من حق الشعب العراقي ان يطالب المعارضة العراقية، والتي يفترض ان يكون هو مصدرها واليه مرجعها، برفض التعامل مع الاميركيين والحيلولة دون نجاح المساعي الاميركية في احتواء المعارضة العراقية وربطها بعجلة السياسة الاميركية واستراتيجيتها نظراً لما سببه الاميركيون من أذى للشعب العراقي. وإذا كان النظام العراقي يعتقد بأنه يمثل العراقيين فعلاً ويعمل من أجل مصالح العراق الوطنية فله الحق ايضاً ان يطلب من المعارضة العراقية رفض التعامل مع الاميركيين لا أن يدعو هو الى "تشكيل وايجاد" معارضة ترفض الاميركيين. ولا أعتقد ان هناك من سمع بنظام يدعو مواطنيه لمعارضته ويحثهم على تأسيس أحزاب لهذه الغاية. ان مثل هذه الدعوة هي الدليل على مدى استهانة واستخفاف النظام العراقي بعقول الناس. ولربما يريد النظام ان يقول، انه لا يمانع بوجود معارضة شريطة ان تؤمن بأهداف حزب البعث وأهداف النظام. أي معارضة شكلية وصورية وديكور ولا واجب لها الآن غير "رفض الاميركيين" ان الشيء الوحيد الذي يجب ان يؤمن به الجميع ويصونوه ويعملوا بموجبه هو الدستور الذي يكفل الحريات. أما مسألة التعامل مع الاميركيين فإنها باتت محسومة لصالح الرفض ومنذ زمن بعيد. واذا كانت هناك بعض المنظمات المعارضة خارج العراق تميل الى الاعتماد على الاميركيين في تنظيمها وإقامة ندواتها ومؤتمراتها وتمويلها وخططها في الإطاحة بالنظام العراقي فهذه مرفوضة تماماً من قبل الشعب العراقي .... ولعل الرئيس العراقي يرغب بوجود معارضة ايجابية حقيقية وفعالة حتى يتحاور المتعارضون ويناقشون ويصوتون فيؤيدون أو يعارضون ما يطرح من قرارات وقوانين وأنظمة الخ... غير ان هذا لا يحدث الا في نظام ديموقراطي تعددي وفاعل. والنظام الديموقراطي لا يستقيم مع وجود الاستبداد على رأس السلطة. ان أعرق الديموقراطيات هي على نحو ما، ديموقراطية ناقصة لوجود حق النقض "الفيتو" الذي يتمتع به رئيس الجمهورية، فكيف اذا كان الرئيس مستبداً وليس بإمكان أحد ان يخالفه ورأيه هو الذي سيسود في النهاية؟ .... ان المعارضة التي ترفض التعاطي مع المشروع الاميركي وغيره من المشاريع المشبوهة موجودة وهي كل أبناء الشعب العراقي الذي تحول برمته الى الخندق المعادي للمصالح الاميركية، حتى اولئك الذين كانوا قبل حرب "عاصفة الصحراء" وقبل فرض العقوبات الاقتصادية يتعاطفون مع "عالم الحرية وحقوق الانسان" تحولوا الى الخندق المعادي، الا ان هذه المعارضة هي ذاتها المعار ضة التي ترفض ان يبقى العراق تحت مطرقة العقوبات الاقتصادية وسندان الممارسات اللاانسانية التي يمارسها النظام ضد مواطنيه. وهذه الممارسات لن تنتهي، على ما يبدو، إلا بزوال النظام. والعقوبات الاقتصادية لن ترفع إلا بسقوط نظام صدام حسين. أو هذا على الأقل ما تدعيه الولاياتالمتحدة التى ترعى "ارهاب" العقوبات الاقتصادية وتصر عليها .... وكان حري بالرئيس صدام ان يراجع سياساته التي صبت جميعها في قوارير المصالح الاميركية، ومصلحة النظام الوحيدة والمتمثلة في البقاء في السلطة قبل ان يطلب من المعارضين "رفض الاميركيين". كما كان حري به ان يعمل وفق المحرمات الوطنية التي تحرم على الحاكم التفريط بأرض الوطن ومصالحه وثرواته واهمها ثروته البشرية الشعب الذي تكمن مشكلته اليوم في الخلاص من الظلم والتعسف ومن العقوبات الاقتصادية ومن العزلة الدولية ومن المحن التي يضعه النظام فيها .... شيكاغو - طالب أحمد سبع عراقي مقيم في الولايات المتحدة