لا يقصد الدكتور وليد منيمنة نائب رئيس شركة كومباك لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا أن يشتكي عندما يقول إنه لم يعد يعرف الفرق بين السبت أو الأحد وأيام العمل الاخرى بعدما صارت كلها عملاً منذ انتقل من دبي إلى ميونيخ لاستلام منصبه الجديد بداية تموز يوليو، فهذه حال صناعة تقنية المعلومات هذه الأيام، وهذا هو الحل للخيار الذي اختارته الشركة وهو أن تتحول الى شركات عدّة في شركة أمّ واحدة. ولكومباك وضع راهن خاص يقتضي من جميع العاملين فيها التحرك بسرعة "لإعادة النمو والأداء المالي" إلى الشركة، كما يقول مايكل كابيلاز رئيس الشركة مديرها التنفيذي الأول الجديد. إلا ان الجهد الذي يبذله مسؤولون مثل منيمنة يعكس أيضاً اتجاهاً جديداً في عالم تقنية المعلومات يقوم على العمل المتواصل الذي لا يعرف التوقف خصوصاً ان أحد اهدافه الرئيسية هذه الأيام خدمة التجارة الالكترونية التي لم تعد تعرف الحدود الجغرافية أو الزمنية. انتقلت شركة كومباك الاميركية تحت زعامة اكهارد فايفر لا علاقة له بالممثلة المعروفة حسب علمنا! من شركة مبيعاتها السنوية اربعة بلايين دولار إلى شركة تبيع سنوياً اجهزة وخدمات بقيمة 36 بليون دولار تقديرات العام الجاري بعد ثماني سنوات من ذلك، تأسست عام 1983، وباتت أكبر شركة تبيع الكومبيوترات الشخصية والكومبيوترات الخادمة في العالم بقدرات مالية مكّنتها من استيعاب شركات مثل تاندم وديجيتال ايكوبمنت التي اشترتها الشركة بأكثر من ثمانية بلايين دولار. واتقنت كومباك على مر السنين أساليب المحافظة على هامش أرباح ممتاز قياساً إلى الشركات الاخرى العاملة في القطاع نفسه ونمت في سرعة صاروخية مستفيدة من اتساع السوق وعلى حساب الشركات الاخرى التي تسوّق الكومبيوترات الشخصية، إلا أن المنافسة بدأت تشتد في العامين الماضيين خصوصاً من جانب الشركات التي تبيع كومبيوتراتها مباشرة للزبائن أو عن طريق انترنت مثل ديل وغيتوي ومئات الشركات التي تجمّع الكومبيوترات في كل مكان. وكانت كومباك هزّت السوق في 17 حزيران يونيو الماضي عندما كشفت توقعها خسائر في الفصل الثاني يمكن ان تصل الى 15 سنتاً في الدولار الواحد، ثم اعلنت في آخر بياناتها المالية أن عائداتها الكلّية نمت في الفصل الثاني من سنتها المالية المنتهي في 30 حزيران يونيو الماضي بنسبة 19 في المئة مقارنة بالفصل نفسه من العام الماضي فوصلت بذلك إلى 4،9 بليون دولار إلا ان الوضع المالي انتهى بتسجيل خسائر قيمتها 184 مليون دولار. وردت الشركة الخسائر إلى أسباب عدّة منها اشتداد المنافسة الذي أدى إلى تقليص هامش الربح الصافي من 7.24 في المئة في الفصل الأول من العام الجاري إلى 5.20 في المئة في الفصل الثاني، إلا انه لوحظ ان نفقات التشغيل سجّلت ارتفاعاً ملفتاً من 9.1 بليون دولار في الفصل الاول الى 2،2 بليون في الفصل الثاني. وهناك أسباب عدّة اخرى لارتفاع نفقات التشغيل منها زيادة كبيرة في الانفاق على الدعاية والترويج وزيادة مهمة في نفقات عقود الصيانة على كومبيوترات أوقفت الشركة خطوط انتاجها، وكذا "غرامات كبيرة" تتصل بعقود بيع طويلة المدى ونفقات اخرى خاصة باستكمال معالجة مشكلة العام 2000 في الانظمة الكومبيوترية الداخلية التي تستخدمها الشركة. وتتوقع الشركة الآن ان تُحمّل نتائج الفصل الثالث من العام مخصصات بقيمة تراوح بين 700 مليون دولار و900 مليون دولار معظمها يتصل بإعادة الهيكلة بما يتضمن خفض عدد الموظفين عالمياً بنحو ستة آلاف إلى ثمانية آلاف شخص. وأمام المشاكل التي اعترضت الشركة وجد اكهارد فايفر نفسه مضطراً إلى التنحّي لذا لن يكون موجوداً ليحقق الحلم الذي تحدث عنه في الماضي خلال انعقاد مؤتمرات الشركة السنوية لتحويل كومباك الى اكبر شركة للكومبيوترات في العالم، وترك لخلفه كابيلاز مهمة اعادة الثقة بالشركة التي انهار سعر سهمها أكثر من النصف خلال الاشهر الماضية من مستوى 63.47 دولار في 29/1/1999 إلى 75.21 دولار في 18/6/1999. وتأمل الشركة أن تؤدي عمليات إعادة الهيكلة والتنظيم إلى وضعها على طريق تحقيق الربحية وتوسيع الحصة الدولية والقيام بدورها رائدة في أنواع النشاطات التي تقوم بها إلا ان المهمة التي تنتظر قيادة الشركة ليست سهلة خصوصاً ان المنافسة لن تتوقف ومثلها حركة تقنية المعلومات التي تتغير كل يوم وتتطلب درجة عالية من المرونة والاستجابة لحاجات السوق المتغيرة باستمرار. "الحياة" بدأت حوارها الهاتفي مع الدكتور منيمنة المشغول بإعادة تنظيم القسم الذي سيكون مسؤولاً عنه في الشركة الأميركية من موقعه الجديد في ميونيخ بالمانيا بسؤاله عمن سيخلفه في مقر كومباك الشرق الاوسط في دبي؟ - لم نتوصل إلى قرار في هذا الشأن. سأظل اتنقّل بين مقر عملي هنا في ميونيخودبي، حتى أن اسرتي لا تزال تقيم في دبي وستظل هناك سنة. هناك أربعة مديرين عامين مرجعهم إليّ، الأول مسؤول عن الخليج باستثناء السعودية والثاني مسؤول في السعودية والثالث عن مصر والرابع عن منطقة شمال أفريقيا وغربها ومقره الدار البيضاء. لذا أنا اتابع كل شيء والاعمال تسير في صورة منتظمة والهيكل قائم في المنطقة. أنت التحقت بكومباك وهي في مهدها الشرق أوسطي وأوصلت قسمها الخاص بالمنطقة وقد اقتطع حصة كبيرة من تلك السوق النامية بسرعة فما هي أهم العلامات في هذا الطريق؟ - كومباك بدأت نشاطها في الشرق الأوسط في البحرين أولاً في تموز 1994 بخمسة اشخاص ووصل العدد الآن إلى نحو 200 شخص، وحققت كومباك منذ تأسيسها نمواً سنوياً راوح بين 50 و60 في المئة تقريباً سنة بعد سنة. وفي اوائل 1998 وبسبب النتائج الجيدة التي حققها قسم الشرق الاوسط أُلحقت به تركيا كانت سوقها لا تزال صغيرة آنذاك وشمال افريقيا وغربها وحققنا نمواً كبيراً في الأسواق الإضافية وباتت سوق تركيا تعادل تقريباً كل أسواق الشرق الأوسط مجتمعة. وجاء تطور مهم آخر ترتب على اندماج أعمال كومباك وديجيتال ايكوبمنت. ولعل أهم العلامات على هذا الطريق هي وصول قيمة مبيعات كومباك في المنطقة إلى 12 ضعف قيمة المبيعات في بداية عملها. ما هو الرقم الذي نتحدث عنه؟ - بعد ضحك هذا صعب في الوقت الراهن. هدفي أن أصل إلى مرحلة نستطيع معها الاتفاق مع الشركات الاخرى على الاعلان عن أرقام كي يعرف الناس حجم السوق وقيمتها. انظر الإطار. هناك عدد من الشركات يقول أنه بدأ يوسّع حصته في الشرق الاوسط على حساب حصص شركات اخرى. ما هو الوضع بالنسبة لكومباك؟ هل حصتها في اتساع ام ان النمو تباطأ؟ - حصة كومباك في الفصل الاول كانت قوية وتمكنت في الفصل الثاني من زيادة الحصة في السوق. هناك تغييرات مهمة في السوق. المصنعون الذي يبيعون كومبيوترات بلا علامة مشهورة كثيرون في مصر خصوصاً. في الدول الاخرى هؤلاء المصنّعون ليسوا في موضع قوة بل ان معظمهم يُمنى بخسائر مالية. ما هو السبب؟ - المشكلة التي يواجهها مجمّعو الاجهزة تتعلق بحجم الإعمال فكلما زاد هذا الحجم كلما وجد هؤلاء أنفسهم مضطرين إلى التعامل مع الشركات الكبيرة وهذا يقتضي اعداد دراسات وتوفير الدعم والضمان وغير ذلك من نشاطات مكلّفة. هذه الشركات كانت تشتري القطع ثم تجمّعها ثم تبيع الكومبيوترات لكنها تكتشف مع الوقت ان عليها توفير خدمات خاصة عندما تتعامل مع الزبائن الكبار. الشركات الأربع او الخمس الأكبر دولياً تسجل سنة بعد سنة ازدياداً في حصتها تفوق الزيادة على الطلب العالمي. هناك عملية تعزيز في سوق تقنية المعلومات. ربما لم يكن هذا التعزيز سريعاً ومتواصلاً لكنه مستمر بسبب ديناميكية السوق. شركات الاتصالات تدرس فرص دخول سوق تقنية المعلومات" بعضها يريد دخول سوق الوسائط المتعددة والبعض يريد توسيع نشاطه في سوق الالكترونيات الاستهلاكية، والجميع يريدون حصة من سوق انترنت. السوق تعيد اختراع نفسها طول الوقت. نرى هذه الأيام ظاهرة تتضمن قيام بعض الشركات بتقديم كومبيوتراتها مجاناً ضمن صفقة اتصالات أو ترفيه. الديناميكة التي نتحدث عنها مرنة للغاية فربما طلعت شركة ما على السوق باختراع جديد يقلب كل مفاهيم تقنية المعلومات ويهزه من أساسه في أي لحظة، فما هي استعدادات كومباك لاحتمالات مثل هذه؟ - هناك "نماذج عمل" يمكن ان تعيد تنظيم السوق وهذه النماذج تشجعنا لكي نكون أكثر تركيزاً، وطالما بقينا ننمو بنسبة تزيد على نمو السوق سيكون هذا عاملاً جيداً. نحن شركاء في هذه النماذج، والشركة الاميركية التي قدمت الاجهزة المجانية اعتمدت كومبيوترات كومباك. هل كان شراء ديجيتال عبئاً كبيراً على كومباك؟ - الصفقة كانت مهمة لأن كومباك ليست شركة تبيع المنتجات فقط بل شركة تقدم الحلول والخدمات. الاستراتيجية الجديدة التي تعتمدها كومباك وهي Non stop e-Business مطلب تريده السوق بالحاح. الكومبيوترات في "ناسداك" البورصة الاميركية الاكبر لم تتوقف عن العمل منذ 20 سنة. تغير كل شيء داخلها لكنها لم تتوقف. في عالم انترنت لم يعد تشغيل الكومبيوترات عشر ساعات او اكثر ثم التوقف لاجراء الصيانة. العمل الآن بلا توقف. عمل كومباك مع مايكروسوفت والتكنولوجيا التي وفرتها تاندم وديجيتال ساهمت في وضع استراتيجية العمل بلا توقف. قيمة الحلول التي تقدمها كومباك الآن تصل الى ثمانية بلايين دولار يوفرها 25 ألف شخص منتشرون في مكاتب كومباك حول العالم. كومباك اعادت تنظيم نفسها في ثلاث مجموعات هي: حلول المؤسسات والخدمات، والمنتجات الاستهلاكية، وأجهزة الكومبيوتر التجارية والتجارة الإلكترونية. وسوف تؤدي هذه التغييرات إلى توفير منتجاتنا بأسعار تنافسية وبشكل سريع وعلى أعلى المستويات التقنية. وهذا ضروري لأن كومباك يمكن ان تجد نفسها منافسة لعدد كبير من الشركات التي تتنافس على سوق تقنية المعلومات. دخل الشركات تقدّر كومباك حصتها في سوق الاجهزة في الشرق الاوسط بنحو 15 في المئة على أساس عدد الوحدات المُباعة، وعلى هذا لا تتضمن عائداتها الخدمات والحلول التي تقدمها. ولا فائدة من محاولة التعرف من المسؤولين في الشركات المعنية بتقنية المعلومات في المنطقة عن قيمة مبيعات شركاتهم إلا انه يُعتقد ان قيمة مبيعات كومباك في المنطقة يمكن ان تراوح 250 -300 مليون دولار هذا العام. وتحب الشركات العالمية الناشطة في المنطقة، كما يبدو، رؤية تلك الأرقام التي تشير إلى ان مبيعاتها ترتفع عاماً بعد عام بنسب 50 أو 60 وربما مئة في المئة، إلا ان هذه النسب المرتفعة تخفي عائدات لا تقترب في العادة من واحد في المئة من العائدات التي تحققها الشركات عالميا. ويلفت الناشطون في الصناعة إلى ان الوضع المريح بالنسبة للشركات الدولية الناشطة في صناعة تقنية المعلومات في المنطقة هو الاقتراب اكثر ما يمكن من نسبة واحد في المئة من المبيعات الدولية. وتعتبر نسبة نصف في المئة فما فوق نسبة جيدة وما دون ذلك نسبة غير مقبولة.