل الحقوق تتحول إلى هبات ولا النضال المشروع في ميدان التداول السلمي يتماهى في صورة أطياف ينسجها الوهم. ليكن واضحاً أن السلطة، أي سلطة، تقبل بدور الحضانة لأحزاب المعارضة، إنما تعبر بذلك عن سخريتها بالديموقراطية وتفرض نمطاً أبوياً يحول وتطور الوعي السياسي للمجتمع. ولو ان المؤتمر الشعبي العام أملى على أعضائه في البرلمان تزكية مرشح المعارضة، فإنه يضع نفسه محل اشتباه بمصداقية تعاطيه مع الديموقراطية. ولنفترض جدلاً أن السلطة وفرت لمرشح المعارضة التزكية المطلوبة، فمن أين لنا بتأكيد قطعي يعمق قناعتنا بوجود معارضة حقيقية تعتمد على قدراتها الذاتية. صحيح اننا كثيراً ما نتمنى وجود قضايا عادلة تطرحها المعارضة وتستوجب منا التعاطف والتأييد ومن الشعب المساندة والاحتشاد، ولكن تقديرات المعارضة لدورها النضالي في صفوف الجماهير وارتخائها في الأبراج العاجية عادة ما يجعلنا نختار السلطة على علاتها؟ والحق أن كثيراً من قيادات وقواعد المؤتمر الشعبي، واحسبني منهم، كانوا يعبرون بحماس شديد عن قناعتهم بأهمية تبني الكتلة البرلمانية للمؤتمر مشاركة المعارضة وتزكية مرشحها اعتقاداً بأن وجود هذا المرشح المنافس يعبر عن رغبة صادقة بكسر الحواجز النفسية التي تمنع ذوي التطلعات المشروعة من ممارسة حقوقهم الدستورية وتهيبهم منافسة الرؤساء والقادة. غير أن قرار هذه الأحزاب بمقاطعة الانتخابات الرئاسية إثر اخفاقها في الحصول على التزكية المطلوبة، كان قراراً متسرعاً ينم عن ذهنية شمولية تفترض في من تريد ازاحتهم عن السلطة إلغاء أسس التنافس وتجاوز الصيغ الدستورية وممارسة مبدأ التداول السلمي بطريقة كاريكاتورية مضحكة. إن استخلاصنا لموقف أحزاب مجلس تنسيق المعارضة من الانتخابات الرئاسية وخروج مرشحها من دائرة المنافسة يختزل في سؤال واحد هو: هل يحدث في أي بلد ديموقراطي كائناً من كان أن تخوض المعارضة غمار الانتخابات معتمدة على دعم الحزب الحاكم أو متكئة على أطره التنظيمية؟ ومتى استطاع أحد ان يروي مثالاً يرد على السؤال بنعم، فسيكون من واجبنا إلقاء اللائمة على الرئيس علي عبدالله صالح وحزبه لأنهما لا يمتلكان من السماحة ما يجعلهما يفيدان من الأمثلة المضروبة ويحتذيان انماطاً ودروساً وتجارب عربية أو دولية خولت المعارضة حق الاحتجاج على الحزب الحاكم، لأنه لم ينب عنها في توفير الشروط الدستورية التي تنظم عملية التنافس الحزبي على السلطة. ومما يخيل إليّ أن الأحزاب المنضوية في إطار مجلس تنسيق المعارضة تود الوصول إلى السلطة من دون موافقة الشعب والمشاركة في مقاليدها اعتماداً على توافق النخب، وهي حين تعلق قرار المقاطعة على مشجب النص الدستوري تنسى مسؤوليتها عن إضاعة الفرص البديلة وبطليعتها التنسيق مع أحزاب المعارضة الأخرى التجمع اليمني للاصلاح التي تملك ثقلاً برلمانياً معتبراً، يؤهل المعارضة لتزكية مرشحين اثنين ينافسان الرئيس صالح، ويحوز كل واحد منهما على التزكية البرلمانية التي تؤهله لخوض الانتخابات التنافسية من دون الحاجة لدعم الحزب الحاكم. ومن هنا تبدو التجربة الديموقراطية مخاضاً شاقاً يتطلب قدراً من التمرس وكثيراً من المثابرة وبعد النظر، ليس فقط لجدتها في مجرى العمل السياسي، ولكن لأنها تستهدف صياغة حديثة لقوالب تفكير ومنطلقات عمل أشك في امكان توافر أشراطها في ظل واقع اقتصادي لم تتضح ملامحه بعد، ولذلك تغدو التفاعلات الديموقراطية بتبعاتها المتعددة أحوج ما تكون لمضمون اقتصادي يحرر المجتمع من الحاجة ويؤمن للبلاد متطلباتها الملحة على صعيد التنمية. إن الديموقراطية ما لم تحمل مضموناً اقتصادياً يجسد رخاء الإنسان ويمثل مرحلة ارتقاء من هموم المعيشة وتعقيدات الحياة بجوانبها المطلبية إلى مستوى التطلع لتحقيق الذات واتساع نطاق التفكير بالمشاركة السياسية أنها من دون ذلك ستصبح محل نفور وعدم اكتراث شعبيين. والتجربة الديموقراطية في اليمن عملية مكلفة لا من حيث الانفاق المادي الذي يقترن باجراءاتها ولكن لأنها ما زالت تشكل بالنسبة لليمنيين إحدى المشاكل الذي يدفعون ضريبتها نظراً لما تمثله من حساسية عند بعض الأشقاء والجيران. وليس مبالغة احساسنا بامتعاض البعض كلما حققنا منجزاً أو كسبنا رهاناً أو نجحنا في تجربة، ويصل هذا الامتعاض في أحايين شتى إلى درجة تغري على الذهول. غالب الظن اننا في اليمن نخوض الديموقراطية كتحد إنساني تماماً، كما هو خيار شراكة فعلية مع مختلف دول العالم التي تأخذ على كاهلها رعاية ودعم الديموقراطية الناشئة. وبهذا تكون الشراكة مهمة أخلاقية تقتضي المساعدة على مواجهة معضلات التخلف وتوفير المناخات الاقتصادية الداعمة توجهات النظام السياسي المكرس باتجاه الممارسة الديموقراطية. ومن الغلو اعتقادنا بأن لدى اليمن من الامكانات الذاتية ما يمكنه - منفرداً - من مواجهة تحديات استراتيجية أبرزها تدني مستوى المعيشة وارتفاع معدلات التضخم السكاني ونضوب مخزون المياه الجوفية في معظم المدن، ناهيك عن دواعي الحاجة القصوى لاستكمال بناء مقومات الدولة المؤسسية الحديثة واستئصال الفساد والقضاء على الأمية وتنمية قدرة الإنسان على التعامل مع تقنيات العصر. وحين يتيسر تجاوز تلك التحديات، فإن الديموقراطية ستصبح ركناً رئيسياً من أركان الحياة اليومية، وعندها فقط تحتل اليمن موقعها في قلب العصر، وذلك حلم، طال الزمن به أم قصر، لكنه يظل ماثلاً والسعي لتحقيقه ممكناً والعمل في سبيله مشروعاً. * عضو المؤتمر الشعبي العام الحاكم، رئيس المركز العام للدراسات والبحوث والإصدار، رئيس تحرير مجلة "الموقف" اليمنية.