الجزائر - أ ف ب - يجذب اسلوب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الصريح والمباشر، الذي يتعارض بشدة مع تزمت وتصنع سابقيه، الجزائريين المتعطشين لرؤية وعوده تتجسد بعودة السلام المدني. ورداً على احد المواطنين في تيزي وزو في منطقة القبائل الذي طلب منه التحرك ضد الادارة الواسعة النفوذ المتهمة بالوقوف وراء كل المصائب التي تضرب البلاد، قال بوتفليقة عالياً: "الترغيب، الترغيب وليس الترهيب". وهكذا اصبح الترغيب سلاح بوتفليقة المفضل في مواجهة "كلاشنيكوف" الاسلاميين المسلحين و "ارهاب الادارة". وخلال بضعة اشهر وبفضل موهبته الخطابية وفن اجتذب الحشود التي ضاقت ذرعاً بالوضع الحالي للبلاد، حقق الرئيس بوتفليقة رصيداً مهماً من التعاطف الشعبي لا يمكن تجاهله. وتمكن بوتفليقة من قلب الوضع لمصلحته وصرف الانظار عن الظروف التي أحاطت بانتخابه في نيسان ابريل الماضي بعد انسحاب كل منافسيه من المرشحين الذين اعتبروا ان الانتخابات مزورة. لكن الجزائريين يريدون في المقام الاول رؤية النتائج تتجسد بعودة السلام الاهلي وتحسين الوضع الاقتصادي وخلق فرص عمل. وهم ينتظرون تحقيق ذلك متسلحين بالامل الذي تمكن الرئيس من احيائه بعد سنوات من الاستسلام والخضوع لحتمية الامر الواقع وضعت البلاد في ازمة خانقة بعد حرب اهلية استمرت سبعة اعوام أوقعت اكثر من 100 الف قتيل ومليون ضحية وخلفت خسائر بأكثر من ثلاثة بلايين دولار. وأدت الضمانات التي قدمها والوعود بإعادة السلام الاهلي الى اجتذاب المستثمرين والى اعادة الثقة والاعتزاز الى الجزائريين الى حد جعل البعض يقول انه "يملك دعماً كبيراً" مالياً وعسكرياً. ولم يتردد الرئيس الجزائري في اعلانها صراحة في تيزي وزو حيث لقي استقبالاً سيئاً خلال حملته الانتخابية: "الامازيغية كلغة رسمية، اقولها لكم من الان، هذا لن يحدث ابدا"، مضيفا بعد فترة وبلهجة هادئة اما "كلغة وطنية فليس لدي اي اعتراض لكن ذلك يجب ان يقرره الشعب كله من خلال استفتاء". وجدد التأكيد ايضاً على ضرورة انصراف الجزائريين الى العمل "اذا ما أرادوا الخروج من فقرهم". ودعا مواطنيه الى ان "يشمّروا عن سواعدهم" لإخراج "العربة" الجزائرية "من المستنقع الموحل الذي علقت فيه". وقد اجتذبت لهجته المتنوعة المليئة بالتعابير والامثال الشعبية جماهير الشعب الذين اصبحوا يتندرون بأقواله وتشبيهاته الطريفة. ففي احدى المرات قام بوتفليقة بقرن القول بالفعل خلال اجتماع عام وقال ان "خزائن الدولة فارغة مثل هذا الكوب" وقام بقلب كوب الماء الموضوع امامه ليثبت انه فارغ بالفعل. كذلك يرى بوتفليقة ان على الجزائريين الاكتفاء بما لديهم من موارد والعمل على اساس ذلك وقال مرة وقد أمسك بزجاجة مياه في يده "ان هذه المياه دافئة لكنني سأشربها لأنه ليست لدي مياه مثلجة". ويعشق بوتفليقة اللعب على المتناقضات والانتقال بشكل مفاجىء من الاسلوب الهادىء المهادن الى اسلوب الصرامة والتشدد. وبات كثيراً ما يسمع خلال اجتماعاته ان "الكل متفق على انه على حق لأنه يقول ما نفكر فيه جميعناً لكن ما يجب القيام به الآن هو الانتقال الى العمل".