الرياض: القبض على مقيمين لترويجهما 11.7 كيلوغرام من الشبو    اتهامات لنتنياهو بعرقلتها.. تضاؤل فرص إبرام هدنة غزة    وزير الشؤون الإسلامية: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    عقدا لتشغيل وصيانة شبكات ومواقع تجمعات سيول في بريدة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    فرضيات عن صاروخ روسي تسبب في تحطم الطائرة الأذربيجانية    دار الملاحظة الأجتماعية بجازان تشارك في مبادرة "التنشئة التربويه بين الواقع والمأمول "    مدرب اليمن يستهدف فوز أول على البحرين    الذهب يستقر وسط التوترات الجيوسياسية ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    خطيب المسجد النبوي:الاعتصام بسنة رسول الله فهي الحق المبين وبها صلاح الأمة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مستشفى كمال عدوان شمال غزة    مدرب العراق: سأواجه «السعودية» بالأساسيين    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    الأمن.. ظلال وارفة    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    «إسرائيل» ترتكب «إبادة جماعية» في غزة    التحليق في أجواء مناطق الصراعات.. مخاوف لا تنتهي    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    أهلا بالعالم    كرة القدم قبل القبيلة؟!    ضبط شخص افتعل الفوضى بإحدى الفعاليات وصدم بوابة الدخول بمركبته    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    قائمة أغلى عشرة لاعبين في «خليجي زين 25» تخلو من لاعبي «الأخضر»    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    رفاهية الاختيار    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    منتخبنا كان عظيماً !    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    استثمار و(استحمار) !    نيابة عن "الفيصل".. "بن جلوي" يلتقي برؤساء الاتحادات الرياضية المنتخبين    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    مسابقة المهارات    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنبعاث الكردي المعاصر وسيناريوهات مستقبل كردستان
نشر في الحياة يوم 29 - 08 - 1999


درية عوني.
الأكراد.
أبوللو للنشر، القاهرة.
1999.
308 صفحات.
باهظ ذلك الثمن الذي دفعه العرب، ولا يزالون، نتيجة تجاهلهم للقضية الكردية.
ومن هذا المنطلق يمكننا تفهم المحاولة التي قامت بها الصحافية المصرية درية عوني عبر سنوات عدة، لتقديم المسألة الكردية بما توافر لها من فرص الوصول مباشرة الى قلب الحدث وبؤر التوتر في كردستان. فقدمت القضية عبر تغطيات إعلامية وحوارات جمعتها الى ما توافر لها عن اصول القضية لتضع، في 1993، كتابها الاول "عرب وأكراد: صراع أم وئام". وجاء الاعتقال الأهوج للزعيم الكردي عبدالله أوجلان في شباط فبراير الماضي ليضع القضية الكردية سياسياً وإعلامياً في قمة اهتمام صانعي القرار في المنطقة والغرب، بل رجل الشارع في العالم كله. وينفرد هذا العمل عن غيره مما كتب بالعربية في الفترة اللاحقة لاعتقال أوجلان، بكون كاتبته اتيح لها غير مرة التقاء اعضاء وقيادات من الاحزاب الكردية الثلاثة الأشهر. كذلك فهي لم تكتف بإطلاع القارئ على جذور تاريخ الأكراد وحاضرهم، بل اهتمت بتحليل الموقف العربي المعاصر من الشأن الكردي ناقدة اياه وداعية الى ترشيده باتجاه احداث تعاون عربي - كردي خلاّق. ذاك ان آفاق الشعبين واحدة، وكذلك فاعداؤهم مشتركون ومتحالفون ضدهما.
على مدار فصوله الاثني عشر، يقدم الكتاب استعراضاً للحركة القومية الكردية التي لم تبدأ، كما يزعم البعض، كردٍّ من الهامش على قمع المراكز - العواصم التي تحتل دولُها اجزاء من اقليم كردستان، أو كاحدى آليات التصارع بين هذه الدول. الفصل الاول يتناول أصل الأكراد وإسهامهم الحضاري، ليس في المنطقة فحسب، بل في ما يتجاوزها. وهو يقدم معلومات اساسية عن كردستان جغرافياً وسكانياً، مستشهداً بآراء عدد من المستشرقين والانثروبولوجيين بهذا الشأن.
كما يأتي الفصل الثاني ليقارن بين هذا الوجود الكردي الممتد لسبعة آلاف عام خلت من التاريخ المكتوب، وبين الوجود التركي، مثبتاً ان الاول أسبق واحق بأقليمه الذي يحتله الثاني. كما يؤكد الفصل نفسه ان هذا الوجود الكردي تبلور في صيغ سياسية واجتماعية ابرزها "الحكومات الكردية الاسلامية" التي ظهرت في القرن الثالث الهجري "وحتى سقوط آخر الإمارات الكردية المستقلة على يد الفرس في 1800، ثم الترك في 1847". وبشيء من التفصيل يتعرض الكتاب لنشأة الحركة القومية الكردية في كل من دول الشرق الاوسط الخمس التي تقتطع في ما بينها أراضي اقليم كردستان.
ففي تركيا ارتبط الانبعاث الكردي المعاصر بإنهيار الامبراطورية العثمانية، بعد ان ظل جسدها كرجل مريض تتربص به القوى الكبرى، وهبت كل القوميات غير التركية ثائرة على الباب العالي ومطالبة بحقوقها القومية، بما فيها حق تقرير المصير الذي لم يُستثنَ منه سوى الكرد، وحتى الحقبة الجمهورية التي بدأها اتاتورك في 1923 اذ اصدرت الدولة "فوراً قانوناً يحظر الحديث بالكردية"، وقامت للعنصرية الطورانية قائمة نظرية بأيدلوجية اتاتورك في التاريخ والحضارة، تلك التي تنفي عما عدا التركي الكثير من الحقوق الطبيعية.
وهكذا كان اعتراض الكرد، اكثر شعوب تركيا اضطهاداً، وتوالت الثورات ليعرف قاموس التحرر الوطني اسماء بارزة كالشيخ سعيد وآرارات ودرسيم ثم حزب العمال. ويفرد الكتاب لحزب العمال جزءاً خاصاً يتعرض لنشأته غير المنفصلة عن نشأة قائده عبدالله أوجلان، ويتضمن حواراً اجرته المؤلفة مع أوجلان في 1996، وتعريفاً بمنظمات الحزب في اوروبا والعالم كالبرلمان الكردي في المنفى PKDW والتلفزة الكردية MED-TV ومقرهما بروكسيل، والمؤتمر الكردي العام KCG الذي اعلن عنه اخيراً في هولندا حيث عقد اجتماعه التأسيسي في نهاية ايار مايو الماضي.
وفيما تورد المؤلفة شهادات على وضع اكراد تركيا المتدني، ففي ما خص العراق يعرض الكتاب للمشكلة وتفاقمها منذ نشأة الجمهورية العراقية واكتشاف البترول في "اقليم الموصل الكردي"، وكيف فشلت محاولات الوصول الى اتفاقات تؤطر الحق الكردي في حكم ذاتي، مثلما ترسخت تجربة اقليم كردستان العراق في 1992 قبل ان يبدأ الاقتتال الكردي - الكردي خلال 1994 - 1997.
وبدوره يختلف وضع الاكراد في ايران حالياً عما كان عليه قبل اغتيال الزعيم عبدالرحمن قاسملو، رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني الايراني. فخمول الحركة الكردية هناك لم يمكّنها من المساومة على حقوق لها في انتخابات الرئاسة الاخيرة. اذ رغم حصول الرئيس خاتمي على 80 في المئة من أصوات ابناء كردستان ايران، فإن اياً من وعوده الانتخابية لهم لم تنفذ الى الآن. اما كردستان سورية فيعرض الكتاب للطفرة الكبيرة التي شهدتها الحياة السياسية فيها الى حد إعلان حزب كردي، كما يبدي تفهماً لموقف دمشق في اتفاق أضنة إذ علت نبرة الحرب لدى أنقرة آنذاك عما سواها. اما أكراد أرمينيا والأكراد في لبنان، فإن الكتاب يذكر ما طرأ على أوضاعهم ايجاباً وسلباً في الفترة الأخيرة.
وتقدم المؤلفة تصورها للسيناريوهات المستقبلية لكل جزء من كردستان على حدة، كما تولي عناية بتشابك المصالح الكردية - العربية ليس فقط رداً على تحالف تركيا - اسرائيل المعلن والمفعّل أخيراً، ولكن لأن إهمال الشأن الكردي بما يترك المجال لقوى اقليمية وكبرى للتلاعب به، يعرّض الامن القومي العربي لخلل جسيم. وتشدد الكاتبة على أن تعاونا كهذا من شأنه إنصاف الاكراد وإعزاز العرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.