مصدران ينبعث منهما الارهاب: الدولة وتستخدمه لاشاعة الامتثال والخضوع بين مواطنيها، اي انه يتجه من الأعلى الى الأسفل. والأفراد الذين يستخدمونه ضد الدولة ومؤسساتها، اي من اسفل الى اعلى. وفي الحالين يسمى بالعربية "ارهاباً". اما في الانكليزية فالتسمية تختلف. فالارهاب المنبعث من الأعلى يقال له Terror اما الآخر يسمى Terrorism. وفي عام 1986 تم استحداث مصطلح جديد هو State Terrorism "ارهاب الدولة" وذلك اثر الهجوم الاميركي على ليبيا وحسب ما جاء في كتاب الدكتور فرانك بارنابي الموسوم "ادوات الارهاب". واعتبر كثيرون الغارة على ليبيا شكلاً من "ارهاب العالم الأول" وناقشوا قضية ضحايا "الضربة الجراحية" الذين اعتبرتهم الادارة الاميركية "ضحايا عمل ضروري". و"الارهابي لا يولد وانما يصنع" استناداً الى ريتشارد بيرلشتاين في كتابه "عقل الارهابي السياسي". وهناك عوامل كثيرة تدخل في "صناعة" وتهيئة الارهابي منها ما هو "ذاتي" كالعوامل النفسية ومنها ما هو "موضوعي" كالبيئة والروابط الاجتماعية .... والحقيقة فان معظم الاعمال الارهابية سواء كانت منفردة او سلسلة اعمال تتعاقب على مدى فترة زمنية طويلة، لم تستطع ان تحقق اهدافها الا في حالات قليلة اهمها وأكبرها شأناً تلك العمليات التي ساعدت على قيام دولة "اسرائيل" وغرسها في قلب الوطن العربي .... وهناك من يقول بأن "الارهاب" يهدف الى "تعكير وتيرة الحياة ومجراها" لمن يستهدفه الارهاب كتاب "الارهاب" ماركريت هايد ومثاله "العقوبات الاقتصادية" التي فرضت على العراق "لتحقيق اهداف سياسية" التي جاوز تأثيرها "تعكير وتيرة الحياة" وتعداه ليتسبب بموت الآلاف من العراقيين الأبرياء. ويصف احد الخبراء "الارهاب" على انه "نظام اتصال" يتم ايصال الرسالة فيه عن طريق اعمال العنف. وفي الغالب تكون الغاية دفع السلطات الى الرد على العنف بالعنف لقهر المحتجين وبهذا يكسب هؤلاء عطف الناس على قضيتهم. وغالباً ما تبدأ الاحتجاجات على شكل تجمعات سلمية صامتة ثم تتحول تدريجياً الى شغب ثم الى اعمال عنف .... ويميل بعض المختصين بدراسة الارهاب وتعقب آثاره الى وصف الارهابيين على انهم مختلّون عقلياً. غير ان الخبير برايان جنكنز يحذر من ان هذا التعليل يفيد فقط الناس الذين يفضّلون عدم الاعتراف بأن "اللاعدالة" التي يحاربها الارهابيون حقيقية. ومع كل ذلك، فان صعوبة كبيرة تبقى تعرقل فهمنا لمعنى الارهاب بسبب السياسات ذات المعايير المزدوجة لحكومة ما او بسبب الاختلاف الظاهر بين الحكومات والاشخاص في تعيين الحدود الفاصلة بين كل من الارهاب والعمل الثوري من اجل الحرية والجريمة .... والولايات المتحدة هي الدولة الاكثر تعرضاً للهجمات الارهابية داخلياً وخارجياً. ويفسر المسؤولون الاميركيون في معرض ردهم على اسئلة المواطن الاميركي من ان السبب يعود الى ان هذه الدولة هي الاكبر والأقوى والأغنى ولهذا يستهدفها الارهابيون "الضعفاء والفقراء" طمعاً في الشهرة والمال. غير ان الوقائع تقول شيئاً آخر: فالمواطن الاميركي تيموثي ماكفيه الذي فجر البناية الفيديرالية في اوكلاهوما لم يكن هدفه الشهرة والمال على ما هو واضح، وهو ينتظر تنفيذ حكم الاعدام في احد السجون الاميركية. وعناصر "جبهة تحرير بورتوريكو" المتهمين بحيازة متفجرات والتخطيط لعمليات "ارهابية" ويقضون مدداً متفاوتة من احكام بالسجن في السجون الاميركية - اصدر الرئيس الاميركي بيل كلينتون عفواً عنهم اخيراً - لم يكن همهم الشهرة والمال قطعاً .... ليس هناك، اذن، حقائق ثابتة عن "الارهاب" في واشنطن غير حقيقة واحدة المعالم تقول: ان اعمال العنف التي تخدم مصالحنا وتحققها هي اعمال قانونية ومشروعة. والأعمال التي تهدد مصالحنا وتقوضها هي اعمال غير قانونية وهي شر و"ارهاب" .... لم يذكر لنا المهتمون بدراسة "الارهاب" متى على وجه الدقة بدأ "الارهاب" بينما يؤكد التاريخ انه لم تمر فترة من فتراته الا وشهدت قدراً من "الارهاب" يعادل او يقل عن "المظالم" التي فيها .... شيكاغو - طالب أحمد سبع