تضم محافظة اللاذقية 16 بحيرة طبيعية واصطناعية تتوسط أماكن طبيعية غاية في السحر والجمال. وتشكل الغابات الحراجية 20 في المئة من مساحة اللاذقية اضافة الى امتلاكها شريطاً ساحلياً يعتبر من اجمل وأنظف شواطئ المتوسط، مما يضمن لها كل مقومات الجذب السياحي. من هذا المنطلق، غدت عنصر جذب هام للمخرجين الذين انعتقوا من اجواء الاستديوهات وآثروا الاماكن الطبيعية والقرى الوادعة الجميلة لتصوير اعمالهم. ولفت مسلسل "الجوارح" انتباه المشاهد للأماكن المدهشة التي اختيرت بذكاء لتؤسس لما دُعِي ب"اللغة البصرية للعمل الدرامي"، على حدّ قول احد النقاد، وكرّس مسلسل "الكواسر" الفكرة نفسها بتوجيه العدسة الى منظر جميل يحاكي العين بلهجة وصورة جديدتين. جرى تصوير العملين في منطقة مشقيتا، التي تبعد عن اللاذقية 25 كم جهة الشمال على طريق البسيط - كسب، وهي تطل على نهر الكبير الشمالي عند بحيرة 16 تشرين في مناطق سولاس والصفصاف وقرة زالة التابعة لمشقيتا. وكان المخرج أنزور سعيداً بفكرة استثمار هذه الاماكن الطبيعية، التي اضافت رصيداً لأعماله. وسارع هلال الراهب، بعد استثماره المكان سياحياً، الى افتتاح فندق "السدير" من فئة النجمتين لاستقبال زوار الموقع، وهو يطل على البحيرة في منظر بديع أخّاذ. ونجحت الفكرة بتدفق السياح لا سيما الخليجيين. وأصبحت البحيرات مثار اهتمام المستثمرين في محافظة اللاذقية. وتتوقع مصادر في مديرية سياحة اللاذقية ان تكون نسبة اشغال الفندق من الكويتيين والسعوديين مرتفعة جداً على رغم كونه حديث العهد، اذ افتتح في شهر حزيران يونيو الماضي بحضور الدكتور دنحو داوود وزير السياحة. كما تتوقع المصادر نفسها ان تزيد نسبة الخليجيين الذين سيأتون لمشاهدة اماكن تصوير الدراما بحدود اثنين في المئة عن العام الفائت. وتشجع مديرية السياحة في اللاذقية استثمار مواقع تصوير الدراما لأنها "تعرّف السائح العربي بالأماكن الطبيعية الجميلة التي تمتلكها وتسلط الضوء على المواقع الأثرية في هذه الاماكن، ما يشجعنا على تنشيط جميع انواع السياحة مثل سياحة الجبل والريف والبحر والبحيرات" كما يقول المهندس منذر دياب رئيس دائرة الرقابة في المديرية. ويضيف ان المديرية تمنح جميع التسهيلات اللازمة للاستثمار السياحي وتقدم الأرض، مكان الاستثمار، مجاناً وبإمكان المستثمر استيراد 50 في المئة من تجهيزات المشروع مع اعفائه من الضرائب طوال فترة الاستثمار وفق شروط يتم الاتفاق عليها مع وزارة السياحة. لكن هناك جملة من المعوقات التي تحول دون الاستثمار الأمثل في هذه الاماكن ومنها مبدأ "حرم البحيرات والسدود" الذي يمنع اقامة مشاريع على حافة البحيرة. و"تخاطب وزارة السياحة الجهات المعنية لإنشاء نظام صرف صحي سليم في اماكن الاستثمار هذه وتطوير البنية التحتية بما يخدم المشروع" حسب قول السيد دياب. الجدير ذكره ان مواقع تصوير "هوى بحري" و"البحر أيوب" مطروحة للاستثمار في خليج ابن هانئ قرب اللاذقية، والذي يضم مدينة اوغاريت صاحبة اقدم ابجدية في التاريخ، وهناك الكثير من الأعمال التلفزيونية التي يجري تصويرها حالياً في محافظة اللاذقية لا سيما التاريخية منها. الخليجيون بين البحر والبر تترك زيارة بحيرة 16 تشرين موقع تصوير مسلسلي "الجوارح" و"الكواسر" انطباعاً جميلاً وأثراً لا يمحي في النفس على حد قول مشاري ميّاح الرشيدي وهو من الأحمدي في الكويت الذي يقول: "قضاء الاجازة هنا ممتع جداً، أمضيت ثلاثة أيام في منطقة الشاطئ الأزرق في اللاذقية، ولم أكن أتوقع ان تمتلك اللاذقية مثل هذا الجمال الطبيعي الذي ما كنت لأعرفه لولا المسلسلات السورية والبرامج المصورة، وسأعود السنة المقبلة برفقة أسرتي الى هذا المكان". ولوحظ تدفق غير مسبوق الى منطقة ابن هانئ من الخليجيين، لا سيما السعوديين والكويتيين، حيث قدم بعضهم عن طريق مجموعات سياحية. وأعجب رشيد العثيمين وهو من الرياض في السعودية، بهذا الخليج. وكان زار مدينة اوغاريت الأثرية وأعجب بحضارتها الضاربة في القدم، بيد انه لم يوفق في الوصول الى اماكن تصوير مسلسل "هوى بحري" حيث يقول "أعجبني هذا المسلسل اكثر من أي مسلسل سوري آخر وأتمنى ان يُستَثمر موقع التصوير لنتمكن من زيارته انا وأصدقائي مستقبلاً".