تشهد ملاعب تونس اليوم الجولة الاولى من الدوري التونسي لكرة القدم للمحترفين بعد 100 عام من كرة القدم الهواية. ويتنافس 12 نادياً هي الترجي الرياضي صاحب ثنائية الموسم الماضي، والنادي الافريقي والملعب التونسي ومستقبل المرسي والاولمبي للنقل كلها من تونس العاصمة والبنزرتي والصفاقسي وشبيبة القيروان والنجم الساحلي والاتحاد المنستيري والترجي جرجيس والاولمبي الباجي الذي اخر دوري للهواة بفاجعة على ارضه خلفت اكثر من لوعة وتساؤلات. واذ تنطلق كل الاندية، نظرياً، بحظوظ متساوية لرفع كأس البطولة في 28 ايار مايو المقبل، فان معطيات الواقع تؤكد ان السباق سيقتصر على الاندية الخمسة الكبيرة وهي الترجي والافريقي والصفاقسي والنجم الساحلي والبنزرتي. والاندية المذكورة هي الاندية الاكثر تتويجاً وتتمتع بموازنة ما بين 3 و5 مليون دينار، وفيها اكثر من 12 لاعباً محترفاً، وذات بنية تحتية محترمة من ملاعب ومراكز تكوين اليافعين وفندق وهيئات ادارية متوازنة وحرفية. ويبدو ان المال هو الفارق الرئيسي مع الاندية السبعة الاخرى لان مجموع موازناتها هو في حجم موازنة الترجي الرياضي. وفي ذلك اكثر من رمز واشارة… وبين 2 تموز يوليو حيث سجل آخر هدف في الموسم الماضي عن طريق حسان القابسي ليرفع فريقه كأس تونس، وبين اول هدف اليوم جرت احداث كثيرة. فقد اختارت اندية الممتاز المدربين التوانسة عموماً، وجدد الترجي ليوسف الزواوي، وعُين الشقيقان البنزرتي مدربين للافريقي والنجم الساحلي... فقط الصفاقسي اعتمد دوس سانتوس البرازيلي والاولمبي الباجي ميلو سلوبودان الكرواتي. اما من حيث الانتدابات، فان النجم الساحلي يبدو المستفيد الاول باقتناصه افضل لاعب اجنبي في تونس للموسم الماضي الليبي طارق التايب ب500 الف دينار من الصفاقسي، وفوزه كذلك بأغلى لاعب في موسم الانتدابات لاعب المرسى سابقاً امير المقدسي ب325 الف دينار، مع سماحه لمنير بوقديدة بالاحتراف بسويسرا... كما ان النادي الافريقي الذي شرب من مياه الخيبة في آخر دوري للقرن أثرى رصيده البشري بصانع العاب "غير محظوظ" سابقاً هو فاروق الطرابلسي وكذلك رياض الجلاصي وفريد شوشان المغضوب عليهما من النجم الساحلي. لكن ذلك لا يمنع ان سفينة الافريقي ربما عرفت عواصف في نهاية السنة الحالية وهي مرتبطة بصراع موازين القوى وجماعات النفوذ... ويبدو ان اهم الخاسرين في صفقات الصيف هو الصفاقسي الذي غادره جون بنزا الكونغولي، وهرب منه طارق التايب في انتظار معرفة وجهة اسكندر السويح. دويعشق التوانسة فصل الصيف، عنوان الاجازات والشواطئ والاعراس في انتظار اول الفواتير مع اطلالة الخريف… ويعيش المجتمع السياسي صيفاً استثنائياً تحضيراً لانتخابات البرلمان والرئاسة التعددية لاول مرة في تاريخ البلاد. اما الشعب الكريم فانه سيواصل في النصف الثاني من الشهر الجاري معانقة البحر بعد ان "عكّر" المطر والبرد والكسوف بداية العطلة. لكن "الملتزمين" من احباء الاندية مثل القبطوط وخالد الحلاق للترجي والسيدتين سالمة الساحلية وبهيجة البنزرتية وميزو الصفاقسي بدأوا في استعداداتهم لاحياء الاجواء داخل الملاعب عبر شراء البنادير والاعلام بمساعدة الشبان كالعموص والكحلة والبهناس.. اما الجماهير فيبدو انها تفضل الانتظار بعد ان هجرت الملاعب في الموسم الماضي، وكانت هذه النقطة موضوعة على جدول اعمال كل الجمعيات العمومية للاندية، فلم تجد جواباً شافياً. وفي تصريح قال الشريف بالامين: "انني اعتز بأن جمهور الافريقي اصبح يتكون في اغلبه من فئات الطلبة والمعلّمين…" ولعل فيما تقدم جزء من الاجابة… فبالامس، كانت الجماهير اغلبها من عالم المهمشين والعاطلين عن العمل والتي يمكن ان تتفهم التجاوزات او تقبلها لحاجتها. اما جماهير اليوم فأصبحت متعلمة، ولعل ادنى حق لها انها تريد ان تفهم. وعقدت في بداية الشهر الحالي الجمعية العمومية لاتحاد الكرة التونسي، ونظرت في مسائل ترتيبية اهمها السماح للحراس الاجانب بالعودة، وكان من المنتظر البحث في مسائل مهمة لمستقبل اللعبة مثل العنف اللفظي وازمة التحكيم والاحتراف. لكن يبدو ان الآني تغلب كالعادة على المستقبلي، لينطلق دوري الاحتراف الاول في انتظار ساعة الحقيقة لكرة القدم التونسية في نهائيات امم افريقيا المقبلة.