لم يدر بخلد إلياس عباس ومحمود شوكت المقيمين بمحافظة دومة الجندل في المملكة أن يصطادا الأسماك في بحيرة صحراء منطقة الجوف!! وتحديدا في بحيرة دومة الجندل والتي تقع في منخفض تحيط به التلال المرتفعة من جميع جوانبه على بعد نحو خمسة كيلومترات، من الناحية الشرقية لمحافظة دومة الجندل بمنطقة الجوف. افتقاد الاستثمار ووصف المقيمان السوريان إلياس عباس ومحمود شوكت في حديثهما إلى "الوطن" بحيرة دومة الجندل بالكبيرة والجميلة.. فيما أبدى عباس أسفه لافتقاد البحيرة للاستثمار السياحي والاهتمام البيئي، وقال "أحرص على صيد الأسماك من البحيرة وقنواتها، مؤكدا أن فيها العديد من الأسماك من أهمها سمك البلطي النيلي وسمك الجمبوزي". تنوع أحيائي جميل وهو ما أكدته دراسة أحيائية أجراها فريق علمي من جامعة الجوف مكون من الدكتور مشرف الرويلي والدكتور بشير جرار وحافظ حمزة وذلك على مدار عام 1430، كمشروع يتضمن بحثا حول دراسة بيئية لبحيرة دومة الجندل حيث تناولت الصفات الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية "الأحيائية" لمياه البحيرة والضغوط التي تتعرض لها. وبين الدكتور بشير أن الدراسة التي أجريت على بحيرة دومة الجندل هدفت إلى تحديد مدى التلوث الميكروبي للمياه والقنوات المغذية لها ودرجة ملوحتها، وقال "البحيرة مكان مثالي للدراسات الأحيائية والبيئية لما لها من تنوع أحيائي جميل"، وتابع "ومن خلال البحث اتضح خلو البحيرة من التلوث البكتيري والطفيلي.. واحتواء كل لتر من مياه البحيرة على ما معدله 42 جراما من الأملاح، بينما لا تزيد عن ثلاثة جرامات في مياه القنوات المائية التي تغذي البحيرة". وأشار الدكتور جرار "أن نبات قصب العوشان ينتشر بكثافة عند المصبين وعلى طول القنوات المنتشرة لتغذية البحيرة التي تكونت من فائض مياه الري الزراعي حيث يلجأ لها العديد من الطيور المهاجرة والمستوطنة خاصة دجاجة الماء وكذلك بعض الثدييات والزواحف كالثعلب والفئران البرية والجرابيع والسحالي". وتابع "كما ينتشر على ضفافها نبات الطرفا.. والفراشات والنحل حيث تشاهد بكثرة في شهر نوفمبر، ويكثر في القنوات المائية نوعان من السمك وهما السمك البلطي النيلي وسمك الجمبوزي، وتقل في وسط البحيرة" وأضاف "وتم تحديد 19 نوعا من الطيور المائية بعضها مستوطن كاليمام والقبرة وحمام القوسي والحجل وأخرى مهاجرة كدجاجة الماء وبط الشهرمان والسمق وطير الذعر والزقزاق الإسكندراني والبلشون الصغير والكروان المائي وأبو لحن وأحمر الكرعان (أبو المغازل) والكرسوع وأخرى تتردد على ضفاف البحيرة". مياه البحيرة تتغذى البحيرة من ضخ فائض مياه الري الزراعي.. بواسطة محطتي الضخ في السبخة القريبة منها ليتم بذلك القضاء نهائيا على المستنقعات الموجودة قبل إنشاء المشروع ونتيجة لتجميع مياه الري الزراعي في هذه البحيرة أعطت المنطقة أهمية ترفيهية وشجع الأهالي والمقيمين على ارتيادها طيلة العام وقضاء بعض الأوقات بها وتبلغ طاقة البحيرة التخزينية ما بين (8 - 10) ملايين متر مكعب من المياه سنويا، حيث تؤوي إليها أعداد كبيرة من الطيور المهاجرة طوال العام، وقد عمدت بعض الجهات الأكاديمية والبحثية لعمل بعض الدراسات البيئية والبحثية على البحيرة منها مركز أبحاث المراعي والثروة الحيوانية بالجوف وجامعة الجوف، وجامعة الملك سعود. وعود استثمارية وتعتبر بحيرة دومة الجندل بالجوف البحيرة الطبيعية الوحيدة في الجزيرة العربية، وتتوفر المياه فيها على مدار العام، وتقع على مساحة كبيرة جدا وقد أكد الجيولوجيون أن دومة الجندل من أغنى مناطق العالم بالمياه، والبحيرة تحفها الجبال من عدة اتجاهات، ويشرف عليها من الجهة الغربية نخيل دومة الجندل. وتنتظر البحيرة الوفاء بالوعود الاستثمارية والتي أطلقتها مؤخرا أمانة منطقة الجوف جاء ذلك في مطالبات أهالي المحافظة للمستثمر أن يُنفذ المنشآت التي وقع عليها بالعقد المبرم بينه وبين أمانة منطقة الجوف والتي اشتملت المرافق والمشاريع السياحية موضحين أن هذا الاستثمار سيعزز الدور التنموي لمدينة دومة الجندل خاصة ومنطقة الجوف عامة وذلك لأخذ الريادة نحو التوجه إلى عالم السياحة والترفيه والمضي قدما في سبيل التنمية السياحية الحقيقية على أرض الواقع. وحمل المواطن جمال الحسن المستثمر مسؤولية تأخير إقامة المنشآت الاستثمارية على البحيرة، وقال "ما زالت دومة الجندل تنتظر استغلال مواردها السياحية، في ظل التطور والازدهار العمراني التي تشهده المنطقة". وأضاف "وما يشجع على الاستثمار وجودها في منطقة أثرية تاريخية يوجد بها مسجد الصحابي عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - وقصر مارد التاريخي، والحي الأثري القديم". فيما قال المواطن عواد النزال "إن السياحة هي صناعة عصرية واعدة، وهي تطوير للأسس والدعائم الموجودة في المدينة"، متمنيا وضع لوحات على طريق حائل الجوف وطريق سكاكاالجوف تشير إلى موقع البحيرة. واعتبر المواطن سالم الروضان أن الحركة السياحية بدومة الجندل تشهد نموا بطيئا، وقال "يجب أن يكون متسارعا في الفترة المقبلة، بعد أن شرعت الهيئة العليا للسياحة، في حصر المواقع والمدن السياحية ومن ضمنها محافظة دومة الجندل والتي تشتمل على البحيرة والعديد من المواقع الأثرية بالمحافظة". وأشاد المواطن جزاع السهو بالمميزات الاستثمارية التي ستعود على المنطقة وأهلها في حال استثمارها، وقال "استبشرنا خيرا عند سماعنا بأن مستثمرا من خارج المنطقة وقع عقدا لاستثمار البحيرة، ولكن إلى الآن لم نر شيئا"، وطالب بلدية دومة الجندل أن تتيح الفرصة للمستثمرين الصغار لمساعدة الأهالي ولنمو السياحة فيها. توازن بيئي وسياحي وفي تصريح أشار مدير عام إدارة تطوير المواقع السياحية بالهيئة العامة للسياحة المهندس أسامة الخلاوي إلى أن الإعداد للبدء في تنفيذ مشروع تطوير بحيرة دومة الجندل يأتي بعد عدة اجتماعات لهذا المشروع السياحي الهام وتقديم كافة أوجه الدعم للمستثمر لإنجاز المشروع بالشكل المأمول، موضحا أن الاجتماع بحث عددا من الأمور المتعلقة بتوفير الخدمات في المشروع وإنجاز الدراسات المتعلقة به. وأكد على أن اهتمام الهيئة ببحيرة دومة الجندل يأتي في إطار اهتمامها بتطوير عدد من المواقع السياحية البيئية والطبيعية انطلاقا مما أوصت به استراتيجيات تنمية السياحة في المناطق ومن ضمنها استراتيجية التنمية السياحية بمنطقة الجوف. وأضاف "وقد عمدت الهيئة إلى طرحها للاستثمار السياحي، بدءا بمشروع التهيئة المرحلية وتصور لها، ومن المتوقع أن تكون بحيرة دومة الجندل من المواقع السياحية الهامة إذا ما تم تنفيذ التصور المبدئي لتطوير البحيرة والذي يضمن التوازن ما بين التطوير السياحي والمحافظة على خصائصه البيئية والمعالم الطبيعية". متابعة من جانبه أوضح أحد أعضاء مجلس المنطقة - فضل عدم ذكر اسمه – أنه "يجب متابعه التصاميم مع المستثمر من قبل الأمانة لعدم توفر جهاز فني كاف ببلدية دومة الجندل والتعامل مع هذا المشروع الحيوي بشكل مباشر نظرا لأهميته وليس كمشروع صغير، وإجراءات تسليم الموقع لم تتم حسب ما ورد بالعقد (بعد شهر من توقيع العقد) وقد تنازل المستثمر عن الجزء المستقطع من الأرض وذلك بإضافة مساحات إضافية على الجهات الأخرى ومن ثم استلامها من قبل المكتب الهندسي، وأن المدة التي أعطيت للمقاول (المستثمر) كافية وعليه إثبات رغبته حيث بقي أربعة أشهر من المهلة التي أمر بها أمير المنطقة ونحن نؤيد سحبها بعد انقضاء هذه المدة وعلى الأمانة تحديد البدائل وسرعة الطرح كإحدى هذه البدائل وتحديد الغرامة القانونية عليه في حاله عدم إبداء استعداده للنهوض بالمشروع وتسليم التصاميم". انسحاب المستثمر من جهته أوضح رئيس بلدية دومة الجندل فهد المشعان انسحاب المستثمر من مشروع تطوير البحيرة سياحيا وقال "المستثمر الأول انسحب.. وسيتم الإعلان عن مناقصة استثمار البحيرة في ربيع الأول الحالي وسيتم تقديم الأفكار لأمانة الجوف لتستثمر في الجوانب الترفيهية والفندقية"، مشيرا إلى أهمية تلاشي السلبيات السابقة وفق رؤية جيدة للاستغلال الاستثماري المثمر الذي سينعكس إيجابا على الجوف وزوارها. وأشار إلى أن هناك خطة تشغيلية للبلدية بخصوص الأعمال التي تم تنفيذها بالقرب من البحيرة حيث تم تنفيذ مسطح أخضر على الجانب الأيمن والأيسر وعدد من الملاعب للطريق المؤدي للبحيرة بالإضافة إلى بعض الأعمال الجمالية. يُذكر أنه تم توقيع عقد استثمار بحيرة دومة الجندل قبل سنتين تقريبا كاستثمار سياحي لخدمة المنطقة وزوارها بإنشاء فندق ومنتجعات سياحية ومطاعم وألعاب ترفيهية ومدرج طيران ومتحف مائي وعربات معلقة وقوارب مائية ومتحف تراثي وتنظيف البحيرة من الشوائب وتعقيم المياه وإنشاء نوافير لتحريك المياه، وإضاءات ملونة، ولم يتم تنفيذ شيء من هذا القبيل.