نشرت مجلة "روزاليوسف" في عددها الصادر في 23 تموز يوليو مقالاً بقلم رئيس التحرير بعنوان "قناة الجزيرة وعملية استنساخ قناة تلفزيونية". المقال كان هجوماً كاسحاً ماسحاً، صور قناة "الجزيرة" على أنها عمل تآمري على الأمة العربية الكريمة، وأبسط ما ورد فيه أن "الجزيرة"، "تتمتع بقوة زائفة وترمي إلى التقليل من شأن الدول العربية الكبرى، إنطلاقاً من مفهوم غريب يقوم على أساس أن الدول العربية الكبيرة قد هرمت وشاخت، وأن هناك دولاً عربية فتية، مثل قطر طبعاً، يمكنها أن تتحمل أعباء الريادة". وأضاف المقال ان "برامج الجزيرة الحوارية مقلدة أو مستنسخة من قناة سي إن إن"، وأن "جميع المداخلات التي تتم فيها مرتبة سلفاً". واعتبر الكاتب أن جمهور هذه القناة "ضحايا البذاءة والصراخ والردح". هذا المقال ليس غريباً لأن "الجزيرة" تتلقى يومياً ما هو أشد منه، ورغم كثرة المقالات التي تهاجم هذه القناة الحرة إلا أن ذلك لم يؤثر في صدقيتها في نظر المشاهد العربي الذي يزداد تمسكاً بها يوماً بعد يوم، لأنه أصبح يدرك أن الإجماع العربي في قضايا الإعلام لا يستهدف سوى حريته، ولم ينس هذ المشاهد كيف سعت محطات التلفزيون الرسمية في الدول العربية إلى محاربة "الجزيرة" من خلال ما يسمى بميثاق الشرف الإعلامي الذي رفضت القناة القطرية التوقيع عليه لأنه ميثاق للتكبيل والتعتيم والاهتمام بالحكومات على حساب الشعوب وحقها في حرية تلقي المعلومات وتداولها من دون وصاية. لكن غرابة المقال تأتي من كونه نشر في مجلة كانت تعتبر أحد أهم منابر حرية التعبير في مصر والوطن العربي. من يصدق أن يأتي اليوم الذي نرى فيه مجلة "روزاليوسف" تقف ضد حرية التعبير وتتهم من يمارسها بأنه متآمر وحاقد ومقلد. متى يدرك هؤلاء أن قناة "الجزيرة" ظاهرة صحية وحيدة في خارطة الإعلام العربي، وأن محاربتها بهذا النوع من المقالات يزيد قوتها في وجدان المشاهد العربي المتعطش للحرية، ومن إيمانه بها مهما كانت عيوبها لأن البديل أمامه هو الصمت والتعتيم وتلوين الأخبار الطويلة المملة.