كشفت نتائج المؤتمر العالمي الثاني للمحافظة على البيئة في صناعات الاسمنت، الذي اختتم أعماله في مراكش الأسبوع الجاري، ان المبادلات بين الدول العربية تظل ضعيفة في مجال تجارة الاسمنت والخرسانة، نتيجة ارتفاع كلفة الشحن والرسوم الجمركية. وقد نظم المؤتمر "الاتحاد العربي للاسمنت ومواد البناء" الذي يتخذ من سورية مقراً له، وشارك فيه عدد كبير من شركات انتاج الاسمنت في الدول العربية، بالاضافة إلى عدد من الشركات الدولية. وهدف المؤتمر، الذي عقد في فندق "شيراتون"، إلى التعريف بالتجارب المختلفة، وتنسيق السياسات الانتاجية والبيئية وسبل تلبية حاجات المشاريع العربية الجديدة في مجال الاسمنت ومواد البناء ومعدات صنع الخرسانة وفق النظم العالية المقاومة. وكشف المؤتمر الذي استمرت أعماله أربعة أيام، أنه من بين نحو 100 مليون طن من الاسمنت التي تنتجها مختلف الشركات العربية من القطاعين العام والخاص، لم يتم العام الماضي تسويق سوى نحو ستة ملايين طن من الاسمنت من أصل تسعة ملايين طن استوردتها الدول العربية وغالبيتها من الاتحاد الأوروبي. وتأتي السعودية على رأس الدول العربية المصدرة للاسمنت والخرسانة بنحو 5.3 مليون طن، علماً أنها تنتج 20 مليون طن. وصدرت تونس 790 ألف طن، وتنتج أربعة ملايين طن، فيما صدرت الإمارات العربية المتحدة 700 ألف طن وتنتج ثمانية ملايين طن، وصدر الأردن، الذي ينتج أربعة ملايين طن، 574 ألف طن، والمغرب الذي ينتج سبعة ملايين طن صدر 232 ألف طن. في المقابل، تحتل مصر المرتبة الأولى في قائمة الدول العربية المستوردة للاسمنت بنحو أربعة ملايين طن سنوياً على رغم أنها تنتج أكبر حصة عربية تفوق 21 مليون طن. وتستورد الكويت مليوني طن من الاسمنت، وكذلك الإمارات العربية المتحدة. وذكر المؤتمر ان برامج تخصيص قطاع الاسمنت في الدول العربية ساعدت على رفع الانتاجية وتحسين الجودة، وسمحت في المقابل للشركات العملاقة بدخول الأسواق العربية وبينها مجموعة "هولديغنبك" السويسرية التي تملك 51 في المئة من "شركة اسمنت الشرق" المغربية ومصانع أخرى في مصر. كما توسعت مجموعة "لافارج" الفرنسية في كل من المغرب وتونس ومصر والأردن. ودخلت السوق العربية شركات أخرى مثل "ايطالسيمنتي" و"سيمبور" و"يونيلاند". وتعتزم مجموعات مثل "جيومتريكا" الأميركية ولاية تكساس و"هافير بوكير" الألمانية و"اندرو تيكستايل اندستريز" البريطانية ولوج الأسواق العربية. وكانت مشاركتها واضحة في المؤتمر. ويعتقد ان احتمال إعادة فتح الحدود الجزائرية - المغربية سيرفع الحصار عن تجارة الاسمنت بين الدول المغاربية، خصوصاً بين المغرب والجزائر، التي تعتبر ثاني أكبر بلد عربي مستورد للأسمنت بعد مصر. وتعتقد "شركة اسمنت الشرق" التي تعتزم انفاق مبلغ 100 مليون دولار لبناء وحدتين في الناظور وسطات، انه بامكانها تصدير 500 ألف طن سنوياً إلى الجزائر، علماً أنها وقعت عقداً مع شركة جزائرية لتزويدها بنحو 250 ألف طن سنوياً من الاسمنت ومواد الخرسانة. وهي تنتج 2.2 مليون طن سنوياً. ويبدو القرب الجغرافي مساعداً لمنافسة الشركات الفرنسية والأوروبية العاملة في الأسواق المغاربية. كما ان موريتانيا تحتاج إلى كميات إضافية من الاسمنت بسبب النقص الذي تعانيه من هذه المادة التي لا تنتج منها سوى 250 ألف طن سنوياً. وكانت "اسمنت الشرق" التي تأسست منتصف السبعينات تهدف إلى تغطية الأسواق المغربية والجزائرية بمادة الاسمنت ومواد البناء. لكن الخلافات جعلت الشركة تركز نشاطها على السوق المغربية قبل تخصيصها عام 1993 وانتقالها إلى سيطرة مجموعة "هولديغبنك" التي يشاركها "البنك الإسلامي للتنمية" في مجلس الإدارة من خلال تملكه 14 في المئة من رأس المال المقدر ب421 مليون درهم.