رجحت مصادر عراقية ان يكون تصعيد الرئيس صدام حسين مع ايران وتهديده باستخدام القوة "اذا لزم الامر" خلال خطابه في الذكرى الحادية عشرة لانتهاء الحرب العراقية - الايرانية "رسالة" الى قوى عربية واقليمية ودولية. وذكرت ان التصعيد يعكس ايضاً مؤشرات لجهة قدرة صدام على "إلحاق اكبر قدر من الاذى بالشعب العراقي، اذا لجأ الى انتفاضته". وقال ل"الحياة" ضباط متقاعدون وآخرون تمكنوا من الفرار من العراق، وعاشوا فصول الحرب مع ايران وحرب تحرير الكويت، ان مراجعة لتوازن القوى بين العراقوايران تشير الى "ارجحية" الجانب الايراني في التسليح والاستعداد، فيما اعتبر سياسيون معارضون ومستقلون ان صدام قصد توجيه الانظار الى الدول "المتضررة" من النفوذ الايراني. واتفق العسكريون والسياسيون العراقيون على ان ما قاله نائب رئيس الوزراء طارق عزيز حول "قضايا اخرى" اضافة الى قضية الاسرى باعتبارها تعرقل تطبيع العلاقة بين بغداد وطهران "لا يعبّر عن حقيقة الوضع"، ولفتوا الى قضايا اخرى تتمثل خصوصاً في وجود قوات المعارضة: منظمة "مجاهدين خلق" في الاراضي العراقية و"فيلق بدر" التابع ل"المجلس الاعلى للثورة الاسلامية" في الاراضي الايرانية، الى جانب قضية التعويضات المالية التي تصرّ ايران على ان العراق مُطالب بدفعها بسبب "مسؤوليته" عن اندلاع الحرب. وهناك ايضاً قضية الطائرات التي اودعها صدام لدى ايران عشية حرب الخليج الثانية، واعترف في خطابه بخطأ قراره. ورأى سياسيون عراقيون ان لغة التهديد التي استخدمها صدام هدفها توجيه الانظار الى "التهديد الخارجي" ممثلاً بايران "لتغيير مسار الاحداث داخل العراق". وذكروا ان "اثارة لغة العدوان الاجنبي" و"الحديث عن الاطماع الايرانية" يعكسان سعي القيادة العراقية الى امتصاص "النقمة المتزايدة عليها من كل فئات الشعب العراقي". ولاحظ ضباط وطيّارون سابقون ان هناك نوعاً من "الوضع المتماسك" لدى وحدات الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص وقوات الامن الخاص والطوارئ، لكنهم نبهوا الى حال "تردٍ عام في اوضاع وحدات الجيش" يجعلها "خارج اي اشتباك حقيقي". واشاروا الى ان القوة الجوية العراقية لم تعد تملك "قوة طيران حقيقية" للهجوم او الدفاع ورجحوا انها لا تتجاوز 120 طائرة من اصل 560 كانت توفر للعراق اثناء الحرب مع ايران "سيطرة جوية مطلقة". وذكر ضباط شهدوا المواجهات الاخيرة بين مجموعات المقاومة في بغداد وبين قوات الامن و"فدائيي صدام" ان تهديدات الرئيس العراقيلايران جاءت "رد فعل لهواجس النظام حول مسؤولية ايران وتنظيمات المقاومة الشيعية الموجودة على اراضيها في اسناد الهجمات على مراكز النظام الحساسة والمحافظة على امنه". واعتبروا ان الاشتباكات التي تشهدها بغداد والمحافظات في الوسط والجنوب في شكل يكاد يكون يومياً "اكبر خطر حقيقي يتعرض له صدام" منذ الانتفاضة عام 1991. وخلص سياسيون، بعضهم عمل حتى سنوات قريبة في مؤسسات عراقية رسمية الى ان "اتساع النقمة على نظام صدام، وانضمام فئات ورموز كانت الى فترة تعتبر من مؤيديه الى المعارضة، لن يوقفا أحاديث الرئيس عن الأطماع الايرانية، واضافوا ان "انهياراً تاماً تعرضت له موارد العراق البشرية والمادية" افقد الرئيس "سنداً حقيقياً لمناورته السياسية".