تأتي قضية تعيين نائب للرئيس المصري على رأس المواضيع التي تأمل قوى المعارضة السياسية أن يحسمه الرئيس حسني مبارك في مستهل فترة ولايته الرابعة عقب الاستفتاء الذي سيجري الأحد المقبل. لكن يبدو أن مبارك لا يرى الأمر كما تراه المعارضة. فهو استغرب أكثر من مرة إلحاح بعضهم على تعيين نائب له، وأوضح مراراً أن الدستور يحدد الآليات التي تتبع في حال خلو منصب الرئيس لأي سبب، إذ ينص الدستور على أن "يتولى رئيس مجلس الشعب البرلمان مهمات الرئيس لمدة أقصاها 30 يوماً يعلن خلالها البرلمان اسم المرشح للمنصب على أن يحصل على موافقة ثلثي عدد النواب ثم يطرح الاسم للاستفتاء الشعبي". ورفض مبارك مراراً الإجابة عن أسئلة للصحافيين تتعلق بالشخص الذي يرى أنه يصلح لتولي منصب النائب، وهو قبل أيام حسم جدلاً استمر فترة، ونفى اشاعات ترددت اخيراً عن دور سياسي لنجله السيد جمال مبارك في المستقبل. وعلى خلاف سلفيه جمال عبدالناصر وأنور السادات فإن مبارك لم يعين منذ انتخابه رئيساً للبلاد في المرة الأولى في تشرين الأول اكتوبر العام 1981 أي نائب له، لكن قانون الطوارئ المعمول به في البلاد منذ مقتل السادات يخول سلطة الحاكم العسكري الى رئيس الوزراء. ورغم أن الرئيس المصري أكد أن التحليلات التي تناولت الإعلان عن عزمه إجراء تغييرات في الاشخاص والسياسات بعد الاستفتاء ذهبت الى تقديرات خاطئة إلا أن البعض ما زال يعتقد أن الولاية الرابعة ستشهد تعيين أول نائب لمبارك، لكن الشخص المرشح للمنصب يظل غير معلوم على رغم أن صحفاً معارضة ومستقلة تناولت اسماء عدد من المسؤولين الحاليين مرشحين للمنصب. لكن مبارك نفسه انتقد، في حديثه قبل أيام الى مجلة "أكتوبر" الاسبوعية ذلك التصرف ورجح أن يكون بعض يسعى الى تحقيق مصالح خاصة. وتظل قضية "النائب" في دائرة الترجيحات والتخمينات من دون المعلومات المؤكدة. ويبدو أن الأمر سيأتي مفاجأة للجميع، تماماً كما فعل السادات حينما اختار مبارك نائباً له ولم يعين أحداً ممن كانوا في أركان الحكم، وأصر على أن يكون النائب من المنتمين الى "جيل اكتوبر" وهو التعبير الذي أطلقه السادات على من لعبوا أدواراً بارزة في حرب تشرين الأول اكتوبر 1973. وقتها التقى السادات كبار قادة الجيش ووقع اختياره على مبارك، لما ابداه من كفاءة في قيادة القوات الجوية اثناء الحرب. ولأن الأحداث تتبدل وتتغير وفقاً للسياق التاريخي الذي يحيط بها، فإن عبدالناصر يعد أكثر الرؤساء المصريين الذين عينوا نواباً له. وظلت اختيارات عبدالناصر تنحصر في زملائه ممن شاركوه الثورة. وهو كان شكّل في بداية الستينات مجلساً رئاسياً ضم عدداً منهم بينهم السادة كمال الدين حسين وزكريا محيي الدين وكمال رفعت، لكنه عاد والغى مهمات المجلس الذي كان اعضاؤه في ذلك الوقت يعدون نواباً لرئيس جمهورية، وحين أعلن تنحيه عن الحكم إثر "نكسة 1967" اختار نائبه محيي الدين ليقود البلاد في المرحلة اللاحقة ثم عاد وعين السادات نائباً قبل وفاته بسنة واحدة.