إذاً يمكن ان يخفي تلاحق اعلان بعض اكبر الشركات الناشطة في قطاع تقنية المعلومات في الولاياتالمتحدة شيئاً اخطر من مجرد اخفاقات مؤقتة تُمنى بها الشركات المعنية هو تباطؤ نمو الطلب على الكومبيوترات الشخصية ومتمماتها. وفي الايام الثلاثة الاخيرة من الاسبوع الماضي كشفت انتل ومن بعدها موتورولا ثم كومباك ان المبيعات او الارباح او الطلب على البضائع التي تنتجها سيكون خلال الفصل الاول من السنة المالية الجارية اقل من توقعات المحللين او اضعف مما توقعته الشركة في تقاريرها السابقة. وهناك تخمة واضحة في الاسواق من الكومبيوترات الشخصية لا يبدو ان الطلب يجاريها فكم كومبيوتراً يشتري المستخدم؟ ثم لا يمكن تجاهل ما حدث في دول جنوب شرقي آسيا وبعض الدول الواقعة شرقها مثل كوريا الجنوبية فتلك دول كانت تحقق بعض اعلى نسب النمو الاقتصادي في العالم وضعفت الآن بنيتها الاقتصادية وتقلص الطلب على كل شيء. وهناك مساع دولية لوقف تدهور تلك الدول التي كانت تُسمى في الماضي "النمور الاقتصادية الآسيوية" يقودها صندوق النقد الدولي، الا ان محللين كثيرين يقولون ان الوضع لن يتحسن قبل سنتين على الاقل وان بعض الدول مثل اندونيسيا ربما لم تر قاع الحضيض الاقتصادي بعد. وهناك تقدم واضح في الاقبال على انترنت الا ان هذا الاقبال لا يجب ان يعكس بالضرورة سرعة مماثلة في الطلب على الكومبيوترات الشخصية فالكومبيوترات المتوسطة القوة لا تزال قادرة على التعامل مع انترنت وما يمكن ان ينفقه المستخدم على شراء جديد يمكن ان يستخدم جزءاً صغيراً منه لشراء مودم اسرع او طابعة افضل. مشاكل ومع الاخذ في الاعتبار مشاكل آسيا وتراجع نمو الطلب على الكومبيوترات لاحظ رجاء ان تراجع النمو لا يعني تراجع الطلب لعل الشركات المعنية تبالغ اذا قالت انها تقع ضحية الاوضاع الاقتصادية المتعثرة فمشاكل الشركات الثلاث المُشار اليها تعود الى سياسات تسويقية وتصنيعية داخلية واخفاق في تطوير منافذ التسويق المناسبة والا ما معنى ان تحقق ديل ارباحاً كبيرة جدا وتبقى كومباك الاكبر منها بكثير بلا ارباح كما تتوقع في نهاية الفصل الجاري؟ ولم يؤثر ضعف اسعار اسهم الشركات الثلاث في سوق الاسهم في الولاياتالمتحدة ولا في الاسواق الاخرى في صورة ملموسة لذا سيكون المتأثر الاكبر من تراجع سعر تلك الاسهم حملة الاسهم انفسهم. ومع ان تعاطفنا معهم الا ان هذا التعاطف ليس كبيراً فكل حملة اسهم تلك الشركات جنوا ارباحاً كبيرة في الماضي ولا بأس اذا تذكروا الآن ان اسعار الاسهم تنخفض مثلما ترتفع. وهل هناك خوف على تقنية المعلومات؟ لا!، اقله في المستقبل القريب فلا احد من الثلاث ينتج اشياء لا ينتجها غيره وبعض الشركات المتضررة او التي يمكن ان تعلن قريباً تضررها لا تبيع اكثر من الصناديق المملوءة متممات بعضها مصنوع في الشركة وبعضها في شركات اخرى منتشرة في كل انحاء العالم وليس لها فضل كبير في تطوير تقنية المعلومات ولا تأثير غير عادي على طريق هذه التقنية في المستقبل. ومهم طبعاً ان يتوافر للمستخدم العادي افضل كومبيوتر بأقل سعر ممكن وهذا سيحدث كما يبدو، الا انه مهم جداً ان تتوافر للمستخدم خدمات الاتصال مع شبكة انترنت والتعامل مع البريد الالكتروني، لذا اذا كانت هناك مشاركة ما للمستخدم فربما كان من الاجدى ان تركز على اقناع السلطات المختصة او الشركات المعنية اتصالات وموفري خدمات المعلومات الفورية وغيرها بسرعة توفير هذه الخدمات بأقل اسعار ممكنة. مبيعات اقل وللتذكير كانت كومباك قالت يوم الجمعة الماضي ان مبيعاتها في الفصل الاول من العام الجاري ستكون مماثلة تقريباً لقيمة المبيعات في الفصل نفسه من العام الماضي ولكن أقل بكثير من المبيعات في الفصل الاخير من سنتها المالية الماضية وانها لن تحقق ارباحاً صافية وذلك نتيجة عدد من العوامل منها اضطرارها الى تقليص اسعار كومبيوتراتها لخفض المخزون المتكدس على منافذ التسويق خصوصاً في اميركا الشمالية وللدفاع عن حصتها الكبيرة في الاسواق في وجه المنافسين الاصغر خصوصاً شركات مثل ديل. ومن المتوقع ان تتدنى قيمة المبيعات في نهاية الفصل الجاري الى خمسة بلايين دولار من رقم متوقع اسبق هو ستة بلايين دولار. وستعمل الشركة على تنشيط مبيعاتها وتنظيم حملات الاعلان والتسوق الا ان ثمار هذه النشاطات لن تأتي سريعاً لذا تقول الشركة انها "حذرة" في شأن ادائها في الفصل الثاني من السنة المالية الجارية. وللتذكير كومباك الآن خامس اكبر شركات تقنية المعلومات في العالم واكبر شركة تبيع الكومبيوترات الشخصية والخادمة، وكانت قيمة مبيعاتها في العام الماضي 6.24 بليون دولار، كما عمدت الى توسيع نطاق عملها من خلال اقتناء عدد من الشركات الرئيسية العاملة في حقل تقنية المعلومات اهمها ديجيتال ايكوبمنت التي ابرمت كومباك صفقة اوليّة لشرائها بمبلغ 6.9 بليون دولار. وقبلها قالت انتل التي تعتبر اكبر شركة تصنع المعالجات والشرائح الكومبيوترية في العالم ان الارباح المتوقعة في الفصل الاول من السنة المالية الجارية ستكون ادنى من التوقعات نتيجة انحسار الطلب على المعالجات. كومبيوتر اسوشيتس من ناحية اخرى يبدو ان شركة كومبيوتر اسوشيتس ستتراجع عن عرض لشراء شركة اميركية تدعى كومبيوتر ساينس بسبب احتمال تعرض الصفقة الى تحقيقات واسعة من جانب السلطات المعنية. وكان محللون قالوا ان الصفقة كانت ستؤدي الى قيام واحدة من اكبر شركات المعلوماتية في العالم بعائدات قيمتها 11 بليون دولار كما سيكون لديها نحو 50 ألف موظف علما ان قيمتها الاولية كانت نحو تسعة بلايين دولار.