إلى روح عبدالوهاب البياتي يا صديقي العَلَمْ والذي عاش نبعة 1 فن وفكر وكم قد تألق كالبرق وأغدق كالغيث واجتاز دنيا القمم سلام عليك من القلب والروح سلام على الدوحة السامية سلام على القلعة العالية سلام على الذّكر الحلوة الغالية سلام على أسد لا يهاب ولا يستذلّ لأقسى الصعاب سلام على خالد فنه رغم نبح الكلاب ونهش الذئاب سلام على بطل غادر النوق ترغي، وتزبد، دون انسحاب وغادر كل النَّعام تخبئ هاماتها جزعاً في التراب وأوطأ رجليه مسرى السحاب! *** يا صديقي الذي ما أسفت على ضائع أو عراك الندم يا صديقي الذي أثملتك زهور الألم والذي عاش مغترباً قد نفى نفسه والذي أدمن الاغتراب والذي مزقته الأعاصير ثقالاً ثقالاً ومزقها جاهداً... والذي عشق الاكتئاب والذي أنضجته الملمَّات حتى تساوى لديه مذاق الحياة عاش لم يحتفل بالسعادة يوماً ولم يُكتوى بالشقاء والذي ذاق ثكلاً مريراً مريراً يهدُّ الرواسي وكم قد أحس احتراق الكبد كم دعوت لك الله في ما وجدت، وفي ما أصبت وفي ما افتقد *** يا صديقي الذي قيل بالأمس عنك بأنك مت وأنت الذي لم تمت وأنى تموت، وأنى يموت الخلود؟ يا صديقي الذي لم يكن يحذر الموت حتى، ولو لم يصب أيّ قوت! أعرف أنك ترفض هجمته وقضَّيت عمرك لم تخش أي وثوب له أو صراع وكم كنت أحسبه منك - رغم المخاطر - يهرب يهرب كيف سمحت له بالتسلل للغرفة النائية؟ وأوغلت في النوم حتى استطاع على خشية أن يشل الحياة ونمت بكرسي انفرادك في غيبة... تستطيب الرّقاد ليوم المعاد؟! *** يا صديقي... لمّا تكد ترتحل هادئ السرب... حتى تقاطر سيل النّمال، وجمع السّخال يحاول معظمهم أن ينال من سيد ذكره ما يزال يهز الجبال ترى أين كانوا؟ وأين اختفوا؟ ولِم ظهروا الآن والسيف مغمد؟ ولم جاؤوا كالخفافيش وانتشروا وأصواتهم كنقيق الضفادع في الليلة الشاتية؟ وروحك لما تزل تفلق الصخرة العاتية لأنك لما تمت بعد أنى تموت؟ وأنى يموت الخلود؟!! 1 نبعة: شجرة * شاعر سعودي.