طرابلس، بنغازي، بروكسيل - ا ف ب، رويترز، ا ب - حقق مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا تقدماً كبيراً بسيطرتهم على مدينة سبها، أحد أبرز معاقل العقيد معمر القذافي، لكنهم منيوا بخسائر ثقيلة في جبهتي بني وليد وسرت أمس. وفي وقت قرر حلف شمال الأطلسي تمديد مهمته في ليبيا ثلاثة أشهر، عاد السفير الأميركي إلى طرابلس. وأكد عضو المجلس الانتقالي عن سبها عبدالمجيد سيف النصر أن «ثوارنا سيطروا سيطرة تامة على المدينة واحيائها كافة، بما فيها القذاذفة... الجميع أصبح مع الثورة والمدينة أصبحت مؤمنة وفي ايدي الثوار، ونحن نحافظ على الأمن فيها في إطار تقاليدنا وعاداتنا ولا نريد إراقة الدماء». لكنه لفت إلى «بعض التحركات الفردية غير المنظمة لبعض الأشخاص الذين يدافعون عن أنفسهم وعن جرائمهم». وأعلن سقوط «أربعة شهداء من الثوار ومقتل 11 من عناصر كتائب القذافي» في معركة السيطرة على المدينة التي تبعد 750 كلم، جنوبطرابلس، وهي معقل قبيلة القذاذفة التي يتحدر منها القذافي وكانت تشكل هدفاً استراتيجياً للثوار، إضافة إلى منطقة الجفرة الواقعة بين سبها وسرت. وأحرزت قوات المجلس تقدماً كبيراً في الجفرة وسيطرت على أنحاء واسعة منها. وقال عضو المجلس عن الجفرة مصطفى الهوني: «سيطرنا على أكثر من سبعين في المئة من مناطق الجفرة... تمت السيطرة على ودان (300 كلم جنوب سرت) بعد وصول تعزيزات من ثوار مصراتة». لكن شهوداً أكدوا سقوط عشرات القتلى والجرحى أمس عندما قصفت قوات القذافي مدينة هون التابعة للمنطقة. وقال أحدهم إن أحياء المدينة «التي تحررت ورفعت علم الاستقلال تتعرض لقصف عنيف من كتائب القذافي المتمركزة في مدينة سوكنة» التي تبعد ثمانية كيلومترات عن هون، حيث مقر القيادة العامة للعمليات العسكرية في ليبيا. وعلى جبهة سرت، حيث تدور معارك طاحنة، مُني مقاتلو المجلس بخسائر كبيرة، ولا يزالون يلقون مقاومة عنيفة لم تكن متوقعة من شرق المدينة. وتم إخلاء 16 جريحاً إصابتهم خطرة بطائرة قطرية الى مالطا، لتخفيف الضغط على مشافي مصراتة التي تعاني من إرباك لكثرة مراجعيها منذ بداية الهجوم على سرت. وقال الناطق باسم المجلس العسكري في مصراتة زبير الغدير إن «غالبية السكان في سرت مؤيدة للقذافي»، معتبراً أن ذلك يعود أساساً إلى سيطرة أنصار القذافي على وسائل الإعلام المحلية في المدينة. أما في محيط بني وليد، فاستهدفت أربعة صواريخ «غراد» أمس موقعاً أساسياً لمقاتلي المجلس بعدما استقدم الثوار مجموعة من الدبابات لاستخدامها في المعارك الهادفة إلى السيطرة على المدينة التي تعد أحد آخر معاقل القذافي. وسقطت الصواريخ في محيط الموقع الذي يبعد ما بين 15 إلى عشرين كيلومتراً من بني وليد، ما دفع العديد من الثوار إلى التراجع في حال من الفوضى. والهجوم هو الأول على هذا الموقع منذ حوالى أسبوع. وقُتل عنصران من قوات المجلس وجُرح أربعة أمس. وكان مسؤول التفاوض عن جانب الثوار عبدالله كنشيل أعلن قبل ساعات من الهجوم استقدام مجموعة من الدبابات «ستستخدم لدك حصون القوات الموالية للقذافي في بني وليد». وقال: «نحتاج إلى كثافة نارية لمواجهة القناصة»، مشيراً إلى حشد مجموعات من الثوار من أجل «شن معركة حاسمة خلال 48 ساعة». إلى ذلك، قرر مجلس حلف شمال الاطلسي (ناتو) خلال اجتماع أمس تمديد مهمة قواته في ليبيا ثلاثة شهور. وقال ديبلوماسي إن «هذا القرار التقني اعتمد بسرعة من دون تباينات في وجهات النظر بين الأعضاء». وأضاف: «يمكن وقف المهمة في أي وقت نظراً إلى تطور الوضع ورأي» السلطات الليبية الجديدة. من جهة أخرى، عاد السفير الأميركي في طرابلس جين كيرتس إلى ليبيا أمس، لاستئناف عمله وإعادة فتح السفارة اليوم، بعد ثمانية شهور من استدعائه للتشاور في كانون الثاني (يناير) الماضي، على خلفية تسريب موقع «ويكيليكس» برقية ديبلوماسية تعود إلى العام 2009، تضمنت آراءه في شخصية القذافي وعاداته. وكان الاستدعاء تمهيداً لاستبدال كيرتس خوفاً من تضرر العلاقات بسبب البرقية المسربة، لكن واشنطن عدلت عن ذلك بعد سقوط نظام القذافي.