سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اجواء المفاوضات والمساومات والوساطات التي رافقت "واي 2". اللاءات الإسرائيلية فرضت نفسها على الاتفاق الجديد والفلسطينيون استندوا الى "الضمانات الأميركية" للقبول
وأخيراً… وبفضل "رسالة الضمانات الاميركية" الجديدة وافق الجانب الفلسطيني على توقيع اتفاق "واي 2" الذي أدخل رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك تعديلات عليه أهمها الزام الفلسطينيين بالبدء في مفاوضات الحل النهائي قبل الانتهاء من تنفيذ الانسحابات العسكرية التي نصت عليها الصيغة الاصلية للاتفاق المرحلي، وإرجاء موعد الاعلان عن الدولة الفلسطينية لحين الانتهاء من مفاوضات الوضع النهائي. أثمر تصلب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك في قضية الافراج عن الأسرى الفلسطينيين من السجون الاسرائيلية، حيث وافق الفلسطينيون أيضا على ما أسماه مسؤول لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني قدورة فارس على "النتيجة المؤلمة" للمفاوضات في هذا الشأن والمتمثلة بالافراج عن 350 أسيراً فلسطينياً فقط من أصل 750 أسيراً وعد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو في مباحثات واي بلانتيشن باطلاقهم. ومعلوم أن نتانياهو أفرج فور التوقيع على "واي" عن 250 فلسطينياً موجودين في السجون الاسرائيلية 86 منهم كانوا قد اعتقلوا لأسباب سياسية فيما البقية من السجناء الجنائيين. وبعد مفاوضات عسيرة مع الاسرائيليين أصر الجانب الفلسطيني - حتى اللحظة الأخيرة التي سبقت تدخل وزيرة الخارجية الاميركية مادلين أولبرايت - على التمسك بعدد - حل وسط يشمل الافراج عن 400. ولكن في نهاية نص الاتفاق المعدل على اطلاق 350 أسيراً فقط وفقا لما أقره "المجلس الامني" الوزاري الاسرائيلي المصغر الذي قام أيضا بتحديد "لاءات" جديدة في خصوص مواصفات الأسرى الذين ستفرج عنهم الدولة العبرية في هذه المرحلة وفي مراحل لاحقة. وتشمل اللاءات الاسرائيلية الأسرى الفلسطينيين من مدينة القدسالمحتلة ومن داخل الخط الاخضر وهؤلاء الذين أعتقلوا بعد التوقيع على اتفاق أوسلو والاسرى الذين شاركوا في عمليات عسكرية أدت الى مقتل اسرائيليين. ومن المقرر أن يبدأ الافراج عن الدفعة الاولى من المعتقلين التي ستشمل 200 معتقل اليوم الاحد. ويطلق 150 معتقلاً آخر في الثامن من شهر تشرين الأو اكتوبر المقبل. وعلى أهمية قضية الأسرى بالنسبة لكل بيت فلسطيني، الا أن المراقبين يعتقدون أن "واي 2" حملت في جعبتها ما هو أسوأ على صعيد الارض محور الصراع الفلسطيني مع الدولة العبرية. ويمكن تلخيص هذه القضية بالنقاط التالية: 1 - على رغم نجاح الفلسطينيين بفصل عملية الانسحابات الاسرائيلية عن مفاوضات الحل النهائي بحصولهم على جدولة زمنية محددة لتنفيذ هذه العملية بمعزل عن مفاوضات الحل النهائي، الا أن باراك وباصراره على وجوب التوصل الى "اطار اتفاق" قبل حلول منتصف شهر شباط فبراير 2000 بات يملك ورقة ضغط على الفلسطينيين في هذا الشأن من خلال تأخير اعادة الانتشار الثالثة التي نص الاتفاق المعدل ان يتم الانتهاء منها في العشرين من شهر كانون الثاني يناير من العام نفسه. وتشمل هذه المرحلة نقل ما نسبته واحد في المئة أي نحو 100 كيلومتر مربع من أراضي الضفة الغربية الى سيطرة فلسطينية كاملة منطقة أ. وبدلاً من تحديد نسبة الانسحاب التي ستشملها المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار التي نص عليها الاتفاق المرحلي الاصلي - أوسلو - ينص "واي 2" على تشكيل لجنة اسرائيلية فلسطينية مشتركة لبحث هذه المسألة. إلا ان وزير التخطيط والتعاون الدولي نبيل شعث أشار قبل أن يطير الى منتجع شرم الشيخ لحضور مراسم توقيع الاتفاق أن أحد البنود التي وردت في "رسالة الضمانات" التي وفرتها أولبرايت تؤكد أن "مسألة التقدم في مفاوضات الحل النهائي لن تؤثر على عملية تنفيذ الانسحابات"، مضيفاً أن الاميركيين "ضمنوا" الفصل بين الحل الانتقالي والنهائي". 2 - مع الاخذ بالاعتبار أن الاسرائيليين فقط هم الذين يحددون خرائط اعادات الانتشار حسب المصادر الاسرائيلية لن تشمل مرحلتي اعادة الانتشار الاولى والثانية مناطق في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية والقريبة من مدينة القدسالشرقية التي طوّقتها اسرائيل بالمستوطنات من كافة الجهات وتصل الى مشارف مدينتي رام الله والبيرة المتلاصقتين. والمنطقة الوحيدة التي علم الفلسطينيون في زمن نتانياهو أنه سيتم الانسحاب منها والتي تشمل ثلاثة في المئة من أراضي الضفة الغربية على أن تصنف "محمية طبيعية"، رفض باراك الانسحاب منها واتفق مع الفلسطينيين على الانسحاب مما أسماه من "مناطق نوعية" في شمال الضفة الغربية بين مدينتي جنين ونابلس لتوفير تواصل اقليمي محدود بين "الجزر" الفلسطينية التي انتجها أوسلو. وهذا التعديل الذي أصر باراك على إدخاله يقطع الطريق على الفلسطينيين بإحداث تواصل مع الضفة الشرقية لنهر الاردن ويبعدهم كليا عن سيطرة ولو جزئية على الحدود الاردنية التي يعتبرها أركان الدولة العبرية الحدود الأبدية لإسرائيل. الحل النهائي وعلى صعيد بدء مفاوضات الحل النهائي، فتشير التوقعات الى أن الفلسطينيين والاسرائيليين شرعوا منذ فترة في الواقع بمناقشة "اطار اتفاق" حول المسائل التي ستبحث في هذه المفاوضات وقطعوا شوطاً كبيراً في هذا الصدد. ومعروف أن هذه المفاوضات تشمل الحدود والمياه والقدس والمستوطنات واللاجئين والسيادة السياسية. بعض السياسيين والخبراء الفلسطينيين اشتكوا في الواقع من عدم وجود طواقم عمل فنية متخصصة للتحضير لهذه المفاوضات وأشاروا في حديث ل"الحياة" الى قناعتهم ان المفاوضات بدأت بالفعل في أطر ضيقة وغير رسمية. واتفق الجانبان على أن انتهاء مفاوضات "الوضع النهائي الذي سيضع حدا للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي" ويقود الى تنفيذ قراري الاممالمتحدة 242 و 338" حسب ما ورد في الاتفاق خلال عام أي بحلول 12 أيلول سبتمبر من العام 2000، على أن يتم التوصل الى "اطار اتفاق" في موعد أقصاه 15 شباط فبراير من العام المقبل. ويبرز هذا البند من الاتفاق العديد من المشاكل أهمها أن اسرائيل لديها تعريف مغاير للتعريف الفلسطيني والدولي لما ورد في قرار مجلس الامن رقم 242 منذ صدوره وخصوصا ما يتعلق ب"أل التعريف" المشهورة في عبارة "المناطق المحتلة" وتصر اسرائيل أن القرار ينص على وجوب انسحاب اسرائيل من "أراض احتلتها في العام 1967" بدل الأراضي. خطوات احادية أما في البند الذي يشير الى "امتناع الطرفين عن القيام بخطوات أحادية الجانب خلال الفترة الزمنية التي ستجري فيها مفاوضات الحل النهائي" والتي أراد فيها الفلسطينيون ضمان وقف عمليات الاستيطان والتغييرات التي تجريها اسرائيل في مدينة القدس وعمليات السيطرة على الارض وتشييد بنية تحتية لدعم تواجدها في المناطق الفلسطينية التي ترغب اسرائيل بابقائها تحت سيطرتها حتى في ظل التسوية النهائية. هذا البند استغله باراك وادعى انه يسري على قضية اعلان الدولة من جانب الفلسطينيين. وهنا تدخلت أولبرايت مرة أخرى وأعطت الفلسطينيين "ضمانات مكتوبة" كما قال شعث تتضمن "تأكيد وجهة النظر الاميركية بخصوص الاستيطان بصفته مدمرا للعملية السلمية وأنه اجراء احادي الجانب يجب وقفه". وفي المقابل وافق الفلسطينيون في الاتفاق المعدل على إرجاء اعلانهم عن الدولة والتي كانت الولاياتالمتحدة أكدت دعمها لها اذا ما تم ذلك في نهاية العام الجاري، حتى الانتهاء من مفاوضات الحل النهائي. وأوضح كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن الفلسطينيين "لن يعلنوا من جانب واحد عن اقامة الدولة حتى أيلول 2000" وهو التاريخ المقرر أن ينهي فيه الجانبان مفاوضات الحل النهائي. وأضاف عريقات انه "اذا فشل الاتفاق يكون من حقنا الاعلان عن الدولة". تقرير المصير وتشمل رسالة الضمانات الاميركية بنداً يشير الى "حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم على أرضهم" دون الاشارة المحددة لاعلان الدولة. وأكدت مفاوضات اللحظة الاخيرة بما لا يدع مجالاً للشك وبغض النظر عن مدى "موضوعيتها" أهمية الدور الاميركي في "حلحلة" الامور الكثيرة التي يجد الفلسطينيون والاسرائيليون أنفسهم عالقين فيها على مائدة المفاوضات. فإذا كان هذا هو الوضع في مسألة التوصل الى اتفاق حول اتفاق كان تفسيراً لاتفاقات مرحلية سابقة، فكيف سيكون عليه الحال في المفاوضات المقبلة؟