يكاد لا يمر شهر من دون أن تعلن السلطات المصرية عن تورط أحد المحامين الإسلاميين في أنشطة غير قانونية تتعلق غالباً بمخططات "الجماعات الإسلامية"، وفي السجن حالياً محامٍ بارز هو بدري مخلوف يقضي عقوبة السجن المؤبد بعد إدانته العام 1994 من محكمة عسكرية بالتورط في قضية "ضرب السياحة"، وينتظر أربعة محامين إسلاميين بارزين الحكم في قضية أخرى نظرت أمام دائرة عسكرية أخرى تتعلق بمخطط للجماعة الإسلامية لاغتيال عدد من الشخصيات العامة، بينهم المستشار السياسي للرئيس أسامة الباز ورئيس ديوان رئيس الجمهورية زكريا عزمي ووزير التعليم العالي مفيد شهاب، والأربعة هم: الشاذلي عبيد الصغير ومصطفى سيد ورضوان التوني وخلف عبدالرؤوف، والأول ذكرت أوراق القضية أنه قام برصد تحركات بعض المسؤولين بهدف اغتيالهم كما أن كلاً من سيد والتوني اتهما من قبل في قضية ضرب السياحة لكنهما برئا. وفي السجون المصرية هناك نحو 50 محامياً رهن الاعتقال بقرارات إدارية "بسبب خطورتهم على الأمن" وفقاً لما أعلنته السلطات، وقبل أيام أعلن المحامي الشهير منتصر الزيات اعتزاله العمل العام والتوقف عن الدفاع عن المتهمين في قضايا العنف الديني. وأحدث قرار الزيات ردود فعل واسعة النطاق سواء بين أعضاء الجماعات الإسلامية الموجودين في السجون أو قادتهم المقيمين خارج البلاد. والزيات الذي اتهم من قبل في قضايا عدة تتعلق بنشاط الجماعات الدينية ظل خلال السنوات الخمس الماضية في مقدم من يتبنون مبادرات أطلقت لوقف العنف، وحينما فشل في تحقيق الوئام بين الجماعات والحكومة من خلال المبادرة التي أطلقها قادة الجماعات الإسلامية الذين يقضون عقوبة السجن في قضية إغتيال الرئيس الراحل انور السادات أعلن الاعتزال واشترط كي يعود عن قراره أن يحل قادة "الجماعة" خلافاتهم وأن يصدروا قراراً بوقف شامل للعنف يكون ملزماً لجميع عناصر التنظيم. وأياً كان المغزى من قرار الزيات وأياً كانت الاتهامات التي توجه إلى المحامين الإسلاميين بأنهم يروجون لأفكار الجماعات المتطرفة أو ينقلون التكليفات ما بين عناصرها، أو يستغلون مهنتهم في تسلم الاموال المرسلة من الخارج وتوزيعها على عناصر الأجنحة العسكرية لتدبير نفقات العمليات الإرهابية، فإن اللافت أنهم كونوا جماعة تحمل اسماً خاصاً لهم هو "المحامون الإسلاميون" قبل أن تتفجر حوادث العنف ويشتد الصراع بين الجماعات والحكومة في ربيع العام 1992. فالجماعة تكونت في الثمانينات، والغريب أنها أنشئت لمواجهة نفوذ المحامين المنتمين الى جماعة الإخوان المسلمين الذين سيطروا لفترة طويلة على مقدرات الأمور في نقابة المحامين، بل إن الطرفين دخلا في صراع وواجها بعضهما بعضاً في الانتخابات النقابية التي جرت العام 1992. وعمد محامو الإخوان إلى إسقاط مرشحي جماعة المحامين الإسلاميين وهو ما تحقق. ووفقاً لمصادر جماعة المحامين الإسلاميين فإن عدداً منهم ممن كانوا ينتمون في فترة سابقة إلى تنظيمات دينية غير مشروعة وعلى رأسها "الجماعة الإسلامية" وتنظيم "الجهاد" اتفقوا على ضرورة ممارسة العمل العام بعيداً عن العمل التنظيمي. كان هؤلاء في البداية يعملون ضمن "لجنة الشريعة الإسلامية" التابعة لنقابة المحامين، لكنهم شعروا أن مقرر اللجنة الذي كان ينتمي إلى "الإخوان" يعرقل نشاطهم ويرفض الموافقة على ما يقترحونه من أنشطة من خلال اللجنة. ضمت نواة جماعة المحامين الإسلاميين ستة محامين هم: منتصر الزيات، وسعد حسب الله، وقمر موسى، وثروت صلاح، شحاتة، وعادل عبدالمجيد، ويوسف صقر، وتسببت التناقضات بينهم وبين لجنة الشريعة الإسلامية ذات الولاء للإخوان في انضمام آخرين ممن كانت أفكارهم تقترب من أفكار "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد" إليهم. وكان العام 1987 موعداً لإعلان قيام "الجماعة". ففي ذلك العام وقعت حادثة محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء حسن أبو باشا، وفي شهر آيار مايو ألقت السلطات القبض على خمسة محامين هم: منتصر الزيات، ويوسف صقر، ومحمود رياض، ومحمود عبدالشافي، وثروت صلاح شحاتة، وكانوا يحسبون على الجماعات المتطرفة. الغريب ان المحامين المنتمين الى الاخوان ممن كانوا اعضاء في مجلس النقابة لم يصدر عنهم ردود فعل تساوي الحدث وربما كان العداء بينهم وبين المحامين المحسوبين على "الجماعة الإسلامية" و"الجهاد" سبباً في تجاهلهم الأمر. وفي المقابل كان لأصحاب الإتجاه القومي من الناصريين واليساريين، إضافة إلى أصحاب الاتجاه اللليبرالي من الوفديين علاوة على نقيب المحامين في ذلك الوقت احمد الخواجة موقف حازم تجاه القبض على المحامين الخمسة، حين قاد هؤلاء حركة احتجاج قوية من خلال النقابة وأعلنوا عن تنظيم اعتصام داخل مقر النقابة. وإزاء ذلك أطلقت السلطات المحامين الخمسة الذين أعلنوا بعد ايام عن تشكيل "جماعة المحامين الإسلامية" لتكون واجهة لنشاطهم. وساروا في إجراءات قانونية لإشهارها وساعدهم قانون المحاماة على تفادي الخوض في إجراءات قد تمكن الحكومة من رفض إشهار الجماعة إذا قاموا بإشهارها باعتبارها إحدى الجماعات التابعة لنقابة المحامين وليس وزارة الشؤون الاجتماعية. وفي مقر نقابة المحامين تجمع عشرات من المحامين الإسلاميين في منتصف العام 1987 ليعنلوا تشكيل "جماعة المحامين الإسلامية" واتفقوا على وثيقة تتضمن اهداف الجماعة ونشاطها واساليب تحقيق تلك الاهداف وتنفيذ تلك الانشطة. تضمنت الوثيقة أهداف "الجماعة" وهي "الدفاع عن المعتقلين والسجناء في القضايا السياسية عموماً والمتعلقة بالإسلاميين خصوصاً. وعقد الندوات لنشر الوعي الديني والفكر القانوني الإسلامي والحديث إلى وسائل الإعلام للتصدي للشبهات التي تثار ضد الإسلاميين. ومساعدة أسر المعتقلين اجتماعياً وتذليل العقبات التي تعترضهم". وحددت الوثيقة الأساليب والآليات في "التنسيق مع لجنة الحريات التابعة لنقابة المحامين وكذلك النقابات المهنية الأخرى والتعامل مع الاحزاب السياسية القائمة والتحرر من النظرة الحزبية الطبقية والتركيز على النظرة الوطنية الشاملة". أما الهيكل التنظيمي للجماعة فكان يتكون من الجمعية العمومية التي تضم كل الأعضاء بمن فيهم المؤسسون، وبشرط ان يكون من بين الاعضاء المؤسسين. وقضى في المهنة اكثر من عشر سنوات وهما الشرطان اللذان يجب ان يتوافرا في الأمين العام الذي يمثل الجماعة، أمام الهيئات والمؤسسات الأخرى. ويؤكد أحد أعضاء المؤسسين في اللجنة أن خمسة من المؤسسين التقوا عقب إشهارها مع القيادي البارز في "الجماعة الإسلامية" رفاعي أحمد طه الذي كان موجوداً في مصر آنذاك قبل ان يغادرها إلى أفغانستان، واصبح في وقت لاحق الأمير الفعلي للتنظيم. وخلال اللقاء طلب طه منهم أن تتبنى الجماعة التيار الجهادي في مواجهة تيار الإخوان داخل نقابة المحامين. وبعد أول اجتماع تشكل أول مجلس للجماعة من المحامين منتصر الزيات، ومحمود عبدالشافي، وسعد حسب الله، وابراهيم علام. والأخير محكوم غيابيا بالسجن لمدة خمس سنوات بعد إدانته من محكمة أمن الدولة في قضية محاولة اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور رفعت المحجوب، وكان غادر مصر عقب قوع العملية ولجأ إلى المانيا وقدم طلباً للحصول على حق اللجوء السياسي وتم الموافقة على طلبه قبل نحو ثلاث سنوات. ويبدو أن قلة عدد القضايا التي أتهم فيها أعضاء في الجماعات الدينية الراديكالية خلال فترة الثمانينات أتاح للجماعة التفرغ لممارسة انشطة سياسية وخصوصاً من خلال نقابة المحامين. وعلى رغم ان العلاقات مع رموز الإخوان في النقابة كانت دائما متوترة لجأت اللجنة الى النقيب الخواجة ليسهل لها مسألة تنظيم مؤتمرات باسمها داخل النقابة. ولأن الخواجة كان من أبرز دعاة الحرية ويرفض الحجر على الرأي كان يستجيب للطلبات التي تقدم له حتى وإن كان هو شخصيا يعارض ما يطرح في تلك المؤتمرات من آراء. ولأن العلاقات كانت قديمة ووطيدة بين اعضاء لجنة المحامين الإسلاميين وبين الجماعات الإسلامية الراديكالية فإن أول مؤتمر تنظمه اللجنة داخل نقابة المحامين، كان في مقدم الحضور فيه زعيم الجماعة الإسلامية عمر عبدالرحمن والناطق بلسان التنظيم الدكتور علاء محيي الدين قتل العام 1990 في شارع الهرم بالجيزة والشيخ حافظ سلامة الذي تقترب افكاره من افكار الجماعات الراديكالية اضافة الى عضو مجلس الشعب عن التيار الإسلامي الشيخ صلاح ابو اسماعيل. وقبل مرور اشهر قليلة كان المؤتمر الثاني في المكان نفسه غاب عنه عبدالرحمن لظروف صحية وحضره الشيخ صلاح ابو اسماعيل وشهد خلافا بينه وبين رموز الجماعة الإسلامية ممن حضروا المؤتمر وغالبيتهم الآن إما داخل السجون أو خارج مصر. أعلن اسماعيل خلال المؤتمر أنه حصل على موافقة عبدالرحمن على أن تغير الجماعة الإسلامية من استراتيجيتها وتقبل المشاركة في النظام الديموقراطي من خلال العمل الحزبي لكن صفوت عبدالغني يقضي عقوبة السجن حالياً في قضية اغتيال المحجوب، اعترض على كلام اسماعيل علناً، وأكد ان ما يقوله غير صحيح ونفى ان يكون عبدالرحمن وافق على تحويل الجماعات الاسلامية إلى حزب سياسي. واحتج الشيخ إسماعيل وانسحب من المؤتمر لكن قيادياً بارزاً آخر في الجماعات الاسلامية هو اسامة رشدي المسؤول الإعلامي حالياً في الجماعة ومقيم في هولندا امسك بالميكروفون واعتذر لإسماعيل وأكد في كلمة قصيرة إحترام الجماعة له. وقبل أن تنتهي الثمانينات أحالت السلطات قضية الرقم 401 على محكمة أمن الدولة تحت اسم محاولة إحياء تنظيم "الجهاد" وكان بين المتهمين فيها عدد من المحامين وفي الوقت نفسه دشنت "جماعة المحامين الاسلاميين" نشاطها القضائي من خلال القضية وبدأت تطرح اسئلة في الأوساط المصرية حول الوسائل التي تستخدمها اللجنة للانفاق على نشاطها خصوصاً أن المتهمين في قضايا العنف الديني يكونون غالباً من أوساط اجتماعية فقيرة ويعجز غالبيتهم عن دفع أتعاب المحامين. ويكشف أحد أعضاء اللجنة أن الأنشطة التي مارستها اللجنة في السنوات الأولى من خلال نقابة المحامين كانت تمول من أموال النقابة وأن المطبوعات التي كانت اللجنة تتولى طبعها كانت تحسب نفقاتها ضمن موازنة النقابة. أما الأنشطة الأخرى ومن بينها مصاريف النقابة وأتعاب المحامين فكان لها أسلوب آخر للتمويل حين تم الاتفاق بين اللجنة وبين قادة الجماعات الإسلامية بمختلف مسمياتها على أن يتبرع كل شخص يتم اعتقاله بمبلغ عشرين جنيها شهرياً سواء كان متهما في قضية بعينها أم كان إعتقاله بقرار إداري ويتم تجميع الحصيلة وتسليمها إلى اللجنة. ولا يخفى ذلك العضو أن المبالغ كانت كبيرة جداً، ويشير إلى أن عدد المعتقلين حتى في نهاية الثمانينات كان لا يقل عن ثلاثة آلاف. وبمرور السنوات زاد العدد وبالتالي زادت الأموال التي تحصل عليها اللجنة ويتم تقسيمها على المحامين الاسلاميين الذين يتولون الدفاع عن قضايا العنف الديني، كما يتم استقطاع أجزاء منها لدفع أتعاب محامين بارزين من غيرالإسلاميين يتم الاستعانة بهم أمام المحاكم في بعض القضايا. غير أن الانقسامات والخلافات بين الجماعات الدينية انعكست على العلاقات بين أعضاء اللجنة. وتكشف مصادر من داخل الجماعة أن الجماعات الإسلامية حاولت بسط هيمنتها على نشاط الجماعة وكان ذلك في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة الخلافات بين التنظيم وبين جماعة "الجهاد" ودخول أقطاب التنظيمين في معارك كلامية وصلت إلى حد تبادل الاتهامات عبر وسائل الإعلام. وتشير المعلومات إلى أن مشاجرة وقعت بين المحامي منتصر الزيات من جهة وبين الناطق بلسان الجماعات الإسلامية الدكتور علاء محيي الدين قبل أيام من مقتل الأخير، حينما اعترض الزيات على محاولات "الجماعة الاسلامية" بسط سيطرتها على "جماعة المحامين" وأكد الزيات على أن "الجماعة". نشأت من أجل خدمة اعضاء الجماعات الإسلامية بمختلف مسمياتها ولتعبر عن التيار الجهادي كله وأن الجماعة الاسلامية على رغم كونها صاحبة العدد الأكبر من الاعضاء بالمقارنة مع التنظيمات الأخرى إلا أن ذلك لا يعطيها الحق في التدخل في عمل اللجنة. ويبدو أن ذلك التوجه لم يرض مسؤولي الجماعة الإسلامية فبدأوا في مرحلة لاحقة عقد اتفاقات بشكل فردي مع محامين آخرين سواء من داخل اعضاء لجنة المحامين الإسلامية أو من خارجها للترافع في قضايا متهم فيها اعضاء في التنظيم. وبمرور الوقت فقدت اللجنة فاعليتها وتم تجميد نشاطها وربما كان تفجر الصراع بين الحكومة والإسلاميين منذ ربيع العام 1992 سبباً في ذلك بعد انشغال المحامين في الجري وراء المعتقلين والمتهمين في قضايا العنف الديني وتشتتهم ما بين مخافر الشرطة ومقار النيابات وقاعات المحاكم. إلا أن الملاحظ أنهم كانوا يتحركون كأنهم وحدة واحدة ويترافعون في القضايا وكأنهم اعضاء في فريق واحد على رغم أن الجماعة التي كانت تضمهم تم تجميدها. لكن واقعة القبض على المحامي الزيات العام 1994 أعاد للجنة نشاطها فعادت لتصدر البيانات وتكون في مقدم الجهات التي تبنت قضية الزيات وبذلت جهودا لإطلاقه. لكن الاداء ظل حتى اليوم ضعيفاً وصارت العلاقة بين كل محام من اعضاء الجماعة وبين موكليه مباشرة ومن دون ان تمر عبر الجماعة. الادعاء لا يحتاج الامر الى كثير من الأمثلة للدلالة على وجهة نظر الحكومة في المحامين الإسلاميين ويكفي أن نذكر المحامي منتصر الزيات كنموذج لواحد من هؤلاء. فالزيات اتهم في قضية اغتيال السادات لكنه حصل على البراءة، كما اتهم مع الشيخ عمر عبدالرحمن العام 1986 في قضية تتعلق بمقاومة السلطات في محافظة اسوان، واعتقل عقب محاولة اغتيال حسن ابو باشا في آيار مايو العام 1987 ثم اتهم في آيار مايو 1994مع 45 محامياً آخرين بينهم تسعة من اعضاء النقابة بتنظيم مسيرة للاحتجاج على وفاة المحامي عبدالحارث مدني بعد يوم من قبض السلطات عليه بتهمة العمل مع تنظيم الجماعة الإسلامية. واطلقت السلطات الجميع بعد نحو 40 يوماً من تاريخ الاعتقال ما عدا الزيات الذي أحيل على نيابة أمن الدولة متهماً بإجراء اتصالات مع قادة الجماعات الموجودين في الخارج. واطلق الزيات بعد نحو 7 شهور قضاها وهو في الحبس الاحتياطي. وفي آذار مارس من العام الماضي اتهمته السلطات بتلقي مساعدات مالية من سيدة جزائرية معالي الفلكي لتسليمها إلى متطرفين وخضع للتحقيقات مع محامين آخرين هما سعد حسب الله ومحمود عبدالشافي لكن النيابة اطلقتهم. لا يتوقف عند الزيات وحده، فمكتبه يعد أكثر الأماكن التي تخرج منها عدد كبير ممن تعتبرهم الحكومة إرهابيين، ومن بين هؤلاء اثنان من زملاء الزيات محكوم عليهما غيابياً بالإعدام الأول يدعى صلاح شحاتة الذي دين في قضية محاولة اغتيال رئيس الوزراء السابق الدكتور عاطف صدقي، والثاني عادل عبدالمجيد عبدالباري المقيم في لندن وأدين في قضية خان الخليلي. "هناك ايضا المحاميان حسين جابر وابراهيم نصر الدين عملا في مكتب الزيات، وألقت السلطات القبض عليهما في العام 1994 بتهمة إجراء اتصالات مع إرهابيين مقيمين في الخارج. وأخيراً هناك المحامي محمد نصر الذي تخرج من مدرسة الزيات وألقت السلطات القبض عليه وأحالته على محكمة عسكرية في قضية خان الخليلي ويقضي حالياً عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 15 سنة. وبتكرار تلك القضايا المتهم فيها محامون، وفي الغالب تكون الاتهامات واحدة، ويعدّ الصدام الذي وقع العام 1994 بين المحامين الاسلاميين والحكومة حينما حاول المحامون الخروج في مسيرة من مقر النقابة الى قصر عابدين للاحتجاج على وفاة المحامي عبدالحارث مدني أثناء اعتقاله محطة مهمة في سلسلة الصدامات المستمرة بين الطرفين. الدفاع ليس غريباً أن ينفي أعضاء لجنة المحامين الإسلاميين أن يكون أياً منهم على علاقة بأعمال العنف التي تمارسها الجماعات الدينية الراديكالية لكن الغريب أنهم تضاربوا في شأن ما إذا كان لهم علاقة بالجماعات نفسها أم لا؟. فالمحامي سعد حسب الله وهو واحد من مؤسسي الجماعة، يؤكد "ليس لنا علاقة بالجماعات ونحن ندافع عن القضايا باختلاف انواعها وليس شرطاً ان يكون المحامي الإسلامي ممن ينضمون الى لجنة المحامين الإسلاميين عضواً في جماعة دينية أو سبق أن كان عضواً في اي منها" ويدلل حسب الله على كلامه بالقول: "غالبية الذين اعتقلوا من المحامين الإسلاميين خرجوا من دون ان يحالوا على المحكمة، والمعتقلون منهم حاليا موقوفون بقرارات إدارية وليس بحكم محكمة والهدف من الحملة على المحامين الإسلاميين هو تعطيل مصالح المحامين وإبعادهم عن الحضور في قضايا العنف الديني حتى تتمكن أجهزة الأمن من انتزاع الاعترافات من المتهمين من دون ان يتمكنوا من الاستعانة بمحامين يمكنهم تحريك الدعاوى الجنائية في قضايا التعذيب"، ويخلص حسب الله الى ان "المحامين الإسلاميين مستائين، من وجهة نظر الحكومة وأن المطلوب إيقافهم عند حدهم". ويسخر حسب الله من اتهام المحامين الإسلاميين بأنهم ينقلون التكليفات ما بين عناصر الجماعات. ويعتبر أن الاتهام لإرضاء موضة قديمة، ويتساءل لماذا يضيّع المحامي نفسه وهو يعلم ان اللقاءات مع الموقوفين تتم تحت الرقابة. ويوضح، غالبية السجون مغلقة ولا تتم فيها زيارات حتى السجون المسموح فيها بالزيارات فإنها تتم عبر الاسلاك وتحت أعين رجال الأمن". وحول اتهام المحامين بأنهم يتلقون أموالاً من الخارج للإنفاق على العمليات الإرهابية، يرد حسب الله "لم يثبت أبداً في أي قضية أن دين محام بتلقي اموال من الخارج. واتعاب المحامين الاسلاميين. تكون عادة رمزية، وهناك نظام للتكافل الإجتماعي بين الاسلاميين ومن يستطيع يدفع ومن لا يستطيع نحن نترافع عنه بالمجان". لكن المحامي ممدوح اسماعيل له رأي آخر، اذ يقول إن جماعة المحامين الإسلاميين نبتت من الجماعات التي كانت موجودة على الساحة في النصف الثاني من الثمانينات باستثناء الإخوان المسلمين، لكنه يستطرد "الجماعة لا تدافع عن تنظيم معين ويتفق اعضاؤها مع المبادئ والأدبيات التي تقوم عليها تنظيمات بعينها"، ويضيف "هناك اهداف متفق عليها بين كل الاسلاميين سواء في الجماعات أو من المحامين الإسلاميين مثل تطبيق الشريعة الإسلامية لكن الطرح الفكري والسبيل لتحقيق ذلك امر مختلف عليه في الجماعات الراديكالية"، وشدد "نحن نرفض العنف تماما ومبادرة وقف العنف التي أطلقت العام الماضي ويتبناها منتصر الزيات كانت نابعة من المحامين الإسلاميين الذين لعبوا دائما أدواراً في أي جهد يبذل لنزع فتيل العنف من المجتمع".