باريس - أ ف ب - في بداية ايلول سبتمبر 1969 تمكن جهازا كومبيوتر تبعدهما بضعة امتار في كاليفورنيا، للمرة الاولى من تبادل المعلومات عن طريق الهاتف ليدشن ذلك ولادة انترنت، الشبكة العالمية التي احدثت ثورة في الاتصالات والمعلوماتية في نهاية القرن العشرين، لا تزال آفاقها مفتوحة على تطور غير محدود. وعرفت شبكة "وورلد وايد وب" العالمية التي تصل حالياً بين 25 مليون جهاز كومبيوتر و180 مليون مستخدم في العالم، انطلاقة هادئة قبل ان تشهد ثورة حقيقية في بداية التسعينات. وكان اول كومبيوتر قادر على تبادل المعلومات جهازاً من طراز "هونيول 516" بضخامة ثلاجة تم تصميمه لحساب وكالة مشاريع البحث المتقدمة التابعة للجيش الاميركي. وضع هذا الكومبيوتر في البدء في جامعة كاليفورنيا في لوس انجيليس حيث تم توصيله بكومبيوتر الجامعة في الثاني من ايلول 1969، ثم في تشرين الاول اكتوبر من العام نفسه بثلاثة اجهزة اخرى في كاليفورنيا واوتا، بسرعة 50 بت/ في الثانية. وشكلت هذه الاجهزة نواة اول شبكة معلوماتية "اربانت". وفي السبعينات بدأت "اربانت" تتطور شيئا فشيئاً عبر وصل الجامعات والمنشآت العسكرية. ومن 13 جهاز كومبيوتر في 1970 نمت الشبكة الى 213 جهازاً في 1981 في الولاياتالمتحدة واوروبا. هذا التطور البطيء رافقه تقدم علمي كان لا بد منه لتحسين الحوار بين الآلات. وبدأ استخدام انترنت المدني في 1979 مع ولادة "يوزنت" وهي شبكة كومبيوترات تصل بين الجامعات. وتبعها عدد من الشبكات الجامعية. الا ان استخدام هذه الشبكات ظل محصوراً بالطلاب المتحمسين او المتخصصين بسبب تعقد لغة التخاطب المعلوماتية. وعليه كان لا بد من التوصل الى وسيلة لتسهيل هذه اللغة، وهو ما تم بعد ذلك بعشر سنوات عن طريق ما يعرف باسم اتصالات "هايبر تكست" التي توفر اتصالاً سهلاً بأي موقع على الشبكة من خلال استخدام الفأرة لتعليم رمزه. ويعود فضل اكتشاف ذلك الى تيم برنرز- لي، الباحث البريطاني الشاب من المركز الاوروبي للبحث النووي. وأدى هذا الاختراع الى تسريع انتشار انترنت لينتقل عدد الكومبيوترات المتصلة بها من 130 ألفاً في 1989 الى 7.1 مليون في 1993. واستمرت وتيرة اتساع الشبكة في التسارع حتى اليوم مع زيادة متواصلة في قدرات الشبكة وسرعة تبادل المعلومات. وكانت خمس سنوات، بين 1994 و1999، كافية لتحدث انترنت ثورة في الاقتصاد ونظام المعلوماتية العالمي المنفتح على تطور غير محدود. وغيرت انترنت عديداً من المهن بفضل توفر كمية ضخمة من المعلومات التي يمكن الحصول عليها آنياً في العالم اجمع وامكانية العمل عن بعد. ويقول جويل روزناي، مدير الاستراتيجية في مدينة العلوم والصناعة في لا فيليت في باريس، وأحد أهم الخبراء الفرنسيين في المجال ان العالم سيشهد خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة ثورة أكثر أهمية على الأرجح مع تزاوج التلفزيون وانترنت وتعميم الاجهزة المتصلة به كالهواتف المحمولة والمفكرات الالكترونية. ويقول روزناي ان "مستقبل انترنت لا حد له، وهو شبيه باختراع المطبعة والتلفزيون في ما بعد". الا ان انترنت مثلهما تماماً لا تخلو من الجوانب السيئة. فهي من جهة توفر نافذة آنية على المعلومات وعروضاً للعمل وشبكات متصلة وفرصاً للتعلم عن بعد ومحاربة العزلة، لكنها من جهة ثانية تساهم في نشر الاباحية والافكار النازية ناهيك عن المعلومات الخاطئة والمشوهة.