اظهرت مؤتمرات الكتل الانتخابية التي عقدت امس عزلة الكرملين داخلياً بعدما حوصر خارجياً بالفضائح المالية. ودخل التحضير للانتخابات الاشتراعية التي تجري في 19 كانون الأول ديسمبر المقبل طوراً حاسماً بإعلان قوائم الكتل التي ستخوضها، وفي مقدمها "الوطن كل روسيا" بقيادة رئيس الوزراء السابق يغفيني بريماكوف. ويُعد هذا الائتلاف الواسع لاحزاب الوسط أقوى تكتل مناوئ للكرملين ويضم كبار قادة الجمهوريات والأقاليم وأبرز الساسة الذين كانوا الى أمد غير بعيد حلفاء للرئيس بوريس يلتسن. وفي البيان الختامي الذي أقره المؤتمر أمس أكدت الكتلة ضرورة تعديل الدستور وتنازل الرئيس عن جزء من صلاحياته الى الحكومة والبرلمان. وذكر بريماكوف ان الائتلاف يهدف الى "حماية مصالح الدولة" والدفاع عن مواقع روسيا دولياً "لمنع تجاهلها". وأضاف ان بلاده "ستبقى دولة عظمى ... ونداً للأقوياء في العالم". وأشار منسق الائتلاف غيورغي بودس الى ان الكتلة "مستعدة لضمان أمن الرئيس" بعد الانتخابات، ولكنه حذر من ان الكرملين قد يحاول "إبادة" الائتلاف أو القيام بأعمال "تدفع الناس الى الشارع". ولم يسلم يلتسن من الانتقادات في مؤتمر حركة "روسيا بيتنا" بقيادة رئيس وزراء سابق آخر هو فيكتور تشيرنوميردين. فقد أشار رئيس الكتلة البرلمانية للحركة فلاديمير ريجكوف الى ان السلطة الحالية في روسيا "ضعيفة وفاسدة ... وبحاجة الى اصلاح جذري". ومعروف ان "بيتنا روسيا" كان يعتبر أهم ركيزة ليلتسن، إلا ان حلفاء الرئيس السابقين بدأوا يتنصلون منه تباعاً. وطلب رئيس حكومة آخر سابق، سيرغي ستيباشين، الامتناع عن توجيه تهديدات لرئيس الدولة خوفاً من "ردود فعل". الا انه انتقل عملياً الى مواقع المعارضة بانضمامه الى كتلة "يابلوكو" التي اكد رئيسها غريغوري يافلينسكي ان روسيا تحكمها "عائلة". وتوقع ان يكون مصيرها مماثلاً ل"عائلة" اخرى حكمت اندونيسيا، مشيراً الى الفضائح المالية التي ارغمت الرئيس سوهارتو على الاستقالة. وحتى اليمين الراديكالي المتمثل في حزب "الخيار الديموقراطي" بقيادة يغور غايدار رئيس أول حكومة "اصلاحية" في روسيا أعلن في مؤتمره امس انه "قوة معارضة". ومعروف ان احزاب اليسار التي يقودها الشيوعيون تناصب يلتسن العداء منذ توليه السلطة، ولذا فإن الخبير السياسي المعروف سيرغي كازغانوف اضطر الى الاقرار امس بأن "الكرملين لم يعد له غير حزب فلاديمير جيرينوفسكي"، الذي يوصف بأنه القوة التي "تُحالف من يدفع".