مع وضع حجر الأساس لمبنى الجامعة اللبنانية - السورية تسمية مبدئية قابلة للتعديل في منطقة البقاع الغربي، التي يتوقع القيمون عليها أن تستقبل أول دفعة من الطلاب مطلع السنة الدراسية 2000 - 2001 يرتفع عدد الجامعات في لبنان الى اثنتين وعشرين جامعة، في بلد يشكل الشباب فيه الذين تتفاوت أعمارهم ما بين 15 عاماً و22 نسبة 19 في المئة من عدد السكان الإجمالي. وتستوعب الجامعة اللبنانية الجامعة الوحيدة في القطاع العام ما نسبته 56 في المئة من مجمل الطلاب الجامعيين، في وقت تكاد الاختصاصات في معظم الجامعات ومعاهد التعليم العالي تكون نفسها فيتخرج مئات العاطلين عن العمل سنوياً، إما لأن العرض يفوق الطلب وإما لأنه لا يتوافق معه. فما هو الجديد الذي ستحمله الجامعة اللبنانية - السورية الى شباب لبنان؟ وكيف تُصنف نفسها بين هذا الكم من مؤسسات التعليم العالي؟ وما هي مقومات استمرارها بين صروح علمية فاق عمر بعضها المئة والثلاثين عاماً؟ يقول رئيس "جمعية النهضة الإسلامية" النائب عبدالرحيم مراد أن فكرة انشاء الجامعة راودت الجمعية منذ أكثر من عشر سنوات بعد نجاح مشروع "دار الحنان للأيتام" التابعة للجمعية. ويشير الى أن اجتماعات عدة عقدت لدراسة الجدوى الثقافية والتربوية والتعليمية للجامعة في الريف اللبناني وحاجة البقاعيين اليها. واستقر الرأي على اقامة الجامعة على أرض مساحتها 500 ألف متر مربع تقع بين "مركز عمر المختار التربوي" في الخيارة وبلدة حوش الحريمة في البقاع الغربي بعدما تبرع بالأرض رئيس الحكومة السابق النائب رفيق الحريري". ويضيف: "ان انشاء جامعة في الريف يحصل للمرة الأولى. فالمدن والعواصم هي التي تستقطب الجامعات عادة. ثم ان موقعها يقع على بعد 40 دقيقة من دمشق وبالتالي نتوقع أن تجذب الطلاب السوريين وطلاباً عرباً آخرين". الحاجة الى جامعة في سهل البقاع الواقع بين سلسلتين جبليتين غربية تفصله عن الساحل اللبناني وشرقية تفصله عن الأراضي السورية، يشرحها مراد بالقول: "ان الطلاب البقاعيين كثيراً ما يتكبدون مشقة الانتقال من الريف الى المدينة لمتابعة تحصيلهم الجامعي. وإذا كان الأمر سهلاً بالنسبة الى الشاب، فإنه صعب على كل فتيات البقاع، علماً أن الفتيات بحسب الإحصاءات يشكلن الغالبية في الجامعات، اضافة الى أن فروع الجامعة اللبنانية في البقاع تنحصر بالكليات النظرية فقط وبالتالي تتضاءل فرصة الطالب البقاعي في الانتساب الى كليات تطبيقية". أما هوية الجامعة "الجنين" فهي لبنانية - سورية التسمية، أميركية الهوى، إذ ستتبع، كما قال مراد، النظام الأميركي في التعليم لجهة الوحدات الدراسية لا نظام التحصيل السنوي كما هو متبع في الجامعتين اللبنانية والعربية. وهذا الأسلوب في رأي مراد يشجع الطلاب على الانتساب، وهي ستضم ثماني كليات: الهندسة بكل فروعها والطب البشري وطب الأسنان والصيدلة والإدارة والكومبيوتر والعلوم والزراعة والسياحة والفندقية، والاختصاص الأخير غير متوافر في لبنان كدراسة جامعية الجامعة اللبنانية بدأت أخيراً بتدريس هذا الاختصاص. ويعتقد أنه سيستقطب أعداداً كبيرة من الطلاب. وفي ما يتعلق بالربط الأكاديمي مع جامعات أخرى خارج لبنان، يقول مراد: "إن عروضاً قدمت من جامعات مصرية وأميركية رفضناها، لأننا نفضل جامعة دمشق ونراهن على هذا الربط كونه يعطينا زخماً أكاديمياً وبشرياً وأمل بأن تتوج الاتصالات الجارية باتفاق أكاديمي مع هذه الجامعة على غرار ما هو حاصل بين جامعة بيروت العربية وجامعة الاسكندرية". ويشير الى أن التنسيق قد يجعل من الجامعتين مكملتين بعضهما لبعض فيصبح على سبيل المثال تدريس الطب في الجامعة اللبنانية - السورية ويتم الشق التطبيقي في جامعة دمشق". وفي انتظار حصول الجامعة على الترخيص من وزارة التعليم العالي فإن تحقيق المشروع يعتمد كما قال مراد "على تبرعات المقيمين والمغتربين من أبناء البقاع الذين سبق لهم أن حققوا مشروع دار الحنان". فحين أنشئت جامعة بيروت العربية في بداية الستينات في مناخ عروبي طاغ قوبلت بمشاعر متفاوتة. وكان الساخطون ممن اعتقدوا أن الجامعة الوليدة ستسحب امتيازات كانت حكراً عليهم وتوفرها لفئة من الشباب حرموا فرصتهم في التعليم العالي. وبعد أربعين عاماً تستعد جامعة لدخول معترك المنافسة غير المتكافئة فكيف ينظر من مرّ في التجربة حيال زميلة محتملة" يقول المدير العام لجامعة بيروت العربية عصام حوري: "لو كانت الجامعة اللبنانية تستوعب كل الشباب الراغبين في متابعة تعليمهم الجامعي لما أنشئت الجامعات الخاصة. ولبنان قادر على استيعاب الجميع، والجامعات في يومنا هذا باتت تتكامل ولا تتنافس، ونحن لا نعتقد أن الجامعة اللبنانية - السورية ستكون منافساً للجامعة العربية فقدرتنا على استيعاب الطلاب محدودة فسنوياً يتقدم الى الكليات التطبيقية أكثر من ثلاثة آلاف طالب والغالبية من اللبنانيين ولا نستطيع قبول أكثر من ألف وثمانين منهم". ويشير حوري الى أن الطلاب السوريين في الجامعة يصنفون في المرتبة الثالثة في لائحة الطلاب العرب بعد الخليجيين ثم المصريين.