الجزائر - أ ف ب - اصبح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة طليق اليدين لاعادة النظام الى الجزائر بعد الفوز الساحق الذي حققه بموافقة الناخبين في الاستفتاء اول من امس على قانون الوئام المدني الذي اقترحه. وحقق بوتفليقة بحصوله على تأييد كثيف من مواطنيه، إجماعاً شعبياً يجعله في موقع يسمح له بفرض افكاره التي تزعج بعض القوى، خصوصاً تلك المتعلقة باصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي ومكافحة الفساد وعدم فاعلية الادارة. ولم يخف بوتفليقة ابداً ان هذا الاستفتاء ليس غاية بذاته بل "مؤشراً قوياً" لدعم عمل "تجديد الجزائر" الذي بدأه. وبتحقيقه هذا النصر المدهش، اصبح بوتفليقة يتمتع بشرعية شعبية كان خصومه يشككون فيها من قبل. وسيركز بوتفليقة في مرحلة اولى على تسوية مسألة العنف الذي ترتكبه الجماعات الاسلامية المسلحة واسفر عن مقتل اكثر من مئة الف شخص منذ 1992 في ظروف مروعة في معظم الاحيان. ويتمتع الرئيس الجزائري بهذا القانون الذي صدر في 13 تموز يوليو، بإطار قانوني سيسمح للذين يستسلمون للسلطات بالعودة من جديد للاندماج في المجتمع الجزائري. وينص هذا القانون الذي حددت مدة العمل به بستة اشهر تنتهي في 13 كانون الثاني يناير 2000، على عفو كامل او جزئي عن الاسلاميين المسلحين الذين يستسلمون للسلطات الجزائرية. لكن بوتفليقة حذر من ان العقوبة بعد هذا التاريخ "ستكون بلا رحمة" للاسلاميين المسلحين الآخرين. ويؤكد رئيس الحكومة السيد اسماعيل حمداني ان ما بين 250 و300 من عناصر هذه الجماعات استسلموا للسلطات منذ صدور القانون الذي يعاقب في اسوأ الحالات الذين ارتكبوا جرائم قتل او اغتصاب بالسجن عشرين عاماً. واعلن بوتفليقة انه يحتفظ لنفسه بامكانية استخدام حقه في العفو عند دراسة ملفات المحكومين. ولم تثر هذه النقطة التي طرحها الرئيس الجزائري عدة مرات صدمة لدى الجزائريين الذين انهكتهم المجازر. وقال ديبلوماسي في الجزائر ان "الرئيس الذي جعل من حل مشكلة الجماعات المسلحة اولى اولوياته يمكن ان يحل المشكلة بالطريقة التي تحلو له. والجزائريون لا يتوقعون غير ذلك. لكن عليه ان يعمل بسرعة لأن مشاكل اخرى تنتظره وصبر مواطنيه بدأ ينفد". فالوضع الاقتصادي والاجتماعي مفجع في البلاد حيث تبلغ نسبة البطالة 30 في المئة من قوة العمل بينما تراجع الانتاج الزراعي هذا العام 46 في المئة. والنقطة الايجابية الوحيدة هي ارتفاع اسعار النفط الذي تعد الجزائر بين كبار منتجيه. واعترف بوتفليقة اخيراً ان "خزانة الدولة فارغة". وهو لا يكف ايضاً عن انتقاد عجز الدولة التي يستشري فيها الفساد. واثبت ان خطبه ليست مجرد كلمات عندما اقال في نهاية آب اغسطس من دون اعلان مسبق عشرين من الولاة اتهمهم باستغلال السلطة. ويثير هذا الخطاب ارتياحاً لدى الجزائريين. وفي كل مرة تحدث فيها بوتفليقة عن الفساد وعجز الدولة في التجمعات خلال حملته للاستفتاء، لقي تصفيقا حاراً من الجزائريين الذين "ينتظرون بفارغ الصبر ان نغير العادات القديمة للانتهازية والصفقات المشبوهة"، كما قال في احد خطاباته.