قال البروفسور كرستوفر اندرو، المؤلف المشارك لكتاب "أرشيف ميتروخين" المأخوذ عن ملفات الاستخبارات السوفياتية "كي جي بي"، ل"الحياة" أمس إنه بدأ العمل على الجزء الثاني من الكتاب، مشيرا الى ان هذا الجزء سيتناول "كل بلدان الشرق الأوسط الى أواسط الثمانينات"، اضافة الى تفاصيل عن ملاحقة "كي جي بي" للإسلام واليهودية وحرب أفغانستان. وتوقع البروفسور أندرو، استاذ التاريخ الحديث والمعاصر ورئيس قسم التاريخ في جامعة كامبريدج، ان الجزء الثاني سيصدر بعد سنتين. وأوضح ان تأليف الكتاب بالاشتراك مع ضابط "كي جي بي" السابق فاسيلي ميتروخين، مهمة كبيرة، مشيراً إلى أن الجزء الأول جاء في نحو ألف صفحة. وكان الجزء الأول من "أرشيف ميتروخين"، أثار لدى نشره ضجة كبرى في بريطانيا. ويبدأ تلفزيون "بي بي سي" غداً الاحد ببث الحلقة الأولى من برنامج طويل عن الموضوع. وفضح الكتاب عددا من المتعاملين البريطانيين مع "كي جي بي"، من بينهم ميليتا نوروود 87 سنة التي تجسست لمصلحة الاتحاد السوفياتي طيلة 40 عاماً. ويعتمد "أرشيف ميتروخين" على عدد هائل من وثائق الاستخبارات السوفياتية، صورها الضابط السابق ونقلها الى بريطانيا عندما جاء اليها في 1992. ويركز الجزء الأول من الكتاب على عمليات "كي جي بي" في اوروبا والغرب عموما، لكنه يشمل أيضاً بعض المعلومات عن الشرق الأوسط، كما جاء في التقرير عن القضية في "الحياة" أمس. وأعرب بعض القراء عن خيبة الأمل لأن الكتاب لم يكشف اسماء المتعاونين البريطانيين الحقيقية، مكتفياً بذكر وظائفهم أو الاسم السري الذي أطلقه عليهم السوفيات. وقالت صحيفة "دايلي تلغراف" أمس ان "أرشيف ميتروخين" لم يكشف اسم ميليتا نوروود في بادئ الأمر، ذاكراً بدل ذلك اسمها السري "هولا". لكن المؤلفان اضطرا الى كشف الاسم بعدما اشترطت صحيفة "تايمز" ذلك لنشر مقتطفات من الكتاب. لكن الكتاب كشف اسمي خادمتين أرمنيتين تجسستا لمصلحة "كي جي بي" في بيروت في النصف الثاني من الستينات. الأولى كانت اليزابيت غازاريان، واسمها السري "زولوشكا"، التي تجسست عدة سنوات على السفارة وشبكة الاستخبارات البريطانيتين في بيروت، خصوصاً اثناء "عملية روبين" البالغة الأهمية. والثانية كانت ماري ماروسيان "فيرا" التي تجسست على ضابط "سي آي إي" أميركي. بالمقابل يتحدث الكتاب، مثلاً، عن عميل ل"كي جي بي" اسمه السري "شون" من دون ذكر اسمه الحقيقي. ويقول إنه كان يملك وكالة للإعلان في دمشق. واكتشفت الاستخبارات السوفياتية من خلال "عملية روبين" ان "شون" عميل مزدوج يعمل أيضاً لحساب "ام آي 6"، اي الاستخبارات الخارجية البريطانية. وبعدما أبلغ "شون" الاستخبارات البريطانية ان مسؤول "كي جي بي" في دمشق يقيم علاقة غرامية مع زوجة طبيب سوفياتي، تسلم رئيس "كي جي بي" يوري اندروبوف تقريراً أكد "اتخاذ اجراءات لتحييد نتائج خيانة شون". ولا تذكر وثائق ميتروخين شيئاً عن طبيعة تلك الاجراءات. وأثار "أرشيف ميتروخين" ضجة كبيرة في ايطاليا ايضا، اذ كشف تعاون الكثيرين من المسؤولين والصحافيين، على مدى سنين طويلة، مع "كي جي بي". وحمل واحد من اهم العملاء الاسم السري "داريو" واعطى للاستخبارات السوفياتية خلال ثلاثة عقود "مقداراً مذهلاً" من الوثائق السرية من وزارة الخارجية. كما ضم "داريو" الى شبكة التجسس قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، عدداً من العميلات، من بينهن "ليدا"، التي تزوجها لاحقاً. وأعربت حكومة ايطاليا عن انزعاجها من ان استخبارات بريطانيا المطلعة على وثائق ميتروخين منذ 1992 لم تقدم اليها أياً من هذه المعلومات. ونقلت أول من أمس صحيفة "كوريري ديلا سيرا" الايطالية عن رئيس الوزراء ماسيمو داليما قوله ان شبكة التجسس هذه، او حلقات منها على الأقل، ربما لا تزال ناشطة. وقال فرانكو فراتيني رئيس اللجنة البرلمانية المشرفة على أعمال الاستخبارات ان على الحكومة ان تطلب من لندن وموسكو فورا اسماء كل عملاء "كي جي بي". فيما ذكر رئيس نقابة الصحافة الايطالية ماريو بترينا انه طالب داليما وعدداً من الوزراء بتقديم ايضاحات لتهم التجسس الموجهة الى الصحافيين.