إسلام آباد، واشنطن – «الحياة»، أ ف ب – بات قادة وعناصر ميليشيات مناطق القبائل الباكستانية، المتحالفة مع الحكومة، الهدف الرئيسي لهجمات حركة «طالبان»، إذ فجر انتحاري نفسه أمس خلال جنازة زعيم قبلي «موالٍ» في إقليم دير السفلى، ما أسفر عن سقوط 26 قتيلاً على الأقل وجرح 63 آخرين. في المقابل، أعلنت واشنطن مقتل زعيم عمليات تنظيم «القاعدة» في باكستان «أبو حفص الشهري»، مؤكدة أن تصفيته في وزيرستان التي تتعرض لقصف متواصل من طائرات أميركية بلا طيار، «ستضِر بجهود التنظيم لإعادة بناء قيادته». وبعد يومين على مهاجمة مقر قيادة قوات الحلف الأطلسي (ناتو) والسفارة الأميركية في كابول، حذر وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا من أن بلاده «ستفعل كل ما في إمكانها» للدفاع عن قواتها في أفغانستان في مواجهة متشددي «شبكة حقاني» الذين يتمركزون في باكستان، وحمّلتهم واشنطن مسؤولية مهاجمة سفارتها في كابول هذا الأسبوع، وجرح 77 جندياً أميركياً بانفجار شاحنة مفخخة بولاية ورداك (غرب) السبت الماضي. وردّت الخارجية الباكستانية بأن التحذير الأميركي «يضر بتعاون البلدين في مكافحة الإرهاب، خصوصاً أن لا دليل على تنفيذ عمليات عبر الحدود». ونفذ الانتحاري الهجوم حين كان مشيّعون يستعدون للمشاركة في جنازة في منطقة مفتوحة قرب حقول ذرة ببلدة جندول في دير السفلى، بعد يومين على مقتل صبيين ينتميان الى جماعة قبلية أخرى معادية ل «طالبان» بتفجير آخر تبنته الحركة. والثلثاء الماضي، قتل أربعة أطفال من قبيلة «موالية» برصاص أطلقه مسلحون على باص مدرسي في منطقة ماتاني جنوب بيشاور، فيما لا تزال الحركة تحتجز منذ مطلع الشهر 23 صبياً من قبيلة مأمون، خطفتهم خلال رحلة الى ولاية كونار الأفغانية الحدودية خلال عطلة عيد الفطر. وتطالب الحركة بسحب الزعماء القبليين تأييدهم للحملة التي تشنها الحكومة ضدها. وفيما أكد وزير الدفاع الأميركي بعد هجوم كابول، أن واشنطن ستلجأ الى «رد مناسب» على «شبكة حقاني» التي «تقتل جنودنا ومدنيين، ويفر عناصرها عائدين الى ملاذهم الآمن في باكستان»، أعلنت تهمينا جانغوا الناطقة باسم الخارجية الباكستانية أن هذه التصريحات «لا تتفق مع التعاون بين الدولتين»، آملة بمناقشة هذه القضايا «في إطار من التعاون». واتهم مسؤول حكومي باكستاني يشارك في وضع السياسة الدفاعية، القوات الأفغانية والأجنبية في الجانب الآخر ب «ترك أي شخص يعبر الحدود بلا رقابة، ثم يقولون إننا لا نبذل جهداً كافياً». وتفاقم هذه التصريحات توتر العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد، والتي تدهورت بعدما قتلت قوات أميركية الزعيم السابق ل «القاعدة» أسامة بن لادن في بلدة أبوت آباد الباكستانية مطلع أيار (مايو) الماضي. ويخشى باكستانيون ان تدفع بلدهم ثمن معارضتها لسياسة واشنطن، كما في تجميد أميركا 800 مليون دولار من المساعدات. ويرى كثيرون أن الجيش والحكومة الباكستانيين عاجزان عن مواجهة واشنطن، أو حتى الخروج من الطوق الأميركي في السياستين الخارجية والأمنية. وأشار الكاتب الباكستاني شاهد الرحمن، وهو ناقد لسياسة إسلام آباد، إلى أن واشنطن أقامت علاقات مع قوى محلية للضغط على الحكومة والجيش، و «امتد نفوذها إلى منطقة القبائل عبر شراء ذمم شيوخ ودعمهم مالياً للوقوف ضد الجماعات المسلحة المؤيدة للجيش هناك». ونبّه الدكتور أشرف علي الباحث في شؤون منطقة القبائل إلى أن «أميركا تحاول نقل المعركة من أفغانستان إلى باكستان باستخدام قوى محلية، يمكن أن تغرق البلاد في شلال من الدم»، موضحاً أن هدف واشنطن هو إبعاد باكستان عن الحل النهائي في أفغانستان، ومعاقبتها لدعمها «طالبان» الأفغانية و «بطئها» في محاربة «القاعدة». ورجح أشرف علي تكثيف واشنطن غارات طائراتها بلا طيار، وتنفيذ جماعات مسلحة تمولها في شكل مباشر أو غير مباشر، عمليات داخل المدن الباكستانية، ما يرجح تفاقم التوتر في علاقات البلدين.