حذر الرئيس الشيشاني موسكو من ان التصعيد العسكري قد يدفع جمهورتيه الى "اعادة النظر" في علاقاتها مع روسيا، فيما تعرضت العاصمة الشيشانية غروزني الى مزيد من الغارات اوقعت خسائر في عدد من احيائها السكنية والصناعية، لكن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين نفى احتمال القيام باجتياح بري. أغارت اربع طائرات من طراز "سوخوي 25" امس على احياء سكنية - صناعية في غروزني، يوجد في واحد منها منزل الرئيس اصلان مسخادوف. وألحقت الغارات اضراراً كبيرة بالمنشآت النفطية ومحطة الاذاعة والتلفزيون الحكومية التي لم يتوقف بثها. وذكر المدير العام لمؤسسة "غروز نفط" شيخ احمد عادلوف ان كل الموازنة السنوية للجمهورية عاجزة عن تعويض الاضرار التي لحقت بمنشآت النفط والغاز. وأضاف ان الطيران الروسي في زمن الحرب 1994 - 1996 كان تفادى ايقاع خسائر بهذه المنشآت الحيوية. وفي موسكو، أعلن قائد سلاح الجو اناتولي كورنوكوف ان الطائرات شنت خلال الساعات ال24 الماضية 70 غارة كان من بين اهدافها "حرمان الارهابيين من الوقود وشل قدرتهم على المناورة". وزاد ان الغارات سوف تستمر على مختلف اتحاد الجمهورية الشيشانية. لكنه شدد على ان الطائرات تتحاشى ايقاع خسائر بالمدنيين. ولمواجهة التطورات العسكرية المحتملة، قررت القيادة الشيشانية اعتماد خطة للدفاع عن غروزني وسائر المدن الشيشانية. الا ان نائب رئيس الوزراء سعيد ابو سلموف اكد على ان مسخادوف "يبذل جهوداً لتفادي حرب واسعة النطاق". وفي حديث الى وكالة "انترفاكس"، ذكر مسخادوف ان تصعيد الغارات الجوية "هدر للقوى والاموال". وحذر من وجود قوى في موسكو تريد اشعال حرب اهلية داخل الشيشان وتدمير الجمهورية بالغارات الجوية. وأكد انه "سيدخل تعديلات جدية" على سياسته اذا لم تغير موسكو موقفها الحالي ولم توقف الغارات والحصار. ولاحظ المراقبون ان تصريحات مسخادوف خلت من تهديدات ب"الرد المماثل" كانت تطلقها غروزني كلما تعرضت الى القصف. ولم يشر الرئيس الشيشاني الى احتمال الاجتياح البري الذي يمكن ان يزعزع مواقع الحكومة الرسمية في غروزني. وكان بوتين اكد صباح امس عند زيارته العاصمة الكازاخية استانا، ان موسكو "لا تخطط لعملية عسكرية برية واسعة". لكنه ذكر ان الايام القادمة ستوضح الخطة التي تعتمدها روسيا "لمواجهة حرب الارهاب الدولي الهادفة الى تجزئة روسيا وسلخ المناطق الغنية بالثروات الطبيعية عنها". الا ان الرئيس الانغوشي رسلان آوشيف، وهو جنرال شارك في الحرب الأفغانية، ذكر ان المناورات التي تقوم بها القوات المسلحة الروسية "تشير الى استعداد لعملية برية". وحذر من ان اندلاع الحرب مجدداً سيؤدي الى "عواقب وخيمة تستمر عشرات السنين". وطلب من الرئيس الروسي بوريس يلتسن الموافقة على عقد لقاء عاجل مع اصلان مسخادوف الذي وافق على حضور اجتماع لقادة جمهوريات شمال القوقاز يوم الاثنين القادم. وقال ل"الحياة" سياسي شيشاني يقيم في موسكو ان القيادة الروسية تأمل في ان يؤدي القصف الجوي والمدفعي والتصعيد العسكري الى "تأليب" الشيشانيين ضد القادة الميدانيين الراديكاليين. لكنه اضاف ان الاجتياح "سيؤدي الى مفعول عكسي" يتمثل في توحيد مختلف القوى بزعامة شامل باسايف "وبالتالي تحجيم دور مسخادوف المعتدل والمقبول لدى روسيا". وخوفاً من الاجتياح، تدفق على غروزني زهاء 30 الف لاجئ من المناطق الحدودية. وذكر سكرتير مجلس الدولة الشيشاني خوتسيان احمدوف ان الجمهورية لا تستطيع مساعدتهم بسبب الحصار المفروض عليها من جميع الجوانب. ولم يستبعد المسؤولون الروس احتمال القيام ب"عمليات محدودة" تستهدف كبار القادة الراديكاليين. وذكر رئيس الوزراء انه قرر "ملاحقتهم وقتلهم حتى اذا كانوا في دورة المياه" وخوفاً من عمل انتقامي، عززت الاجراءات الامنية في موسكو ونقل الى العاصمة زهاء اربعة آلاف شرطي من المدن الاخرى. وتزايدت المضايقات التي تتعرض لها الجالية الشيشانية التي هدد عدد من اقطابها برفع شكاوى الى الأممالمتحدة والمحاكم الاوروبية. واعترف الناطق الرسمي باسم هيئة وزارة الامن الكسندر زدانوفوفيتش ان التفجيرات الاخيرة في موسكو قام بها "مواطنون يحملون الجنسية الروسية ولكن ليس بينهم شيشاني واحد". وأوضح وزير الأمن نيكولاي باتروشيف ان المنفذين غادروا العاصمة الروسية وتوقع ان يكونوا انتقلوا الى الجمهورية الشيشانية.