ستظل آراء شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي مادة ثرية لوسائل الإعلام، وسيظل الجدل بينه وبين معارضيه مثاراً للاهتمام. فالرجل منذ توليه منصب المفتي عام 1986 لا يخرج من معركة إلا ويدخل في أخرى، فيما زادت معاركه عقب توليه منصب شيخ الأزهر عام 1996. لكن واقعة استقباله الحاخام الإسرائيلي لاندو لاو قبل سنتين ستبقى القضية الاهم التي أخذها عليه معارضوه، وفي مقدمهم "جبهة علماء الأزهر" التي حلت بناء على طلب طنطاوي العام الماضي. ولا تزال تداعيات اللقاء في ساحة القضاء المصري حيث يواجه عدد من العلماء تهماً تتعلق بقدح شيخ الأزهر وذمه في وسائل الإعلام. وفي المقابل، فإن هؤلاء ما زالوا يسعون الى إلغاء قرار محافظ القاهرة ووزارة الشؤون الاجتماعية بحل "الجبهة". ورفض طنطاوي مراراً الخوض في تفاصيل اللقاء الذي جمعه مع الحاخام، واكتفى في المرات السابقة بالتأكيد أن اللقاء لا ينتقص منه أو من الأزهر نفسه، من دون أن يتناول الأسباب التي دفعته اساسا الى استقبال لاو. لكن طنطاوي فاجأ الجميع مساء أول من امس عندما أعلن أن اللقاء تم بعدما حصل على إذن من الرئيس حسني مبارك نفسه. وكان شيخ الأزهر يتحدث الى مشاهدي برنامج "شاهد على العصر" الذي يقدمه المذيع عمر بطيشة عبر قناة "النيل للأخبار". على رغم أن اللقاء تناول مواضيع عدة وقضايا خلاف كان طنطاوي دائماً طرفاً فيها، إلا أن ما أعلنه الشيخ عن اللقاء مع الحاخام مثّل مفاجأة، إذ قال: "جاءني الطلب الإسرائيلي لاستقبال لاو، فهاتفت رئيس ديوان رئيس الجمهورية السيد زكريا عزمي وطلبت منه رأي الرئيس مبارك في الأمر، وبعد فترة تلقيت مكالمة من عزمي ابلغني فيها أن الرئيس موافق على اللقاء، بل أنه طلب أن أواجه الحاخام بالحجة وأرد على مزاعمه وأقواله". وعلى رغم أن مشاهدي البرنامج ما زالوا يتذكرون أن مبارك التقى الحاخام قبل توجهه الى الأزهر، إلا أن طنطاوي لم يشر أثناء الحملة عليه أبداً الى أنه حصل على إذن من الرئيس للقاء الحاخام. ولم يفت شيخ الأزهر، خلال اللقاء التلفزيوني، أن يرد على معارضيه، بل أنه اتهم المسؤولين في وزارة الشؤون الاجتماعية الذين منحوا قبل سنوات طويلة "جبهة علماء الأزهر" ترخيصاً، بأنهم "جهلة". وأبى أن يختتم اللقاء من دون أن يطرح رأياً مثيراً للجدل عندما سأله المذيع عن حكم الشرع في التدخين، فرد طنطاوي متسائلاً: "هل نساوي التدخين بالزنا أو شرب الخمر؟" واستطرد: "الحكم في موضوع التدخين يتعلق بالظروف، فإذا كان راتب رب الأسرة لا يكفي للانفاق على بيته، فالتدخين محرم عليه، أما إذا كان رب الأسرة ميسور الحال فلا مانع من أن يدخن سيجارة عقب تناوله الطعام ونحن نتمنى له أن يقلع".