يبدو أن رفض الكنيسة الارثوذكسية المصرية قبل أيام الصلاة على جثمان القس ابراهيم عبدالسيد بناء على تعليمات اصدرها البابا شنودة الثالث فتحت مجالاً لحملة يتبناها اقباط مصريون رفضوا بشدة تصرف شنودة ووجهوا إليه انتقادات حادة. ولوحظ أن صحفاً "قومية" مصرية نشرت على غير العادة أمس مقالات لرموز من الاقباط تضمنت للمرة الأولى ألفاظاً حادة موجهة ضد شنودة. في حين طالب المفكر القبطي الدكتور ميلاد حنا الكنيسة "وضع منظومة هيكلية إدارية تنظم عمل الكنيسة وتحدد المسؤولية لكل مستوى من مستويات العمل داخلها". بعدما استغرب تصرف شنودة ضد "جثة رجل حاول تغيير الفكر الموروث من العصور الوسطى". وقال حنا ل"الحياة": "أعرف قداسة البابا شنودة منذ 60 سنة تقريباً، وعلاقتي به مرت بمراحل مختلفة لم يكن كلها انسجام ومودة. وكنت أفضل أن أؤثر السلامة ولا أعلق على الواقعة الأخيرة، لكنني دهشت بشدة لما قام به ضد جثمان رجل خدم الكنيسة القبطية من وجهة نظره وكانت له رؤيته التنويرية الخاصة والتي حاول بها تغيير الفكر الموروث من العصور الوسطى. وكنت أتمنى من شنودة، الذي اكتسب شعبية كبيرة في العالم العربي وحتى بين المسلمين في مصر، أن يكون متسامحاً ونموذجاً لقبول الآخر لا أن يناضل جثة هامدة لا تستطيع أن تتحدث أو تدافع عن نفسها". وأعرب حنا عن أمله في أن تكون الواقعة "بداية لحقبة جديدة يقوم فيها شنودة بمراجعات تشمل إجراءات لوضع منظومة هيكلية مقننة في نصوص وتشريعات واضحة تحدد كل ما يتعلق بالتنظيم الداخلي للكنيسة وليس العقيدة والموروثات الإيمانية التي هي ثابتة وغير قابلة للتطور أو التغيير". واعتبر حنا أن المشكلة الحقيقية للكنيسة المصرية هي "عدم وجود قواعد تحدد مسؤولية البابا أو غيره من المسؤولين في الكنيسة". واضاف: "حينما حملت اسرة عبدالسيد جثمانه وجالت به على الكنائس ووجهوا بعبارة واحدة: "البابا الموجود حالياً في اميركا أصدر تعليمات بعدم الصلاة على الجثمان"، فانتهى الأمر وتم الصلاة على الجثمان في الشارع". وشدد على أن التصرف "نتيجة لحكم فرد وليس طبقاً لقواعد أو قوانين تحدد التصرف في مثل هذه الأمور". ونشرت صحيفة "الأخبار" مقالين لاثنين من رموز الاقباط المصريين، الأول المفكر كمال زاخر موسى الذي حمل مقاله عنوان "أهكذا تكون الإبوة؟". واعتبر فيه أن فترة تولي شنودة "حولت الحلم الى كابوس"، واشار الى أن البطريرك "طرق أبواب الصحافة العامة ينفث آراءه في زملاء مسيرته يوزع عليهم الاتهامات كما توزع البركة، ورفض كل المحاولات التي سعت لتوحيد كلمة الكنيسة في تشدد يستند الى صلاحيات المنصب والتعلق الطبيعي لشعب الكنيسة براعيها". وتطرق موسى الى واقعة عبدالسيد. وقال: "مات القس ابراهيم عبدالسيد وطويت صفحة حياته ليقف بين يدي الديان العادل يعطي حساباً عما صنع وكتب - له وعليه - لكن شهوة الانتقام لم تدعه وربه، إذ رفضت كل الكنائس القبطية الارثوذكسية الصلاة على جثمانه لأن تعليمات كنسية صدرت بعدم الصلاة عليه لتكتب فصلاً جديداً في مسلسل الانحدار الكنسي الذي لا يلتفت لتسرب ابناء الكنيسة، خارج دائرة الايمان وبأرقام مذهلة"، وتساءل: "الى متى تبقى الحال على ما هي عليه؟"، واختتم: "إن الامر جد خطير أن تترك مقدرات الكنيسة في يد فرد واحد مهما كانت قدراته وإمكاناته، فالكنيسة هي جماعة المؤمنين لا شخص البطريرك والذي يصيب ويخطئ". أما الدكتور جرجس كامل يوسف فحمل على "ممارسات الرئاسة الكنسية وجبروتها وبطشها". وقال: "كان من المنتظر من رئاسة الكنيسة وراعيها أن يكون رحيماً مثل إلهه، طيباً وعطوفاً مثل سيده، راعياً مثل راعيه الصالح، فيأمر على الفور باحتضان جثمان الراحل الأب عبدالسيد وأن تفتح له أبواب ومذبح كنيسته التي خدم فيها وأن يصلى عليه في وسط شعبه، لكن ويا حسرتاه صدمت الأسرة وصدمت مشاعر جميع الناس معها برفض البطريركية مقر البابا الصلاة على الجثمان". واضاف: "وا مصيبتاه في حال كنائسنا، وحال كهنتنا، إذ حولوا التقية التي لله لأنفسهم وضربوا بعرض الحائط كلام الله".