يقدم إسلاميون مصريون خلال أيام طلباً للحصول على ترخيص بمزاولة نشاط سياسي تحت لافتة "حزب الشريعة". وبين المؤسسين أشخاص محسوبون على "تيارات جهادية" في مقدمهم الامين العام المساعد ل"رابطة المحامين الاسلاميين" ممدوح اسماعيل الذي اتهم من قبل في قضية اغتيال الرئيس أنور السادات. بدأ إسلاميون مصريون بينهم محسوبون على تنظيمات دينية راديكالية إجراءات لتأسيس حزب سياسي، وفقاً لمواد قانون الأحزاب المعمول به في مصر، في خطوة لا سابق لها. وحمل الحزب الجديد اسم "حزب الشريعة". وضمت لائحة المؤسسين فيه اسماء عدد من الاشخاص اتهموا في سنوات سابقة بممارسة نشاطات تنظيمية ضمن تنظيم "الجهاد" على رأسهم وكيل المؤسسين المحامي ممدوح اسماعيل الذي يشغل حالياً منصب الامين العام المساعد "لرابطة المحامين الاسلاميين" التي تتولى الدفاع عن المتهمين في قضايا العنف الديني. ووصف مراقبون الإجراء بأنه "أهم تحول في نشاط الإسلاميين منذ إقدام القادة التاريخيين لتنظيم "الجماعة الإسلامية" الذين يقضون عقوبة السجن في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات على اطلاق مبادرة سلمية في تموز يوليو العام 1997 اثمرت قراراً أصدره التنظيم في آذار مارس الماضي بوقف شامل للعمليات المسلحة داخل مصر وخارجها". وأكد اسماعيل ل"الحياة" ان "خبراء سياسيين ومحامين وباحثين يعكفون حالياً على صياغة برنامج الحزب، بينهم مدير مركز أبحاث يافا الدكتور رفعت سيد أحمد تمهيداً لتقديم البرنامج مرفقاً بالمستندات والأوراق اللازمة الى لجنة شؤون الأحزاب للحصول على ترخيص بمزاولة نشاط سياسي"، مشيراً الى أن اسم الحزب "الشريعة" "يعكس رغبة الشعب المصري في تطبيق الشريعة الإسلامية بصورة شاملة وغير منقوصة". ومعروف أن الجماعات الدينية الراديكالية ترفض من حيث المبدأ التعاطي مع النظام الحزبي. ونشر فقهاء لتنظيمي "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد" دراسات وأبحاثاً عدة برروا فيها وجهة النظر في هذا الشأن. لكن اسماعيل أكد أنه لم يفاتح أحداً من قادة التنظيمين في مسألة تأسيس الحزب. وقال: "نحن نتحمل مسؤولية مشروعنا، وفي الوقت نفسه فإن المشروع مفتوح أمام الجميع سواء هؤلاء الذين ما زالوا يرفضون مبدأ العمل الحزبي أو من لم يحددوا بعد الطريقة التي يرغبون عبرها التعامل مع المجتمع". وشدد على أن المؤسسين "لم يلجأوا كغيرهم الى ركوب موجة الجماعات الراديكالية لتحقيق صدى إعلامي، وحرصوا على ألا يربطوا أنفسهم بجهات أخرى لا علاقة لها بمشروع الحزب". ويحظر قانون الأحزاب المصري تأسيس أحزاب على أسس دينية، لكن اسماعيل الذي سبق وأن اتهم في قضية اغتيال الرئيس أنور السادات، وقضى في السجن ثلاث سنوات قبل أن يحصل على البراءة، أكد أن هدف المؤسسين "تحقيق الشريعة الإسلامية من خلال العمل السياسي السلمي". وأضاف: "لا شك أن غالبية الحركات الاسلامية سواء الراديكالية منها أو التي لا تستخدم العنف تهدف الى تطبيق الشريعة. ومشروعنا ليس خصماً من رصيد الجماعات الدينية وإنما نسعى الى التحرك في ظروف مغايرة في ظل غياب عدد من رموز الجماعات سواء من هم في الخارج أو داخل السجون، كما أننا لسنا خصماً من المشروعات والاجتهادات الأخرى، بل إضافة لها. ونحن نقدم شكلاً مغايراً للاسلاميين الذين حاولوا سابقاً تأسيس أحزاب، ونرفض مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. ونختلف عن من طرحوا فكرة تأسيس حزب إسلامي بالتوفيق بين المرجعية الاسلامية والفكر الغربي أملاً في الحصول على مشروع لحزبهم. فمشروعنا يعتمد على الوضوح بدءاً من اسم الحزب ومروراً بالتعاطي مع الأفكار الواردة في برنامجه وانتهاء بالأهداف التي نسعى الى تحقيقها. ولن نخفي أننا نسعى الى أسلمة المجتمع المصري بكل عناصره ومظاهره. والمؤسسون جميعاً على يقين بأن الهوية الاسلامية هي التي تغلف المجتمع المصري منذ أمد بعيد وأن العودة إليها مرة أخرى سيكون فيها المخرج من الأزمات التي يمر بها المجتمع". ولفت الى أن السادات خضع لضغوط شعبية وطرح على الشعب استفتاء لتعديل المادة الثانية من الدستور والنص فيها على أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع بدل النص الذي كان يقول إن الشريعة الاسلامية مصدر رئيسي للتشريع". ونفى اسماعيل أن يكون أي من المؤسسين له علاقات تنظيمية حالياً بالجماعات الدينية الراديكالية، لكنه أضاف "نحن مجموعة من ابناء الحركة الاسلامية الذين خاضوا تجربة تفاعل الحركة وصدامها مع النظام في 1981. كما عشنا وقائع الصدام العنيف بين الدولة وإخواننا في الجماعات الاسلامية، خلال السنوات الماضية، ولاحظنا النتائج السيئة التي افضى إليها الصراع على الطرفين. فاجتمعنا على إعادة ترتيب الأوراق من حيث الأولويات ومن حيث النظر الى الواقع والمخاطر التي تحيط بالمسلمين. وربما كان اتهام بعضنا بالعمل التنظيمي في سنوات سابقة يجعلنا أكثر الناس قرباً من هؤلاء المقيمين في الخارج أو المغيبين في السجون. ولذلك فإن برنامجنا يضع قضية القدس في المرتبة التالية مباشرة لقضية تطبيق الشريعة إضافة الى قضايا وأفكار أخرى أجمع عليها الاسلاميون بكل تياراتهم".