في الصيف يزيد إقبال المصريين على زيارة السيرك الذي يعتبر ملاذاً للكبار والصغار. وبداية السيرك المصري لها قصة قد لا يعلمها كثيرون، ففي عام 1960 وافق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على استدعاء الخبير السوفياتي مايسترفكو وتحديداً يوم 14 نيسان ابريل لوضع قواعد السيرك المصري، على أن يبدأ جولاته وتقديم العروض في الشركات والجامعات. وعلى مسرح محمد فريد في وسط القاهرة بدأ الخبير السوفياتي عقد الاختبارات لاختيار 60 لاعباً، ليكونوا نواة السيرك القومي في مصر. بدأ تدريب من وقع عليهم الاختيار في حديقة قصر عابدين في العام 1962، وتكلف انشاء السيرك حينذاك ربع مليون جنيه مصري. وصنعت 35 خيمة تتسع ل 350 مشاهداً، بالاضافة الى الحيوانات التي تم شراؤها. وحوى السيرك في أول عروضه 85 لاعباً، بينهم 4 سيدات و15 فتاة و12 طفلاً، بالاضافة الى 100 إداري و85 حيواناً بينها 13 حصاناً تكلف شراؤها 4 آلاف جنيه و10 أسود ب 750 جنيهاً، ونمرين بألف جنيه، وأربعة أفيال ب 3600 جنيه. وفي آيار مايو العام 1964 اتفقت وزارة الثقافة مع سيرك المانياالشرقية على بناء خيمة للسيرك في منطقة العجوزة على مساحة 6500 متر. واعتبر ذلك المقر الرسمي للسيرك القومي، حيث يقدم عروضه هناك منذ ذلك الوقت. وهو يجول أحياناً على محافظات مصر ولا سيما في فصل الصيف، فهو يجول على هذه المدن، خمس مدن في محافظات مختلفة في وقت واحد، هي القاهرة والعريش وجمصة ومرسى مطروح والاسكندرية. ويتميز السيرك بوجود ألعاب كثيرة فيه، منها الزانة والبلانصات وترويض الوحوش والثعابين والخناجر والحربة الصينية والقذف بالأرجل، إلا أن الكبار والصغار يقبلون دائماً على مشاهدة فقرة الأسود والفهود لخطورتها. في السيرك التقينا بلاعب يدعى علاء فاروق راشد الذي أكد أنه احترف ألعاب السيرك قبل سنوات، لأن والده كان لاعباً فيه ويجيد الكثير من الألعاب، ومنها الاكروبات التي يعشقها الكبار والصغار. ويضيف: أشعر بالسعادة وأنا أجد الحب في عيون الأطفال وضحكاتهم تتعالى في جنبات السيرك مع كل لعبة أؤديها، وهذا ما يجعلني أنسى التعب الذي يحاصرني طوال الساعات التي أعمل فيها، وخصوصاً التدريبات التي اتحمل فيها التعب والمشقة. أما لاعب رمي الكرة بالأرجل الأول في السيرك ويدعى شاكر عباس، فيقول إن لعبة الرمي بالأرجل أيضاً فن يحتاج الى تدريب شاق حتى يصل الشخص الى المرحلة التي تجعله لا يخطئ. ويضيف: ان لاعب السيرك كان يطلق عليه قديماً "البلياتشو" وكان لا ينال احترام الناس وقد تحسن الوضع حالياً، لكن ليس بالقدر الكافي، لأن الدولة بكل مستوياتها يجب أن تهتم بلاعب السيرك وتقدم له المساعدات ليعيش حياة أكثر استقراراً. ويقول لاعب آخر في السيرك يدعى محمود ابراهيم إن الجمهور يطلق عليه لقب الفنان، لأنه يتميز بالقدرة على انتزاع الضحكات، فهو يقدم "نمرة" البلياتشو وهي اللعبة التي تستهوي الأطفال كثيراً. ومعروف أن السيرك تسيطر عليه عائلات معروفة ابرزها عائلات عاكف وبغدادي والحلو. مدير عام السيرك السيد ابراهيم الحلو يقول إنه يستعد قريباً لتقديم مسرحية تقوم ببطولتها الحيوانات مدتها ساعة ونصف الساعة، وأبطالها من الأسود والنمور والكلاب والثعابين، وستقدم للمرة الأولى في مصر. وقال أنه وضع خطة لتطوير السيرك القومي، إذ سيعيد افتتاح مدرسة السيرك التي كانت موجودة لدى افتتاحه، وذلك ليسمح للأطفال من سن ست سنوات الذين يرغبون في الالتحاق بها وتنمية مواهبهم، وحتى يكون لديهم المزيد من الاستعداد للعمل في السيرك. وأشار إلى أنه سيعمل على وضع فنان السيرك في قائمة الفنانين الكبار حتى يحصل على حقه كاملاً في التكريم من الدولة، لأن فنان السيرك لا يقل عن أي فنان آخر في أي مجال، لذلك لا بد ان يحصل على حقه كاملاً. ويقول الحلو: إن لاعبي السيرك لم يكرموا منذ 25 عاماً، وذكر انه سيستدعي أيضاً عدداً ًمن الخبراء الروس لتدريب اللاعبين في السيرك القومي في مقر السيرك الجديد في مدينة 15 مايو جنوب العاصمة حتى تزيد مهارة اللاعب المصري، ويصبح أكثر قدرة على تقديم ألعاب حديثة. معنى سيرك كلمة سيرك المأخوذة من الإنكليزية والرومانية Circes تعني دائرة، وكانت هذه الدائرة تشهد قديماً المباريات لا سيما المصارعة والمبارزة، بينما كان المواطنون يلتفون حول مكان اللعب على هيئة دائرة، وما زالت دول عدة في العالم تحتفظ بمثل هذه الأماكن التي اطلق عليها فيما بعد "مدرجات" مثل مدرج الكولوسيوم الذي شيد بين عامي 75 و80 ميلادية في روما. ومع مرور السنوات تطور معنى الكلمة، فأصبحت تطلق على المكان الذي تقدم فيه الألعاب البهلوانية، سواء التي يقدمها أشخاص بمفردهم أو الاستعانة بحيوانات. وشيد في لندن العام 1742 مدرج أطلق عليه السيرك في عهد الملك فيليب، وانتقل منها بعد ذلك الى مدن أوروبا الأخرى ومنها روما وبرلين وباريس ثم الى عدد من الدول العربية ومنها مصر.