السفير ابن بيشان يقدم أوراق اعتماده لسلطان عُمان    الفيفا ينشر «البوستر» الرسمي لبطولة كأس العالم للأندية 2025    إحباط تهريب 380 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    "الديار العربية" و"NHC" توقّعان اتفاقية تطوير مشروع "صهيل 2" بالرياض    القمر البدر العملاق الأخير    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    جامعة أم القرى تحصد جائزة أفضل تجربة تعليمية على مستوى المملكة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فرنسا    الذهب يواجه أسوأ أسبوع في 3 سنوات وسط رهانات على تباطؤ تخفيف "الفائدة"    النفط يتجه لتكبد خسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    بيهيتش: تجربة النصر كانت رائعة    صحيفة إسبانية.. هذا ما يمنع ريال مدريد عن ضم لابورت    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الرياض تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء    جرائم بلا دماء !    الحكم سلب فرحتنا    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    عاد هيرفي رينارد    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعادة التنوع الأحيائي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    مقياس سميث للحسد    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استطلاع الشباب في العالم العربي حول بعض شؤون حياتهم ومظاهر العصر قسم ثاني


- كيف الأهل والاصدقاء والادارات الحكومية ؟
تمحورت مجموعة الأسئلة الثالثة حول علاقة الشباب بابناء سنّه وأهله والادارات الحكومية، سبراً لعلاقة هذا الشباب بمحيطه الخارجي والداخلي وبالدولة. كيف تبدو ملامح هذه العلاقة وما هو مقدار حرارتها؟ وكيف يبدو التماسك العائلي في العالم العربي المعاصر بعد هذا الاحتكاك الطويل مع هذا الغرب الذي تميّز بتحطيمه لأواصر اللُحمة العائليّة التقليدية.
* تمحور السؤال الأول هنا حول العلاقة بحلقة الاصدقاء والاصحاب، فجاء على النحو الآتي: "كيف هي علاقتك بأبناء سنّك؟".
اما الأجوبة فقد توزّعت، في نسبتها العامة، على الخيارات الآتية:
- 10 في المئة، من الجنسين، اعتبروا ان علاقتهم بأبناء سنّهم سيئة.
- 66 في المئة، من الجنسين ايضاً، اعتبروا انها جيّدة على نحو عام.
- 24 في المئة، من الجنسين، اعتبروا ان هذه العلاقة ممتازة.
فان جمعنا الخيارين الثاني والثالث علاقة جيدة وعلاقة ممتازة تبين لنا ان الغالبية العظمى من علاقات الشباب الداخلية، في العالم العربي، هي ايجابية. حيث ان لا مشكلة تُذكر، على نحو عام، في علاقات الشباب في ما بينهم. التواصل كبير بين ابناء السنّ الواحدة وضمن أطر الجيل المشترك.
والعلاقة الطبيعية والسويّة هذه قد ظهرت عند الاناث كما عند الذكور، من دون فوارق تُذكر. مما يعني ان الارتياح في العلاقة بين ابناء الجيل الواحد شامل للبنية الاجتماعية برمتها.
فهل ان ذلك يعني ان ثمة ذهنية شبابية محددّة وخاصة؟ هذا أمر يستحيل كشفه من خلال هذا السؤال. جل ما يمكن التأكيد عليه هو ان الشباب العربي المعاصر على تواصل مع بعضه البعض وعلى تجانس واتفاق. وهذه العلاقة الشكلية ايجابية بحد ذاتها ورصيد نفسي - اجتماعي ثمين، على المربّين استغلاله في اطار اعمال أكاديمية جماعية تفيد العلم والجماعة الشبابية على حد سواء.
اما البلد الذي ظهرت فيه أرفع نسبة التقويم السلبي للعلاقة بالآخرين فهي سورية، حيث صرّح 20 في المئة من الشباب ان علاقتهم بأبناء سنّهم سيئة. * تابعنا عملية الملاحظة، فانتقلنا بالأسئلة من دائرة الاصدقاء ورفاق الدراسة او العمل الى دائرة الأهل، من خلال السؤال البسيط الآتي: "كيف هي علاقتك بأهلك؟".
الواقع هنا ان لا تفسير حقيقياً لهذا السؤال الا على ضوء ما ورد في الأجوبة على السؤال السابق، حيث ننتقل من العام الى الخاص، وهما مجالان متميزان في حياتنا اليومية والعملية قد جرى الفصل بينهما في التجربة الغربية. اما عندنا، فكيف تبدو ملامح التطابق او التباعد بين هذين الحقلين والمجالين الاجتماعيين الأساسيين؟
جاءت الأجوبة على هذا السؤال، في نسبتها العامة، على النحو الآتي:
- 6 في المئة من الشباب اعتبروا ان علاقتهم بأهلهم سيئة.
- 55 في المئة اعتبروا ان علاقتهم بأهلهم جيّدة.
- 39 في المئة اعتبروا ان علاقتهم بأهلهم ممتازة.
نلاحظ، اول الأمر، تناسقاً بنيوياً شديداًَ بين الاجابات على هذا السؤال والاجابات على السؤال السابق، بحيث يبدو واضحاً ان نسقاً معرفياً واحداً يستأثر بالعلاقتين، العلاقة بالأهل والعلاقة بالاصدقاء. فالاجابات الايجابية الطابع تفوق بكثير السلبية منها 94 مقابل 6 في المئة هنا، و90 مقابل 10 في المئة، في السؤال السابق.
فالعلاقة السيئة مع الأهل تكاد لا تُذكر 6 في المئة فقط، وهذا ما يعكس، من دون اي شك، جودة العلاقات الشبابية مع الأهل في عالمنا العربي، وعلى عكس ما هو قائم في البلدان الغربية، على رغم الاتصال الدائم مع هذه البلدان اعلامياً واقتصادياً.
نسبة العلاقات الممتازة مع الأهل تبلغ ذروتها في السعودية، حيث تبلغ نسبتها التفصيلية 63 في المئة. اما في ما يتعلق بأدنى نسبة في العلاقات الممتازة مع الأهل فنجدها في سورية، حيث لا تبلغ سوى 20 في المئة فقط.
فهل ان ذلك يعني سكوتاً تاماً في علاقة الشباب السعودي مع أهله، وانتهاء فوران السبعينات في لبنان والكويت ومصر، مع استقرار العلاقة الممتازة مع الأهل بين صفوف شباب هذه البلدان، وبداية تزعزع هذا التوازن في علاقة الشباب مع اهله في سورية؟
السنوات القادمة هي التي سوف تؤكد او تنفي صحّة هذه الملاحظة.
* بعد الاصدقاء، ابناء الجيل الواحد، والأهل، ها قد وصلنا الى الحلقة الأوسع، حلقة علاقة الشباب بالدولة. طُرِحَ السؤال على النحو الآتي:
"ما رأيك بعمل الادارات الحكومية في بلدك؟".
وقد توزّعت الأجوبة على الخيارات المختلفة كما يلي:
- 45 في المئة من الشباب أجابوا بأنه سيئ.
- 8 في المئة أجابوا بأنه سيئ جداً.
- 29 في المئة أجابوا بأنه معقول.
- 18 في المئة اجابوا بأنه جيّد.
في مجموع التقويم السلبي 53 في المئة، في النسبة العامة، نلاحظ ارتفاعاً لم نلاحظه في سياق السؤالين السابقين، مما يعني ان التقويم الاجتماعي في العلاقة مع الاصدقاء ورفاق العمل والأهل يختلف عن التقويم السياسي الشبابي في اطار علاقته مع المؤسسات الحكومية التي إنما تمثّل الدولة، وبالتالي الشأن السياسي والعام.
وهذا التوتّر في العلاقة مع الشأن الحكومي يعني، بوضوح، وجود توتّر مع الشأن السياسي العام عند الشباب المعاصر في العالم العربي، حيث لم تبلغ بعد الدولة كدولة مؤسسات، لا كدولة العصبيّة الخلدونية حدّ التماثل مع عقلانية المجتمع، على نحو ما كان قد اشار اليه المفكر المغربي عبدالله العروي.
وفي سياق التوتر في العلاقة بين الفرد والدولة، لا مجال لتشبيه وضعنا بوضع الغرب، حيث تمثّل الدولة الأب. فالشباب العربي المعاصر يدرك ايجابياً علاقته بأبيه وأهله في حين انه لا يدرك علاقته بالدولة بالايجابية نفسها، مما ينفي امكانية التماثل بين الدولة والأب عندنا.
تجدر الاشارة اخيراً هنا الى ان التوتر في العلاقة مع الشأن الحكومي، وبالتالي مع الشأن السياسي الرسمي، لا تقع مسؤوليته على الشباب، بل انها تقع في المقام الأول والاخير، وكما يقول المثل الشعبي اللبناني، على اكتاف الدولة، هذا الثور المسؤول عن رسم التلم الأعوج.
- يفضلون توم كروز وفاتن حمامة وجمال سليمان وعادل امام
تكوكبت مجموعة أخرى من الأسئلة حول علاقة الشباب بالسينما والتلفزيون وحضورهما في وعيه وممارسته اليومية والعملية. فحتى لو لم يدرك الشباب قوة العصر الاعلامي، السمعبصري تحديداً، الذي تقولبوا في قالبه، فإن الأمر معكوس في أجوبتهم التي تظهر بوضوح ماذا يعني، في نهاية القرن العشرين، ان تكون من أبناء "عصر التلفزيون"، بعدما انتمت أجيال الشباب في العصور السابقة الى الكتاب والصحيفة، ثم الى الاذاعة فالسينما والشاشة الكبيرة.
تمحور السؤال الأول حول اللون المفضل عند الشباب، في متابعتهم للبرامج التلفزيونية. طرحنا على الشباب السؤال الآتي: "هل تفضل/ تفضلين البرامج التلفزيونية العربية أم الاجنبية"؟
وقد جاءت الأجوبة على النحو الآتي:
- 67 في المئة يفضلون البرامج التلفزيونية الاجنبية.
- 33 في المئة يفضلون البرامج التلفزيونية العربية.
علماً ان الانسجام بين الجنسين كان كبيراً في جميع البلدان العربية التي شملتها العينة، ما عدا السعودية حيث ظهر ان معظم محبي البرامج التلفزيونية العربية هن من المحبات، بينما معظم الذين يفضلون البرامج التلفزيونية الاجنبية هم من الذكور.
يعتبر الذين يفضلون البرامج الاجنبية وتبلغ نسبتهم العامة 67 في المئة ان تفضيلهم لهذا اللون يعود الى جملة أسباب أبرزها: الإخراج الممتاز وحرية التعبير والصدق في نقل مشكلات المجتمع والامكانات التكنولوجية المتقدمة وجرأة الموضوعات وواقعيتها. بينما تعتبر هذه الشريحة الواسعة من الشباب في العالم العربي ثلثا أفراد العينة ان هذه المواصفات مفقودة في البرامج التلفزيونية العربية.
أما الذين يفضلون البرامج العربية والتي لا تستأثر سوى بثلث شباب العينة فإنهم يعزون تفضيلهم الى أسباب عدة أبرزها: اللغة المعتمدة فيها وقربها من عاداتنا وتقاليدنا واحتشامها.
ويظهر هنا بوضوح كم ان التثاقف قد قطع شوطاً كبيراً، بحيث ان شبابنا يفضلون اليوم متابعة الشاشة الصغيرة بعيون وأحاسيس الآخرين. فهل ان ذلك هو تعبير عن الاغتراب الثقافي المتنامي في وعي شبابنا المعاصر، أم هل انه مجرد ثمن ينبغي دفعه، عندنا وعند سوانا، للعولمة بصيغتها الراهنة؟ هذه العولمة التي بدأت عملياً غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية ولا زالت تتقدم حتى اليوم.
ونضيف متسائلين هنا ايضاً: في سياق هذه المعادلة الفكرية الكامنة، ولكن الموجودة فعلاً بالقوة والاستعداد، هل ان علاقة الشباب الممتازة بأهلهم وابناء جيلهم سوف تصمد طويلاً، بعد عقدين أو ثلاثة من المواظبة التلفزيونية القائمة على برامج أجنبية؟
في سؤال آخر، حاولنا التعرف الى أبطال الشاشة الصغيرة المفضلين عند شبابنا المعاصر. فجاءت الأجوبة متنوعة ومعبرة في آن.
ترأس قائمة المفضلين:
- في لبنان: توم كروز
جان كلود فان دام
أنطوان كرباج
وقد عكس هذا الاختيار شدة انفتاح الشباب اللبناني على البرامج الاجنبية، الاميركية، بخاصة، بحيث ان البطلين المفضلين الأولين كادا ان يخطفا مكانة أبطال الشاشة الصغيرة المحلية.
- في الكويت: فاتن حمامة
عمر الشريف
آل باتشينو
نلاحظ هنا ايضاً تناسقاً بين الأذواق العربية والاجنبية، مع غلبة للحضور المصري في الأبطال. علماً ان عمر الشريف هو نجم مصري وعالمي على حد سواء.
- في سورية: جمال سليمان
عادل إمام
بسام كوسا
نلاحظ هنا سعياً للاكتفاء الذاتي، انسجاماً مع عافية قطاع الانتاج التلفزيوني في هذا البلد. أما النجم العربي الأكثر حضوراً فهو عادل إمام.
- في مصر: نور الشريف
عمر الشريف
محمود عبدالعزيز
ونلاحظ هنا اكتفاءً ذاتياً كاملاً بالأبطال، لما لقطاع الانتاج التلفزيوني من زخم على صعىد المسلسلات المحلية، وهذا أمر يمكن لحظه ايضاً في مجال أذواق المطالعة.
- في السعودية: عادل إمام
دريد لحام
تشارلي شابلين
أذواق الشباب في هذا البلد تبدو متوازنة ومتنوعة، تأخذ بعين الاعتبار الكلاسيكي كما الجديد.
أما أنواع الأفلام السينمائية المفضلة عند الشباب فقد حاول سؤال آخر استطلاعها. وقد تبين، من خلال الاجابات، ان النسبة العامة لأبرز الأنواع المفضلة تأتي على هذا النحو.
- 24 في المئة يفضلون الأفلام الرومانسية.
- 20 في المئة يفضلون أفلام الاكشين.
- 27 في المئة يفضلون الافلام الاجتماعية.
- 12 في المئة يفضلون الافلام الفكاهية.
- 11 في المئة يفضلون أفلام الخيال العلمي.
- 6 في المئة يفضلون أفلام الرعب.
يتبين من خلال هذه النسب المتقاربة جداً، في التفصيل، بين الجنسين، وكأن المشاهد والمشاهدة قد تحولا الى مشاهد موحد الأذواق بغض النظر عن انتمائه الى هذا الجنس أو ذاك ان الأنواع المفضلة عند الشباب الحالي في العالم العربي هي نفسها التي يفضلها شباب العام اجمع. فالنوع الرومانسي والحركة والاجتماعي تستأثر على ما مقداره 71 في المئة من مجموع الخيارات.
مما يكشف ايضاً القدرة الهائلة التي يتمتع بها السمعبصري في توحيد الأذواق الثقافية أفقياً عبر البلدان كافة وعمودياً عبر الاجناس المختلفة. فثقافة أجيال النصف الأول من القرن العشرين لم تتوحد يوماً كما توحدت ثقافة ابناء أجيال القسم الثاني من القرن العشرين المعرفية.
تمحور السؤال الأخير في مجموعة هذه الاسئلة حول لغة متابعة الافلام على الشاشتين الصغيرة والكبيرة. وظهر، من خلال النسبة العامة للاجوبة ان:
- 36 في المئة من الشباب يفضلون متابعة الأفلام باللغة العربية.
- 64 في المئة يفضلون متابعتها باللغة الانكليزية.
فلغة الشاشتين الصغيرة والكبيرة قد اكتسحت الذوق اللغوي، وليس فقط الثقافي، عند الشباب المعاصر في العام العربي، على حساب اللغة الأم. وهذا ليس بالأمر السهل ولا البسيط. خاصة اذا ما تم ربطه بالنتائج التي كان الاستطلاع السابق، حول علاقة الشباب بالكتاب جريدة "الحياة"، 10 حزيران/ يونيو 1997 قد أظهرها ايضاً، ومفادها ان لغة المطالعة المفضلة عند الشباب هي: اللغات الاجنبية بنسبة 71 في المئة، واللغة العربية بنسبة 29 في المئة.
فالتطابق، في ما يتعلق بالخيار اللغوي، لافت على مستويي المكتوب والسمعبصري على حد سواء. فشبابنا يقرأ ويسمع ويشاهد بلغات الغرب اكثر مما يفعل بلغته الأم. بحيث انه يبدو، هنا ايضاً ان العولمة ظاهرة بدأت في المجال الثقافي، وتمادت فيه عمقاً، قبل ان تتحول اليوم الى اطماع اقتصادية وسياسية اكثر سطوعاً.
وبالعودة الى اللغة المفضلة في المجال السمعبصري، نلاحظ ايضاً ان النتائج التفصيلية قد بينت ان أدنى نسبة في تفصيل اللغة الاجنبية هي بين الشباب السوري، بسبب عدم اتقان اللغات الاجنبية المزمن في هذا البلد، أما أرفع نسبة ميل للغة الانكليزية فقد ظهر عند الشباب الكويتي بنسبة 70 في المئة وعند الشباب اللبناني بنسبة 67 في المئة.
فهل اننا على أبواب عملية تثاقف واسعة؟ يبدو ان الاجابة هي ان شبابنا لم يعودوا على أبوابها، بل في قلبها، كونها أضحت اليوم أثراً بعد عين.
- الكويتي واللبناني يكرهان الحرب واجماع على ان السلام مجرد امنية
يعيش الشباب عبر العالم اليوم تساؤلات يكبر او يصغر حجمها بقدر ما هو قريب من براكين النزاعات والازمة او بعيد عنها. والشباب في العالم العربي يتناقل، من جيل الى جيل، هموماً مصيرية هي نفسها تقريباً منذ مطلع هذا القرن. يستحيل لذلك رسم ملامح شخصية الشباب في العالم العربي اليوم دون الاخذ بعين الاعتبار هذا المعطى السياسي العام الذي هو حاضر في الوعي العام الراهن كما في الذاكرة الشعبية. فهذا ما سوف تكشف عنه اجابات شبابنا حول مسألتي الحرب والسلام، حيث ان هذه الاجابات تنبع من رأيهم الخاص ومن رأي ذويهم والاجيال السابقة لهم على حد سواء، ولو بشكل غير مدرك. وكأني بالعلاقة مع هاتين المسألتين علاقة متوترة بمشكلة غير محلولة ومزمنة.
تمحور السؤال الاول في مجموعة الاسئلة هذه، حول الحرب، حيث اننا طرحنا على الشباب، في البلدان التي شملتها العينة، السؤال الآتي، البسيط والبليغ في آن: "ما رأيك بالحرب؟".
وقد تبين من مجمل الاجوبة ان هذا الموضوع يثير النفور العام بين الشباب، بنسبة كبيرة جداً، حيث ان نسبة مدّاحي الحرب، بالاستناد الى مقولة الدفاع عن قضية، متدنية جداً.
- في لبنان: الحرب هي مرادف للتدمير، ولا معنى ولا مبرر لها في نظر الشباب. 47 في المئة من اللبنانيين يصفونها مباشرة بالدمار الأعمى. وهذا هو فعلاً ما عاشوه من حولهم ايام كانوا صغاراً وبقي محفوراً في ذاكرتهم. كما ان قسماً آخراً من الشباب اللبناني يعتبر ان الحرب هي مرادف للموت بنسبة 25 في المئة. وهذا هو شعور موضوعي آخر يعرفه كل اللبنانيين تقريباً، والذين خسروا خلال الحرب اما قريباً واحداً او عدة اقارب او اصدقاء.
- في الكويت: الحرب مرادفة ايضاً للخراب، في نظر 45 في المئة من الشباب الكويتي. وهذه مسألة ترتبط بذكريات احتلال الكويت وحرب الخليج التي دفع ثمنها الاول والاكبر ابناء وبنات الكويت.
قسم آخر من الشباب يعتبر بأن الحرب تعني ايضاً التشرد والقلق 15 في المئة. وهذا شعور موضوعي آخر يعكس آثار الصدمة الجُرحية trauamatism التي اصابت الشباب الكويتي برمته منذ اقل من عقد. فالصدمة التي خلقتها الحرب قد اخذت اليوم طريقها الى اللاوعي الشبابي الجماعي.
- في سورية: كلمة الحرب هي ايضاً مرادف للدمار بالنسبة الى 35 في المئة من الشباب السوري، اسوة بشباب البلدان الاخرى. الا ان ما يلفت الانتباه هنا هو النسبة المرتفعة نسبياً 22 في المئة للشباب الذين يرون ان الحرب ضرورية عندما يكون هدفها اسمى. فالشباب في هذا البلد لم يطلق كلياً فكرة الحرب كما مرّ معنا في لبنان والكويت، وكما سيمر معنا في مصر والسعودية.
- في مصر: فكرة الحرب هي مرادف للدمار بالنسبة الى 75 في المئة من الشباب المصري. ونشير هنا الى ان هذه النسبة في التقويم السلبي هي الأرفع بين جميع بلدان العينة. فالشباب المصري يعتبر اليوم، نقلاً عن تجربة آبائه دون شك، ان تجربة الحرب تجربة مرة ومكلفة جداً وخاسرة.
اما 22 في المئة من الشباب المصري فيعتبر ايضاً ان الحرب سخافة وحماقة. بحيث ان الموقف من الحرب، الموضوعي والساخن في لبنان والكويت، والمستنفر في سورية، قد تحول في اوساط الشباب المصري الى ما يشبه الموقف الفلسفي.
- في السعودية: اما بالنسبة للشباب السعودي فان الحرب شرّ وظاهرة سيئة 37 في المئة. فالموقف منها اخلاقي اكثر مما هو موضوعي كون الشباب السعودي لم يعش، والحمد لله، حروباً على ارضه. كما ان 17 في المئة من هذا الشباب يعتبرون ان الحرب تعني الدمار. فالفكرة مرفوضة قلباً وقالباً.
تمحور السؤال الثاني في هذه المجموعة حول نقيض الحرب، السلام، هذا السلام الذي لا يزال يشبه السراب منذ عقود عديدة. سألنا الشباب، مباشرة ودون مقدمات: "ما رأيك بالسلام؟".
فتبيّن ان الاجوبة على هذه المسألة تختلف عن الاجوبة المعطاة حول المسألة السابقة في انها تقوم على مواقف متباعدة ومختلفة، نابعة عن معايشات وتجارب مختلفة لهذه الفكرة في الواقع الشبابي المعيش، في كل بلد على حدا.
- في لبنان: يعتبر 35 في المئة من الشباب اللبناني ان السلام مجرد امنية وطموح، كما يعتبر 20 في المئة آخرون انه غير موجود. فالشباب اللبناني، ذو الروح النقدية،شكّاك سياسي، ينفخ حتى فوق اللبن لأن الحليب قد كواه.
بيد ان القسم الباقي من هذا الشباب 45 في المئة يعتبر، من ناحيته، ان السلام هو طريق التطور ويأخذ منه موقفاً اكثر ايجابية.
- في الكويت: الشباب الكويتي حذر ايضاً بالنسبة الى هذا الموضوع. اذ يعتبر ثلثه ان السلام مجرد امنية ومسعى. بيد ان قسماً آخر منه يعتبر نفسه في وضعية السلام، على الصعيد الداخلي، ويكتفي بذلك للتصريح بأن السلام هو الاستقرار والامان. ومما لا شك فيه ان مأساة احتلال الكويت ماثلة حتى اليوم في فهم الشباب الكويتي لمسألتي السلام والحرب.
كما ان 20 في المئة من الشباب الكويتي يعتبر ان السلام جميل. وهذا التعبير، الذي سوف يتكرر عند الشباب المصري، يعكس تنعّماً بسلام ما، قد اضحى نموذجاً مرجعياً معيوشاً لتقويم الفكرة.
- في سورية: تجدر الاشارة هنا الى ان العديد من الشباب قد امتنع في سورية عن الادلاء بالاجابة على هذا السؤال. أيأتي ذلك من باب الحذر او من باب التهرّب؟ لا ندري. ندري فقط ان هذه هي الحالة التي استجدت على الارض.
اما 20 في المئة من الشباب السوري فيعتبرون السلام هو الاجمل، مقاربين المسألة من منطلق شبه خيالي، وكأن لا ايمان حقيقياً بها.
- في مصر: يعتبر من ناحيتهم 30 في المئة من الشباب المصري ان السلام جميل، عاكسين معايشتهم لحالة السلم المتفق عليها مع عدوّ بلدهم السابق. فالفكرة نابعة هنا من تجربة موضوعية ومعيوشة.
كما ان 27 في المئة من الشباب في مصر يعتبرون ان السلام حاجة مطلوبة، عاكسين وعيهم السياسي لأبعاد هذا السلام. كما ان 17 في المئة يعتبرون ان السلام استقرار وراحة، استكمالاً لشعور الارتياح تجاه فكرة السلام ومعايشتها في الحياة اليومية والعملية.
- في السعودية: اعتبر 40 في المئة من الشباب ان السلام امنية. اي ان السلام فكرة لم تتحقق بعد. ومما لا شك فيه ان وعي السلام بهذه الطريقة نابع من رؤية عربية واسعة تميّز الشباب السعودي الحالي. فقد اضاف 15 في المئة من افراد العينة، في السعودية، ان السلام غير موجود، انسجاماً مع الفكرة الاولى التي تتمنى تحقق هذه الفكرة في الواقع.
اما 22 في المئة من الشباب السعودي فيرون ان السلام هو الافضل والاجمل، مانحين هذه الفكرة مسحة ادبية واخلاقية مميزة. فالسلام هنا صورة غير مكتملة العناصر، كونها تنتمي الى مشروع افتراضي بعيد. بحيث ان مقاربة السلام، في ذهن الشباب السعودي، هي مقاربة باردة ولكن متفائلة، مع تحفظ مبدئي.
هكذا يتبين ان السلام، اكثر من الحرب، فكرة غير متفق على معالمها النهائية بين الجميع. بل انها غير موحدة الرؤية دون ان تكون خلافية.
تتويجاً لمجمل التصورات التي يحملها الشباب في رأسه، لا بد ان يكون معجباً بشخصيات معينة. فما هي طبيعة هذه الشخصيات التي هو معجب بها والى اي عصر ينتمي افرادها؟ هذا ما حاول السؤال الاخير من الاستطلاع كشفه، فجاء على النحو الآتي: "بمن أنت معجب/ معجبة؟".
اختلفت هنا الاجابات بين هذا البلد وذاك، كما هو طبيعي، ولكنها اظهرت ثوابت ثقافية سنأتي على تحليلها بعد استعراض قائمة الاسماء التي وقع عليها خيار الشباب في كل بلد من بلدان العينة.
- لبنان: الرئيس إميل لحود: 15 في المئة، جمال عبدالناصر: 12 في المئة، فيروز، نزار قباني، جبران تويني، نجاح واكيم: 10 في المئة.
يتضح هنا ان الاعجاب بشخصيات سياسية يتزامن مع الاعجاب بشخصيات من القطاع الثقافي. وهذه ميزة لبنانية شبابية بدأت تتبلور منذ الستينات. اي ان اعجاب الشباب يذهب الى الاقوياء في المجال السياسي ولكن الى حملة الافكار والاحاسيس المميزة ايضاً، من فنانين واعلاميين وادباء. فالبنية السياسية في لبنان سياسية - ثقافية، لا سياسية محضة كما هو الحال في العديد من البلدان العربية الاخرى. كما انه تجدر الاشارة الى ان تراث القومية العربية لم يغب عن اذهان الشباب اللبناني بعد، بدليل حضور عبدالناصر حياً في اذهان قسم لا بأس منه. فالماضي السياسي يشارك الحاضر، مقدماً له نماذجه.
اما الرئيس إميل لحود الذي تمكّن بسرعة من دخول قلوب الشباب فهو يأتي على رأس المفضلين، علماً ان هذه الظاهرة ظاهرة الاعجاب برئيس الجمهورية تظهر لأول مرة بين الشباب في لبنان.
- الكويت: الامير عبدالله السالم الصباح: 15 في المئة، د. احمد الربعي: 12 في المئة، نزار قباني: 10 في المئة.
منحى الاعجاب عند الشباب الكويتي قريب من السلوك الشبابي اللبناني في هذا المجال.
فالشخصية الاولى هي شخصية رأس السلطة في البلاد.وهذا الوفاء او الولاء لصاحب الشوكة سوف يتكرر عند شباب جميع بلدان العينة، بحيث انه يستحيل رده الى الصدفة، بل انه متعلق على ما يبدو بسمات الشخصية الثقافية الاساسية للانسان في العالم العربي المعاصر، اسوة بماكان قائماً في القدم.
اما الاسمان اللذان يأتيان في المرتبتين التاليتين فيشيران الى ان للثقافي مكانة محترمة الى جانب السياسي. فالاعجاب بالأديب والمثقف يتزامن هنا مع الاعجاب بالسياسي.
- سورية: الرئيس حافظ الاسد: 30 في المئة، نزار قباني، سعد الله ونّوس: 12 في المئة، زياد رحباني، فيروز: 10 في المئة.
يتضح هنا ان الشخصيات التي يعجب بها الشباب السوري الحالي تنتقل مباشرة من السياسي الاوحد، والذي لا شريك له، الى كوكبة من الادباء والفنانين. اي ان وظيفة الثقافي هي سد الفراغ السياسي القائم ما بعد الاختيار الاول.
وهنا يتضح ان الشباب السوري يميّز بين السجلّين السياسي والثقافي،كما هو حاصل في لبنان والكويت مثلاً، ويفصلهما في ذهنه عن بعضهما.
تجدر الاشارة ايضاً هنا الى فيروز الشخصية النسائية الوحيدة التي اثارت وتثير اعجاب الشباب في كل من لبنان وسورية ومصر.
- مصر: الرئيس حسني مبارك: 17 في المئة، عمرو موسى: 12 في المئة، فيروز، محمد متولي الشعراوي: 10 في المئة.
يبدو ان اعجاب الشباب في مصر يذهب باتجاه الشخصيات السياسية المحلية والمتنوعة. وذلك، ان دل على شيء، فعلى منحى الاكتفاء الذاتي في الشأن السياسي، الذي نلاحظه عند الجميع ما عدا في لبنان.
ففي مصر الحاضر اقوى من الماضي، على حد ما هو معكوس في اذهان الشباب الحالي. مع شيء من الانفتاح على المسألة الثقافية الخارجية. ففي حين ان عبدالناصر لم يجلب الى شخصه سوى 5 في المئة من اصوات المعجبين في مصر مع 12 في المئة في لبنان، تمكنت فيروز من اعادة التوازن الى المعادلة بحيازتها على 10 في المئة من المعجبين والمعجبات، على حد سواء، بين صفوف الشباب المصري. فالتواصل الثقافي الحاصل بين مصر ولبنان وسورية ولبنان وبين المغرب ولبنان كما تبيّن في الاستطلاع السابق حول الشباب والموسيقى والغناء يضع لبنان في قلب معادلة ثقافية عربية واسعة لم تتمكن الحرب من محوها او اضعافها.
- السعودية: الملك فهد بن عبدالعزيز: 32 في المئة، صالح كامل: 5 في المئة، سيمون أسمر: 5 في المئة.
عند الشباب السعودي، جاء الملك فهد على رأس سلّم مصادر الاعجاب، كما انه، في نسبة المعجبين بالرجال السياسيين، جاء في المرتبة الاولى على صعيد جميع البلدان العربية التي شملتها العينة.
وتبيّن هنا ان هناك حضوراً قوياً للعنصر السياسي المحلي في اذهان الشباب السعودي، مع انفتاح على الحضور الثقافي والفني وبخاصة الاعلامي، العربي عامة. فالاعلام الحديث، التلفزيوني التكويني، يلعب دوراً لافتاً بين الشباب السعودي المعاصر اذا ما قسناه بما هو حاصل، على مستوى اضعف، في البلدان العربية الاخرى.
يبقى ان نلاحظ، في خاتمة هذه المعطيات الميدانية العربية الواسعة ان السياسة تأتي في رأس قائمة الاعجاب عند شباب البلدان كافة التي شملتها العينة، ثم يأتي الثقافي في المرتبة الثانية، كظهير له، لا كشريك له. الامر الذي يفتح فسحة من الامل، مع ابقاء هذا لامل تحت سقف محدود يتناغم مع سقف البُنى المعرفية التقليدية السائدة في بلدان جنوب الارض عامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.