غادر لاعب مستقبل المرسى والمنتخب الأولمبي التونسي لكرة القدم أمير المقدمي الضاحية الشمالية للعاصمة ليلعب الموسم المقبل في جوهرة الساحل سوسة، وتحديداً في النجم الساحلي، مقابل 325 ألف دينار مع إضافة 20 في المئة عند احترافه في الخارج. بذلك، تمكن مستقبل المرسى من خفض عجز الموازنة إلى حدود معقولة، وكسب النجم الساحلي مهارة لم تتجاوز ال20 ربيعاً، وفتح المستقبل لأمير على أبواب اللانهاية. وطالب عادل السليمي لاعب فرايبورغ الألماني بمبلغ 400 ألف دينار ومرتب شهري لا يقل عن 10 آلاف دينار بغض النظر عن مكافآت الفوز للعودة إلى مهده الاصلي النادي الافريقي... والمفاوضات لا تزال مستمرة. ولم يملك جمهور الافريقي سوى المناداة "ارجع يا عدولة"، وهي دعوة لا تعني شيئاً في زمن الاحتراف سوى الحنين الى الأيام الخوالي، وحب المريول، والبكاء على الاطلال. وتعرف تونس في الصيف نسقاً بطيئاً للحياة الاقتصادية والتبادلات التجارية لتترك المجال في زمن الاجازات للتمتع بالبحر واللمة العائلية والافراح والأعراس. لكن رنين الهاتف النقال لا يتوقف... وتشهد فنادق النجوم الخمس ومقاهي المدينة العتيقة هذه الأيام حركة كبيرة وإبرام صفقات انتقالات اللاعبين أبطالها السماسرة وصفحات الجرائد ورؤساء الأندية الصغرى والكبرى، وكلمة السر فيها "من يدفع أكثر؟"... اما اللاعبون فهم آخر من يعلم. وأجاز اتحاد الكرة منذ تأسيسه سنة 1957 الانتدابات الانتقالات المحلية ووضع لها إطارها التشريعي. وفي عهد الهواية، شهدت الأندية بعض الانتقالات مثل الجناح الطائر تميم الخرامي من حمام الأنف إلى الترجي، ونجم الملعب التونسي والمنتخب نورالدين ديوة إلى شيخ الأندية التونسية كذلك، فيما انتدب النجم الساحلي الحارس المنصف طبقة من الاتحاد المسنتيري. وكانت تحولات لاعبين من الترجي إلى الافريقي أو من الصفاقسي إلى الترجي ترتفع إلى درجة المحرمات، وتنعت مباشرة بالخيانة، إلى أن كسر نبيل معلول لاعب الترجي هذا "التابو" وانتقل إلى الافريقي. وحتى في زمن الاحتراف، لا زالت هذه الانتدابات ينظر إليها بكثير من الريبة والاحتراز. وعرفت تونس منذ بداية السبعينات نشأة السوق المالية أو بورصة تونس، لكن بقي نشاطها محدوداً جداً قياساً إلى زمن اقتصاد السوق والانفتاح والخصخصة... ويشهد المؤشر العام لسنة 1998 صعوداً بنسبة 29 في المئة، نتيجة للحركة بين الشركات المدرجة وجذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد ودعم البنية التشريعية. الافريقي المستفيد الاول وفي بورصة اللاعبين يمكن اعتبار النادي الافريقي أكبر مستفيد إلى حد الآن من الانتدابات المحلية، فقد انتدب 3 لاعبين من النجم الساحلي هم فاروق الطرابلسي الذي اشتراه السواحلية من الحديد الصفاقسي بمبلغ 250 ألف دينار وبقي موسمين من دون أدنى إضافة، ونجما النجم الساحلي "الغاضبان" رياض الجلاصي وفريد شوشان. كما ابرم الافريقي صفقة مهمة مع ترجي جرجيس حيث ضم المدافع صلاح بن زيد واللاعب الشاب فؤاد سلامة... وبذلك نوّع الافريقي انتداباته بعد أن كان يركز من قبل على الأولمبي الباجي الذي قدم منه ماهر السديري ونبيل الكوكي والهادي المقراني. وفي تاريخ الانتدابات الحالية عرفت صفقة حسان القابسي جدلاً كبيراً بين النجم الساحلي والترجي الرياضي وصلت إلى المحاكم الرياضية والإدارية. وكسب الترجي في النهاية لاعباً من معدن خاص. كما ان الترجي يُعرف تقليدياً بانتداباته الناجحة بفعل موازنته الضخمة ولأهميته وثقل رئيسه سليم شيبوب. فخالد بدرة جاء من عاصمة الاغالبة القيروان، وطارق ثابت وعيادي الحمروني وأخيراً علي الزيتوني من قابس، بل استقبل كذلك "شيوخ" الأندية امثال عبدالحميد الهرقال والمنذر المساكني ومحمود الفيتوري. ولعل أهم صفقة للترجي في الدوري المقبل قدوم صانع ألعاب الباجي مراد المالكي بعد انتظار دام موسماً كاملاً وجدل واسع وانخفاض في الأسهم. ويستعد النادي الصفاقسي للمواعيد المحلية والافريقية بتربص معسكر خارجي في فرنسا في انتظار دورة الأهلي السعودي الودية في مدينة ابها، وشهد الوفد المغادر مطار تونسقرطاج التحاق اللاعب عماد بن يونس، لاعب النجم الساحلي الذي يمكن اعتباره لاعب بورصة اللاعبين من دون منازع في عشرية التسعينات. فقد انتقل هذا اللاعب من الحديد الصفاقسي منجم اللاعبين المحليين إلى سوسة ب150 ألف دينار في منتصف التسعينات، ما اعتبر رقماً خيالياً آنذاك، ومن يومها بدأت العجلة تدور نحو التصاعد. ويكفي أن نذكر لفهم هذا التصاعد الجنوني للمؤشر العام لأسعار اللاعبين ان كمال الغرابي لاعب النجم سابقاً انتقل بمبلغ 3 آلاف دينار ،ولم يقبض نادي هلال مساكن من صفقة زبير بية الذي بيع لفرايبوغ الالماني بمليوني دينار سوى 10 آلاف دينار... والأكيد ان هذه الأندية الصغيرة تستفيد من هذه الانتقالات مهما كان حجمها صغيراً، وكذلك اللاعبون. ولعل أهم المستفيدين هم السماسرة، وبلغة حرفية وسطاء البورصة.