مدريد - أ ف ب - اغتنمت الرباط الازمة السياسية في سبتة ومليلة من أجل اعادة طرح مطالبها القديمة في الجيبين المحتلين الواقعين في شمال المغرب، الأمر الذي أثار مخاوف اسبانيا المتمسكة بشدة بسيادتها على آخر الأمكنة التابعة لها في القارة الافريقية. ويطالب المغرب من دون كلل منذ 43 عاماً باسترجاع سبتة ومليلة اللتين ضمتهما اسبانيا عامي 1496 و 1580 على التوالي، وقدم اقتراحات متعددة للتفاوض على انهاء احتلالهما لكنه اصطدم دائما بالرفض القاطع للسلطات الاسبانية. وباتت سبتة ومليلة 70 و 60 الف نسمة على التوالي معقلاً للهجرة غير الشرعية والتهريب بكل اشكاله بسبب وقوعهما بين اوروبا وافريقيا، وتحولتا منذ شهرين مسرحاً لمواجهة سياسية بالغة القسوة. وتحاول الاحزاب التقليدية قطع الطريق على انصار الشعبوي جيسوس جيل صاحب الطباع الشرسة ورئيس نادي "اتليتيكو" لكرة القدم في مدريد ورئيس بلدية ماربيا الذي يواجه مشاكل مع القضاء نظراً الى الاشتباه في صلاته مع المافيا الصقلية. وحلت المجموعة المستقلة الليبرالية التابعة لجيسوس، والتي تعهدت "تنظيف" سبتة ومليلة، في المرتبة الاولى خلال الانتخابات البلدية الاخيرة في 13 حزيران يونيو الماضي، مقتربة من الغالبية المطلقة. وسرعان ما تحالفت الاحزاب الاخرى في "اتحاد مقدس" لمنع المجموعة، التي يعتبرونها "خطراً على الديموقراطية"، من الوصول الى السلطة. الا ان الانقسامات طغت على "الاتحاد المقدس" بدءا بانتخاب رئيس مستقل لبلدية مليلة هو البربري من اصل مغربي مصطفى ابرشان بأصوات المجموعة الليبرالية المستقلة والاشتراكيين، وانتهاء بانشقاق العضو الاشتراكي في مجلس بلدية سبتة وانضمامه الى المجموعة الليبرالية الاسبوع الماضي. ويتهم الاشتراكيون المنشق عنهم بقبض ثمن لتغيير موقفه. من جهته، استغل رئيس الوزراء المغربي السيد عبدالرحمن اليوسفي المناخ السائد من اجل اعادة تأكيد مطالب المغرب في المدينتين بطريقة مبطنة. وقال لإحدى الاذاعات الاسبانية ان "الوقت حان للتفكير سوية في وضع جديد للمدينتين وتهيئة الرأي العام الاسباني جديا لمتابعة هذا التفكير". واضاف "ان ما قام به بعض السياسيين في مليلة وما يقومون به في سبتة حالياً هو افضل برهان على ان الوضع الحالي في المدينتين لن يكون قادراً على الاستمرار". وأغضبت هذه التصريحات الوسط السياسي والصحافة في اسبانيا. واعلنت الناطقة باسم الحزب الشعبي الحاكم وسط اليمين مرسيديس دو لا مرسيد انه "سيتم الدفاع عن سبتة ومليلة ضد اي اعتداء محتمل من دولة اخرى". واعتبر الحزب الاشتراكي ان تصريحات اليوسفي "مشبعة بالانتهازية وفي غير محلها". وعنونت صحيفة "الموندو" الليبرالية امس صفحتها الاولى ب"التدخل غير المقبول من رئيس الوزراء المغربي" ورأت ان تصريحاته "تعتبر اول مؤشر على استمرار السياسة المطلبية" في المغرب بعد اعتلاء الملك محمد السادس العرش.