} بعد نحو أربعة أشهر من إثارة القضية، رفع المجلس النيابي في جلسته التشريعية العامة امس، الحصانة عن النائب حبيب حكيم، استجابة لطلب النيابة العامة التمييزية المقدم اليه بواسطة وزير العدل جوزف شاول، في ملف محرقة برج حمود. وتمّ التصويت في غياب حكيم الذي اعتذر عن عدم الحضور لدواعٍ صحية. وتفاوتت مداخلات النواب بين مؤيد لطلب رفع الحصانة تسهيلاً لعمل القضاء، ومتخوّف من ان يكون القرار سياسياً لا جزئياً، الأمر الذي دفع باثني عشر نائباً إلى الامتناع عن التصويت. وشكّل قانون الانتخاب محوراً أساسياً في كلمات النواب. ترأس الجلسة رئيس المجلس نبيه بري، وتمثلت الحكومة برئيسها سليم الحص والوزراء. واستهلت بالوقوف دقيقة صمت عن روح النائب خاتشيك بابكيان والنائب السابق بيار فرعون. ثم تلي كتاب وزير الداخلية ميشال المر المتعلق بفوز المرشح الوحيد عن مقعد الأرمن الارثوذكس في دائرة بيروت أندريه طابوريان بالتزكية خلفاً لبابكيان. وكان طابوريان حاضراً فرحّب بري "بالزميل الجديد الذي عاد الى المجلس بعد 28 عاماً". وخاطب النواب ممازحاً "العقبى لكم". وفي الأوراق الواردة، تحدث النائب نسيب لحود، فقال "لو كانت الآلية المتبعة لانضاج مشروع قانون الانتخابات تتمتع بالحد الادنى من الشفافية والمشاركة والصدقية لكان في إمكاننا الانتظار ان يصبح بين أيدينا قبل مناقشته، لكن الامر ليس على هذا النحو". واضاف "اننا لا نرى سوى بورصة ملتبسة من التسريبات وبالونات الاختبار المغفلة التي لا تحمل أي توقيع، تلقى في وسائل الاعلام وحتى في الصالونات، وتناقش من دون مساءلة ولا محاسبة". ورأى "ان هذا الاسلوب المستتر في طبخ القوانين سيطيح جوهر الشعارات المعلنة". وسأل "أي معيار موضوعي وأي مساواة يقضيان بعملية التقسيمات الانتخابية؟ فالدوائر في بيروت تكاد تتحوّل أرخبيلاً من الجزر لا يربطها معيار واضح وموضوعي. وأي منافسة ترجى من تقسيمها ثلاث دوائر، كل منها مرسومة لوجه من الوجوه الثلاثة الأبرز فيها. ونحن حرصاء على اعطاء الحكومة فرصة لتصحيح الاعوجاج في الآلية". وتابع "عندما تتضح المعايير ومدى انطباقها على التقسيمات ينتفي الاتهام بالتحيز المسبق وبتشويه الانتخابات قبل حصولها وهذا هو هاجسنا الكبير والتحدي الاكبر لاعادة الثقة بلبنان وبنظامه السياسي". وسأل النائب سامي الخطيب عن سلسلة الرتب والرواتب للمتقاعدين العسكريين التي أقرّت قبل سنة. وصادق المجلس، بناء على اقتراح النائب علي الخليل على توصية اللجان المشتركة في شأن التسوية السلمية. وتمنّى النائب بطرس حرب على الحكومة ان تنطلق في موضوع قانون الانتخاب من المعايير التي وضعها الرئيس أميل لحود، خصوصاً المساواة بين المواطنين، داعياً اياها الى تلبية ما طرح من شعارات من أجل التمثيل الصحيح واعادة طرح خفض سن الانتخاب الى 18 عاماً على الهيئة العامة. وقال "من غير الجائز ان نصوّر الانسحاب الاسرائىلي كأنه هاجس للبنان، فهو انتصار لنا وللعرب، وسيعمد لبنان الى ملء أي فراغ في حال الانسحاب". وحين أثار النائب طلال المرعبي موضوع التقسيمات الانتخابية، خاطب بري النواب بالقول "وفّروا على أنفسكم هذا الموضوع واعتبروا انه سيصل الى المجلس بعد اسبوع". واستعجل النائب عمر مسقاوي وضع مشروع قانون الانتخاب، في حين تمنّى النائبان زاهر الخطيب وبهاء الدين عيتاني على الحكومة معالجة القضايا المطلبية الملحة . وسأل النائب ابراهيم بيان لماذا لا تلبى حقوق الناس الا بالاضرابات؟. ودعا النائب بشارة مرهج الحكومة الى التزام وثيقة الوفاق واعتماد المحافظة دائرة انتخابية لأنها أحد ضمانات العيش المشترك". وقال "ان بيروت، في غالبية أهلها الساحقة، تتمسك بوحدتها دائرة واحدة". وأثار النائبان عبداللطيف الزين وعمّار الموسوي الاعتداءات الاسرائىلية. وطالب النائب خالد ضاهر الحكومة بتقديم مشروع قانون للانتخابات "يوفر الظروف للناخبين للقيام بواجبهم من دون إكراه". ودعا النائب شوقي فاخوري الى "الشروع في شق الطريق التي تربط بيروت بالبقاع نظراً الى أهميتها". وانتقد النائب محمد عبدالحميد بيضون قرار وزير الصحة كرم كرم عدم توفير أسرّة في مستشفيات الشريط الحدودي على حساب وزارة الصحة، مطالباً وزير التربية محمد يوسف بيضون باعادة صلاحيات الجامعة اللبنانية اليها". ورأى النائب جميل شماس ان "ثمة حرباً ضروساً على قانون الانتخاب. فهل تنازل المجلس عن سيادته بالسماح بهذه الفوضى قبل وصول القانون اليه؟". فردّ بري "هيك بدو بطرس حرب". ولدى اعتراض النائب محمود عواد على التقسيمات الانتخابية، خاطبه بري: أي متى اطلعت على القانون؟ فأجاب عواد :أخذت الفكرة من دولتك. وعندما أثار موضوع نفق سليم سلام، عقّب بري "هناك عملْت المشكل اطلاق مرافقيه النار على باص للنقل المشترك. فأجاب عواد: "لا في المزرعة. لو عارفين هيك ما كنا تطرقنا الى الموضوع". ثم طرح بري موضوع رفع الحصانة عن النائب حكيم، فأشاد النائب حرب بطلب الأخير من النواب رفع الحصانة عنه، مؤكداً ثقته "بأن القضاء سيكون على مستوى ثقة الزميل حكيم". ولفت الى "ان الطلب لا يهدف الى حرمان النائب ممارسة دوره وعمله النيابي، فالمجلس ليس محكمة تدرس قضية حكيم، وان رفض رفع الحصانة لا يبرئه، ورفعها لا يجرّمه". وقال "يجب ان تكون القضية جزائية لا سياسية. فالرأي العام ينتظر موقفنا، وأنا مؤمن بأن حكيم بريء". ودعا الى "رفع الحصانة ووضع ثقتنا بالقضاء ليكون هو صاحب الكلمة الفصل في حفظ كرامة الناس". وقال النائب لحود ان "ثمة مسائل تحتاج الى توضيح. ولسنا متأكدين من ان هذه الملاحقة بعيدة من القضايا السياسية، لذا سأمتنع عن التصويت". ورأى النائب نجاح واكيم "ان رفع الحصانة ليس ادانة للنائب بل هو دور للمجلس الذي لن يحول دون قيام القضاء بمهامه. وليكن الموضوع نموذجاً يحتذى. وهذا ما يعزز ثقة المواطن بالدولة". وقال "اذا لم يرفع المجلس الحصانة، فان التباساً سيحصل لدى الرأي العام الذي سيعتبر انه يحمي مرتكبين". وقال النائب نقولا فتوش "لا يجوز ان تكون الملاحقة من اجل كيد سياسي"، مشيراً الى "ان الذين أعدوا التقرير عن المحرقة عادوا وقالوا انه نظم ارضاء لحبيب حكيم فمن نصدّق؟ وحتى لا يكون ثمة سابقة فاذا أخذ بالمستندات الخطية التي تراجع عنها معدو التقرير، خذوا رأس حكيم ولا تأخذوا القانون والتشريع". وتمنّت النائبة نائلة معوض المحافظة اولاً على كرامة النائب. وقالت "اذا كان لا بد من رفع الحصانة فلترفع ولكن ليس بالتشهير". وقال النائب زاهر الخطيب "لا يجوز ان نحول دون ملاحقة نائب اذا ارتكب جرماً جزائياً، ولكي نسقط أي التباس يجب الا ندخل في استنسابية الوقائع. علينا ان نترك الامر للقضاء". وقال النائب الموسوي "ان كرامة حكيم من كرامة المجلس، وان الاعلام تناول القضية كثيراً ولكن أمام جدية الملف فان رفع الحصانة مسألة طبيعية من دون ان يعني ذلك اتهام النائب حكيم وكي لا يقال ان المجلس يحمي المرتكبين". ورأى النائب كميل زيادة "ان قرار رفع الحصانة أو إبقائها هو ملك المجلس وحده". وسأل "هل يحق للنائب العام التمييزي ان يمارس صلاحية توجيه مثل هذا الطلب من دون ان يكون صادراً اصلاً عن النائب العام الاستئنافي، المرجع الصالح لتكوين الملف؟". ورأى "ان اهدار الاموال العامة الذي نسب الى حكيم لم نجد في الملف عناصر دامغة تثبته. ونظراً الى هشاشة الملف لا يمكنني الموافقة على ارسال النائب حكيم الى محكمة الجنايات وسأمتنع عن التصويت". واعتبر النائب انطوان حداد "ان المجلس ليس هيئة محكمة لندخل في هذه التفاصيل". وقال النائب شماس "نحن أمام ملف فيه نقاط مهمة ولكن ان وافقنا على رفع الحصانة، لا يعتبر ذلك اتهاماً، انما هو تسهيل لامور القضاء". وطلب بري التصويت على طلب رفع الحصانة برفع الايدي ثم بالمناداة فصدّق بالغالبية. وامتنع عن التصويت 12 نائباً هم: عبدالرحمن عبدالرحمن وعلاء الدين ترو ومروان حمادة وانطوان اندراوس وبيار دكاش وعمر مسقاوي وأيمن شقير وجورج ديب نعمة وبشارة مرهج وسليم دياب ونسيب لحود وكميل زيادة. وأثير من خارج الجدول موضوع الطعن الدستوري في قانون مجلس أمناء الطائفة الدرزية. فشطبت عبارات من بعض المواد. فأوضح بري ان مجلس الوزراء عيّن اعضاء مجلس الامناء على رغم الطعن ولكي لا يصبح الامر عرفاً أو قاعدة أعدنا طرح القانون على المجلس النيابي لأخذ العلم ليعاد نشره وفق الصيغة التي حددها المجلس الدستوري. ولدى اثارة موضوع التنصت قال النائب مروان حمادة "ان هذا الموضوع حساس ولفقدان النصاب أطالب بعدم مواصلة النقاش". فرفعت الجلسة الى العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم.