ضمن الاحتفال بذكرى الرسام الاسباني الكبير ديِّغو فيلازكيز الذي يستمر لمدة عام كامل، إذ يصادف مرور أربعمئة عام على ولادته، تشهد مدينة مدريد، التي صمّم كثيراً من أبنيتها وزينَّ كثيراً من جدران متاحفها، نشاطات ثقافية وفنية وسياحية متنوعة.، فمنذ الشهر السادس من هذا العام قامت مديرية السياحة بتنظيم جولات سياحية بالتعاون مع بعض المهتمين بالفن والثقافة للتعريف بحياة فيلازكيز وأعماله وعلاقته مع ملك اسبانيا فيلبي الرابع، إضافة الى التعريف ميدانياً بالأحياء التي عاش فيها والدور البارز الذي إدّاه في المجال الثقافي والفني والاجتماعي خلال القرن السابع عشر. في الساعة التاسعة مساءً من كل يوم جمعة لمدة ثلاثة أشهر، تنطلق مجموعات من هواة فن فيلازكيز بإشراف مختصين بحياته وفنه من أمام مركز المعلومات السياحي في مدريد القائم في أهم ساحات إسبانيا المعروفة بإسم بلازا مايور الساحة الكبرى. في البداية يعرض المرشد السياحي لمحة مختصرة عن حياة فيلازكيز الذي ولد في مدينة اشبيلية سنة 1599م. وانتقل الى مدينة مدريد سنة 1622. وكذلك عن علاقته ب"بلازا مايور" التي كانت اول الأماكن التي استهوته في مدريد وأمضى فيها كثيراً من أوقاته وغيَّر من تصميمها بعض التغيير وبخاصة ما يتعلق بالبوابات التي كانت مفتوحة على مصاريعها، إذ جعلها على شكل أقواس وأشاد فوقها بعض الشقق السكنية. ثم يتم الانتقال الى بناء قريب من الساحة المذكورة خصص لوزارة الخارجية الإسبانية، كان صممه فيلاز كيز ليكون محكمة ولكن عند الانتهاء منه حُوِّل الى سجن للمعاقَين من حاشية البلاط. وبعد ذلك يتجه الموكب الى مناطق مخفوضة في مدريد القديمة مروراً بشارع توليدو، حيث يصل الى زقاق صغير عاش فيه فيلازكيز مع عائلته سنوات عدة قبل أن ينتقل الى القصر الملكي، وبعد أن يتم الانتقال من هذا الزقاق الذي اسمه كايخون دي لا كونسيبسيون خيرونيما، يتم المرور سريعاً على بعض المدارس التي صممها فيلازكيز وعلى أحد الشوارع التي عاش فيها وعلى بعض الساحات التي ساهم في انجازها، الى أن يتم الوصول الى بلازا دي أورينتي ساحة الشرق التي يتوسطها تمثال رائع للملك فيلبي الرابع وهو يمتطي جواده، كان خططه فيلازكيز وفي شكل لافت للانتباه. ومقابل هذه الساحة يقع القصر الملكي قصر الشرق، الذي أنشئ على أنقاض قصر عربي، وهو ذو مساحة كبيرة ولونه أبيض، جانب الأسوار العربية التي ما زالت بقاياها واضحة حتى الآن. ويستخدم حالياً للاستقبالات الرسمية واحتضن عام 1991 مؤتمر السلام حول الشرق الأوسط. وقد عاش فيلازكيز في هذا القصر كرسام بلاط وخادماً للملك ورسم فيه بعض لوحاته وأهمها لوحة لاس مينيناس. هذه هي مدريد التي عاش فيها فيلازكيز، أو مدريد الفيلازكية، التي كانت في فترة ذهبية من حياتها على الرغم من كون شوارعها قديمة وطراز بنائها قديماً، وهذه هي مدريد اليوم تستعيد ذكريات تلك الفترة من حياتها من خلال الاحتفال بالعيد المئوي الرابع لميلاد رسامها الكبير فيلازكيز، الذي عاش فيها ما يقارب الأربعين عام ودفن في مقبرة تابعة لكنيسة سان خوان باوتيسا في السادس من أغسطس عام 1660. وعلى رغم مرور ما يقارب الثلاثة قرون على وفاته، إلاَّ أن ذكراه ما زالت طيبة عند المدريديين لأنه ترك انجازات بارزة على صعيد تخطيط المدينة وساحاتها وتماثيلها ونافوراتها. ويحتضن متحف البرادو تمثالاً له أمام بوابته الرئيسة، وينظم المعنيون في المتحف في أيام الأربعاء من كل أسبوع زيارات في إشراف مرشدين سياحيين للتعريف بالإنجازات التي قام بها فيلازكيز بالقرب من متحف البرادو مثل الصالات والحدائق والممرات، ولشرح لوحاته المعلقة في صالات المتحف وخصوصاً المهمة منها مثل لاس هيلانديراس، لاس مينيناس، لاس لانزاس لاس دينديسون دي بويدا، فيلبي الرابع، الأمير بالتاسار كارلوس، أدوراسون دي لوس ريّس ماغومس.