تستعد المصارف القطرية لدخول القرن الجديد. وقال مدير ادارة الرقابة المصرفية في مصرف قطر المركزي السيد معجب تركي ل"الحياة" ان المصرف المركزي وضع خطة طوارئ لمواجهة اي مشاكل قد تظهر في اجهزة الحاسب الآلي الكومبيوتر في المصارف سنة 2000 واكد "اننا قمنا بالمجهود الكافي والبنوك على اهبة الاستعداد". واضاف "ان عمل المصارف سيستمر وستعمل حتى يدوياً في حال عدم عمل الاجهزة الآلية لكننا لا نتصور ان نصل الى هذه المرحلة اذ اننا اتخذنا اجراءات كفيلة باستمرار العمل في المصارف". وقال تركي ان وضع المصارف في قطر يشهد منذ سبعة اعوام تطوراً وتحسناً خصوصاً في ما يتعلق بمحفظة القروض مشيراً الى انه كانت هناك مديونيات مشكوك في تحصيلها سابقاً لكن محفظة الديون في جميع المصارف اصبحت الآن من دون مشاكل و"نظيفة" كما ان ارباحها في تطور كبير مقارنة بالاعوام السابقة. ولفت في هذا الاطار الى دور المصرف المركزي ومتابعته لعمل المصارف. وأفاد انه صدرت تعليمات باجازة عمل "شركات الاستثمار والتمويل" تحت رقابة مصرف قطر المركزي الذي قام بوضع الانظمة وكشف: "ندرس الآن منح تراخيص لهذه الشركات". واوضح انه تم منح ترخيص ل"الشركة الاستثمارية للسيدات" كما تم منح احدث ترخيص لشركة المستثمر الدولي بأمر من مجلس الوزراء. وكان الجهاز المصرفي في قطر شهد تطورات ملموسة خلال الاعوام الماضية. ويؤكد مسؤولو مصرف قطر المركزي ان تطور العمل المصرفي تأثر، كما في دول اخرى في المنطقة، "بالاوضاع السياسية والاقتصادية التي سادت في حقبة ماضية" ولفتوا الى ان قطر حتى مطلع السبعينات كانت تحت النفوذ البريطاني اذ كانت العملات المتداولة هي عملات المنطقة الاسترلينية المتداولة المعروفة آنذاك كالروبية الهندية ومن ثم روبية الخليج. وتقول دراسة للمصرف المركزي ان هاتين العملتين كانتا مرتبطتين مباشرة بالجنيه الاسترليني الذي كان يمثل الغطاء الاساسي لهما وكذلك ريال قطر ودبي الذي اصدر في اواخر عام 1966 بالغطاء ذاته ليحل محل تلك العملات. ويقول تاريخ العمل المصرفي ان البنوك ذات الجنسية البريطانية حصلت آنذاك على قصب السبق في مزاولة النشاط المصرفي في قطر. وشهد عام 1950 تأسيس فرع للبنك الشرقي المعروف باسم "ستاندرد تشارترد بنك" وهو اول مصرف يعمل في قطر بعد ان بدأ انتاج وتصدير النفط القطري عام 1949. وفي عام 1954 تم انشاء فرع للبنك البريطاني للشرق الاوسط، وشهد عام 1956 تأسيس فرع لبنك بريطاني ثالث هو البنك العثماني المعروف باسم "بنك كرندليز". وجاء انتاج قطر للنفط ليؤدي الى توسع العمل المصرفي اذ ان البلاد شهدت تطورات اقتصادية متسارعة ادت الى فتح مصارف جديدة، فتم افتتاح فرع للبنك العربي المحدود الاردني في 1957 وفي عام 1960 تم السماح بفتح فرع لبنك انترا المشرق بعد ذلك اللبناني. لكن النقلة الكبرى في عمل المصارف جاءت عام 1965 عندما تم انشاء اول مصرف وطني قطري هو "بنك قطر الوطني" الذي انيطت به مهمة القيام بمهام "بنك الحكومة". وعلى صعيد العملة حدث تطور مهم اذ تم في عام 1966 طرح اول عملة وطنية هي "ريال قطر ودبي" لتحل محل العملات الخارجية التي كانت متداولة آنذاك. وجاءت مرحلة استقلال قطر في الثالث من ايلول/ سبتمبر 1971 لتشهد بداية انطلاقة اشمل تتسارع خطاها الآن في المجالات الاقتصادية فدخلت قطر حالياً نادي مصدري الغاز الذي تملك منه احتياطات ضخمة وانعكس ذلك على تطور وانتعاش العمل في الجهاز المصرفي واداء المصارف. وجاء انشاء "بنك التنمية الصناعية" اخيراً، وهو احدث مصرف متخصص في قطر، ليؤشر الى طبيعة التطورات الاقتصادية التي انعكست على اداء المصارف العاملة الآن وهي بنك قطر الوطني والبنك التجاري القطري وبنك الدوحة المحدود ومصرف قطر الاسلامي والبنك الاهلي القطري وبنك قطر الدولي الاسلامي وكلها بنوك وطنية. اما البنوك العربية في قطر فهي البنك العربي المحدود وبنك المشرق. وبالنسبة للبنوك الاجنبية فهي "ستاندر تشارترد" و"البريطاني" و"كريندليز" و"يونايتد بنك" و"صادرات ايران" و"باريبا". وفي هذا الاطار تبدو اهمية السياسة المتبعة في قطر بالنسبة لسعر صرف الريال القطري اذ "ظلت قيمة الريال القطري مرتبطة بالدولار الاميركي وثابتة 645.3 ريال للدولار. وبموجب هذه السياسة تم تحديد سعر صرف الريال القطري تجاه العملات الاخرى باعتبار ان الدولار الاميركي يمثل العملة الوسيطة التي على اساسها تتم عملية الاحتساب". وقالت النشرة الاحصائية الفصلية التي اصدرها "مصرف قطر المركزي" في كانون الاول ديسمبر الماضي ان الاقتصاد القطري شهد تطورات اقتصادية عدة خلال عام 1997 على رغم الاوضاع الاقتصادية العالمية وخصوصاً السوق العالمية للنفط. وعلى صعيد اجمالي الناتج المحلي حقق الاقتصاد القطري معدل نمو منخفض بلغ 5.1 في المئة عام 1997 مقارنة بمعدل نمو بلغ 3.11 في المئة عام 1996. وجاء هذا النمو المتواضع نتيجة انخفاض قيمة ناتج القطاع النفطي بنسبة 2.0 في المئة والذي تمثل اهميته النسبية نحو 8 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. ولكن زاد عرض النقد الذي يتكون من نقد لدى الجمهور وودائع تحت الطلب ليبلغ 2.413 مليون ريال قطري بمعدل نمو 3.6 في المئة في نهاية عام 1997 مقارنة ب 8.3884 مليون ريال ومعدل نمو بلغ 4.4 في المئة في نهاية عام 1996. وقالت دراسة لمصرف قطر المركزي ان الربع الاخير من عام 1998 شهد قفزة قوية في اجمالي موجودات مطلوبات المصرف المركزي فارتفعت من نحو 4 بلايين ريال في نهاية الربع الثالث الى نحو 8.5 بليون بزيادة تفوق نسبتها 6.44 في المئة، كما زادت ارصدة المصرف المركزي بالعملات الاجنبية لدى المصارف المحلية لتبلغ قيمتها 5.1 بليون ريال. كما حقق النقد المتداول خلال الربع الاخير نمواً بلغت نسبته 9.2 في المئة مقارنة بمثيله الخاص بالربع الثالث ليبلغ نحو 7.1 بليون ريال في نهاية كانون الاول 1998. وعلى صعيد دور المصارف في العملية الاقتصادية تمكن الاشارة الى دور "بنك قطر الوطني". وقال مصدر مسؤول في البنك ل"الحياة" ان المصرف الذي بلغت ارباحه نصف السنوية لعام 1999، 7.227 مليون ريال قام بدور المنظم الرئيسي لقرض بمبلغ 400 مليون دولار لتمويل مشروع للغاز في مدينة مسيعيد، كما يقوم بدور المنظم الرئيسي لتمويل بناء مجمع "شركة قطر للكيماويات" بمبلغ 750 مليون دولار كمشروع مشترك بين "المؤسسة العامة القطرية للبترول" وشركة "فيليبس بتروليوم" الاميركية. وبلغت الموجودات من العملة القطرية ريال في البنوك التجارية حتى نهاية ايار مايو الماضي 1.43 بليون ريال 8.11 بليون دولار وفقاً لاحصاءات مصرف قطر المركزي. اما ودائع العملاء في الفترة نفسها فبلغت 09.26 بليون ريال قطري. وبدا واضحاً ان المصارف القطرية تعطي اولوية لمتطلبات سنة 2000، وقال ل"الحياة" السيد عبدالله الانصاري مدير العلاقات العامة في "بنك قطر الوطني" وهو الاكبر حجماً، ان المصرف قام بتجهيز انظمته المستخدمة كافة لمطابقة متطلبات سنة 2000 كما تم وضع خطة طوارئ للالفية الثالثة للتأكد من جاهزية البنك لمواجهة كافة الاحتمالات. ولفت الى انه تم اعتماد اجراءات البنك الخاصة بمتطلبات القرن الجديد من قبل احدى شركات التدقيق والاستثمارات العالمية المتميزة.