مع تناقص فرص العمل لمعظم الخريجين من الجامعات السورية، يبقى حلم السفر ومتابعة الدراسة في الخارج الأقوى بين الشباب السوري. والقليل منهم قادر على تحويله الى حقيقة اما الباقون فيتابعون دراستهم الجامعية في الكليات السورية او يتركون الدراسة للبحث عن عمل. ويقابل ازدياد اصرار الأهل على تدريس ابنائهم في الاختصاصات الطبية والهندسية ارتفاع معدل هذه الاختصاصات سنة تلو الأخرى، ليصبح الطلاب الذين يحصلون على علامات فوق المئتي درجة هم وحدهم القادرون على الدخول الى هذه الكليات. يقول الشاب عمر: "بالنسبة للاهل فهم يحبون ان يقولوا لاصدقائهم هذا هو ابننا الدكتور فلان او المهندس فلان، وهذا برأيي السبب الوحيد في رغبتهم بأن ندخل كلية الطب او الهندسة فهي تعطي لجميع افراد العائلة البرستيج". ويضيف صديقه "اغلب الاطباء الجدد لا يجد عملاً، ذلك ان الطبيب الناجح ليس الطالب المتفوق بل القادر مادياً على السفر الى الخارج والتخصص ثم فتح عيادة في وسط البلد تزينها يافطة تعدد اختصاصاته والبلدان التي درس فيها، وهذا يعني انه لتكون طبيباً ناجحاً يجب ان تكون غنياً". ويصل عدد خريجي كلية الطب سنوياً نحو 1242 طالباً منهم 349 طالبة، ويدرس نحو 20 طالباً على نفقة الدولة. وحسب الاحصائيات الرسمية يوجد نحو 15 طبيباً لكل الف شخص في دمشق ما يدعو المهتمين الى الطلب "بضرورة الاتجاه الى الكيف في دراسة الطب والتقليل من عدد المنتسبين". وارتفعت معدلات الدخول الى فروع الجامعة بشكل عام خلال السنوات الاخيرة حيث اصبح الطلاب يحتاجون الى معدلات 70 في المئة فما فوق للتسجيل في اغلب كليات الجامعة، ما يدفع بعض الأهل الى المغامرة وارسال ابنائهم للدراسة في الجامعات الأجنبية التي تتطلب تكاليف مرتفعة. تقول السيدة منى: "اضافة الى الكلفة المادية هناك خطورة من ارسال الأولاد للدراسة في الخارج ذلك ان اكثرهم لا يعود الى البلاد". اما في حال عدم توفر الأموال المطلوبة يتجه الابناء الى دراسة الاختصاصات المتاحة او يتحولون الى العمل، اذ يقول حسام 22سنة: "دخول معهد متوسط أو اعادة السنة الدراسية هي الاختيارات التي تناسب مجموعي في البكالوريا ولهذا فضلت التوجه للعمل". ويعود السبب في ارتفاع معدلات الجامعة الى وجود فائض كبير من خريجي الجامعات. وافاد احد المحامين ان "زيادة عدد المنتسبين الى كلية الحقوق ادى الى اغراق البلد بالخريجين الذين لا يجدون عملا". ويضيف ان عدد طلاب الحقوق في دمشق وحلب يصل الى اكثر من 21 الف طالب بمعدل 473 طالباً لكل استاذ. وهناك ايضاً فائض كبير في خريجي كليات الصيدلة التي تحتوي الآن 3170 طالباً ويتخرج سنوياً 500 صيدلي. وتدل الاحصائيات الرسمية الى وجود 2477 صيدلياً من دون عمل والى وجود صيدلي لكل الفي مواطن في حين يحتاج كل عشرة آلاف نسمة الى صيدلي واحد حسب المعدل العالمي . وخلال السنوات الخمس الاخيرة بدأ الشباب يفقد حماسه للدراسة الجامعية التي بقيت لزمن طويل ضرورة للنجاح وتحقيق مردود مادي جيد، وتحول الشبان الى العمل بعد الحصول على الشهادة الثانوية، خصوصاً أن مداخيل خريجي الجامعات لم تعد تكفي اذا ما قورنت بالتجارة والأعمال الحرة. يقول حسام 25سنة "بعد حصولي على الشهادة الثانوية عملت مع والدي في التجارة، اما اليوم وبعد خمس سنوات من العمل لا استطيع ان اقارن وضعي المادي مع زملائي الذين تابعوا الدراسة وما زالوا يبحثون عن فرصة عمل". وتتراوح رواتب القطاع العام لخريجي الجامعات حسب قانون العمل الموحد بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ليرة سورية، في حين تصل مرتبات القطاع الخاص لحاملي الشهادة الثانوية الذين يجيدون اللغة الانكليزية الى حوالى ثمانية آلالف ليرة، اي الضعف في الحد الادنى. ويلتحق اغلب الشباب بعد الحصول على الثانوية بدورات الكومبيوتر ودورات تعليم اللغات الفرنسية والانكليزية التي انتشرت خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل كبير. يقول عماد 22سنة ان "تعلم اللغة الانكليزية والكومبيوتر يفتح مجالاً اوسع للعمل مقارنة بالحصول على شهادة جامعية". واغلب اعلانات الوظائف تطلب اجادة احدى اللغات الاجنبية والقدرة على التعامل مع الكومبيوتر الذي يعتبر جديداً على المجتمع السوري. غير ان التوجه للعمل له اسباب اخرى اهمها الوضع المادي للاسرة الذى لا يحتمل الاعباء المادية للدراسة، يوضح الشاب حسن: "وضع اسرتي المادي لا يساعدني على متابعة الدراسة، لذلك انني مضطر للعمل واتمنى ان استطيع التوفيق بين العمل والدراسة". ويضيف صديقه: "ادرس في كلية الحقوق واعمل في الليل كحارس ليلي فوضع اسرتي المادي لا يسمح لي بالتفرغ للدراسة". ويرى محمد "من الصعب الجمع بين العمل والدراسة. حاولت في السنة الأولى التوفيق بين دراسة الهندسة والعمل غير انني لم استطع مما اضطرني الى ترك الجامعة".